عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    19-Mar-2023

الدبلوماسية الصينية تقود العالم من أجل السلام*م. مهند عباس حدادين

 الراي 

لقد أشرت سابقاً بداية هذا الشهر من خلال توقعاتي في حديثي لأكثر من موقع على الصحافة الإلكترونية بأن "آذار شهر الدبلوماسية العالمية", وهنا نكمل على ما جرى وسيجري على أرض الواقع من دبلوماسية عالمية لإحلال السلام العالمي والذي تقوده الصين لأسباب سنتطرق لها في هذه المقالة.
بعد إعادة انتخاب الرئيس الصيني شي جين بينغ بتاريخ 10 آذار من قبل نواب المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني لولاية ثالثة مدتها خمس سنوات, ليصبح هذا الرئيس أول رئيس يُنتخب لثلاثة ولايات متتالية, وكان المجلس من خلال اجتماعاته خلال ذلك الإسبوع قد رسم سياسة الصين المستقبلية وكيفية تطبيقها على أرض الواقع رغم التحديات السياسية والعسكرية والإقتصادية التي تواجهها. انطلقت بعدها الدبلوماسية الصينية وأبدعت بدايةً في جمع قطبي الصراع الآسيوي في منطقة الشرق الأوسط للجلوس على طاولة واحدة في الصين, عندما جمعت كل من السعودية وإيران في خطوة غير مسبوقة أنهت قطيعة بين البلدين منذ عام 2016 زادت خلالها توترات منطقة الشرق الأوسط بأكملها لم تفلح خلالها الإدارات الأمريكية السابقة في نزع فتيل الخلاف بينهما.
 
إن هذه الخطوة هي تمهيد لحل كثير من النزاعات السياسية والعسكرية في منطقة الشرق الأوسط بدءا من النزاع الخليجي- الإيراني, وتأثير الأذرع الإيرانية في الخليج العربي والشرق الأوسط من خلال ما يجري في اليمن والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين, ناهيك عن ما ستحققه بلدان هذه المنطقة من إزدهار اقتصادي واستقرار سياسي لمصلحة دولها وشعوبها.
 
قد يسأل سائل ما الذي ستجنيه الصين من ذلك؟ إن سياسة الصين الخارجية المعتدلة تعمل لصالح اقتصادها وهو تأمين مصادر النفط الخاصة بها, بانسيابية وسلاسة وحيث أن الصين تُخطط في المستقبل لزيادة استيرادها من النفط والغاز من منطقة الخليج فهي بحاجة إلى ضمان آمن لهذين المصدرين, إضافة إلى تسويق منتجاتها بسهولة ويسر من خلال المعابر البحرية لكل من أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط من خلال المرور الآمن من بوابة باب المندب ومضيق هرمز وقناة السويس, وهذا ما خططت له ضمن مبادرة الحزام والطريق التي أطلقتها الصين عام 2013 لتستمر خلال العقود القادمة لعام 2049, لتشارك فيها قرابة 132 دولة باستثمار عالمي يصل إلى 26 ترليون دولار تساهم فيها الصين ب8 ترليون دولار.
 
ولكي تستكمل الصين وصول بضائعها إلى جميع أنحاء أوروبا ضمن نفس مبادرتها «الحزام والطريق", كان لزاماً عليها التدخل لإنهاء الحرب الروسية–الأوكرانية بأسرع وقت ممكن, حيث قامت الدبلوماسية الصينية بداية هذا الشهر بالتحرك من خلال الوثيقة الصينية التي نشرتها وزارة الخارجية الصينية والتي تتضمن 12 نقطة, قالت إنها تحتوي على خطوات لحل الأزمة الروسية–الأوكرانية داعية إلى بدء محادثات السلام, وعبرت فيها عن رفضها اللجوء للسلاح النووي.
 
وبعدها بأيام شهدنا لقاء مهما بين وزيري خارجية أمريكيا بلينكن ونظيره الروسي لافروف على هامش اجتماعات مجموعة العشرين في الهند وهو الأول منذ عام, وهذا الإجتماع وُصف للحفاظ على خيوط الإتصال بين أقوى دولتين في العالم, وهو من شأنه أن يمهد لاجتماعات ومشاورات أخرى قد تُفضي إلى صيغ اتفاقيات مبدئية للجلوس على طاولة المفاوضات تمهيداً لحل النزاع الروسي- الأوكراني.
 
وقد تزامن اللقاء السابق لوزيري خارجية البلدين الأمريكي والروسي لقاء آخر بين نائب وزير الخارجية الروسي ريابكوف وممثلين عن الوفد الأمريكي على ضوء مؤتمر نزع السلاح في جنيف, لبحث التعاون في إطار الحد من الأسلحة الهجومية النووية والذي أعلنت روسيا مؤخراً تعليق مشاركتها في معاهدة «نيو ستارت» مع الولايات المتحدة للحد من الأسلحة النووية.
 
فالأيام القادمة ستشهد قمة الدبلوماسية الصينية وذلك بالزيارة الُمرتقبة للرئيس الصيني شي جين بينغ ولقاءه بالرئيس الروسي بوتين في اجتماع سيُناقش فيه القضايا العالمية والإقليمية ويحمل معه مبادرة سلام تفصيلية لإنهاء الحرب الروسية – الأوكرانية قد يتبعه لقاء آخر للرئيس الصيني بالرئيس الأوكراني زيلينسكي على أمل أن يدعو أطراف الصراع إلى الجلوس على طاولة المفاوضات من خلال الوصول إلى قواسم مشتركة تقبل بها جميع الأطراف وحلفائهم, كل ذلك بآمال يترقبها العالم بعيداً عن الشد العكسي من قبل دول أخرى لا ترغب بإنهاء هذه الحرب لتعمل على إطالة أمدها ومحاولة التضييق على الجهود الصينية في هذه المساعي.
 
إن الصين الطامحة بالتربع على الإقتصاد العالمي عام 2030 بناتج إجمالي 64 ترليون دولار, في وقت تتهاوى فيه البنوك الغربية والتي قد تُنذر بمشاكل إقتصادية في الولايات المتحدة وأوروبا قد تطيح بهذه الإقتصادات, فهل يدفع الغرب الصين من خلال توترات عسكرية جديدة تدخلها في نزاعات مسلحة في منطقة المحيط الهادي مع الولايات المتحدة وحلفائها في تلك المنطقة من خلال الأزمة التايوانية؟ وكان آخرها اجتماع أوكوس الثلاثي بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا, أو هل سيتم الزج المباشر بالصين في الصراع العسكري الروسي مع أوكرانيا؟
 
باعتقادي إن من يتعمق في دراسة وفهم العقيدة الصينية سيُدرك الحكمة التي يتمتع بها قادة الصين وعلى رأسهم الرئيس الحالي في تجنب أي صراعات عسكرية لا غالب فيها ولا مغلوب, يُطلق فيها العنان لاقتصاد بلاده للازدهار والتقدم.