«خطوط المكان.. ودوائر الذاكرة» كتاب جديد للشاعر عبد الرزاق الربيعي
عمان –الدستور - عمر أبو الهيجاء - عن الجمعيّة العمانيّة للكتّاب والأدباء، صدر للشاعر عبد الرزّاق الربيعي كتابه الجديد «خطوطُ المكان.. ودوائرُ الذاكرة»، وللكتاب الذي نشرته دار «مسعى» في المنامة ويقع في 191 صفحة من القطع المتوسط، عنوان ثانوي هو «تأمّلاتٌ في تبدّلات الأمكنة، وتحوّلات الأزمنة».
يتألف الكتاب من ثلاثة أقسام هي «خطى في المكان العماني» احتوى على عدد من المقالات حملت العناوين: الكتابات الصخريّة : أشجان فوق صخور عمان، و الجيولوجيا العمانية، مسقط والشعراء: ذوبان في عشق المكان، سوق الظلام في مطرح: خديعة الوقوع بين الظلّ والظل، وكهف الهوتة : أسماك عمياء في ظلام محاط بالأسرار، قلعة الرستاق: مكانة رفيعة في التاريخ العماني، ووادي بني خالد: جنّة الخلد العمانية، ووادي مستل: روضة الأنس، ونسيم النعيم، وصور العفيّة : بوّابة عمان الشرقية، جوهرة مسقط :تاريخ مكتوب على صفحات المحيط الهندي، جبل (أيتين) : صعودا إلى صبر (أيّوب)، الشعر في هواء (الأخضر) الطلق، (العوّابي) : الحصن مسرح مفتوح
وخصّص القسم الثاني لأمكنة عربية، وأجنبية، فحمل عنوان» خطى أخرى» وضمّ العناوين التالية: البياض يليق بـ (عروس الحجاز)، في (عيون) الصحراء المغربيّة : زغاريد، وعرس أخضر، (جُبيل) اللبنانيّة: أقدم مدن العالم المسكونة، (مصر) التي في عيوننا، (الموصل) : أمّ الربيعين، وحنجرة المغنّي، معزوفات تمحو الدم من مدرّجات»الجم»، مهرجان في شارع بغدادي، سقطرى بعد خراب( مكونو)، كرنفال» ماسترخت» الهولندي: مواكب، وأقنعة، وحكايات خرافيّة، باريس: عواصف البياض، وأحضان الشرق الدافئة، وجه أوروبا الشتويّ، ( مانشستر بونايتد) : من فريق تابع لشركة سكّة الحديد إلى أشهر أندية العالم.
أما القسم الثالث فقد كان أقرب ما يكون للسيرة الذاتية وحمل عنوان:»دوائر الذاكرة»، وضمّ العناوين: عندما اصطحبنا الحقائب، وصاحبنا الجوازات، في الطريق إلى البيت، المعلّم الأوّل، كنتُ شابّا قبل ربع قرن، محراب الأدب، وزقاق الصحافة، غواية القصيدة، وفتنة( مهنة المتاعب)، حكاية صورة مع أسطورة، الصور القديمة: شلّال من التداعيات،الصحفيّون الصغار: نحن هنا، أحاديث المطر، بياض نوارس موجة (الصكر)، القدس.. ذاكرة لا تموت، ويختتم كتابه بـ»رسالة مفتوحة إلى دجلة»، وهي الرسالة التي وجهها لابنته موجّها لها بعض النصائح التي تتعلق بالقراءة والكتابة.
وجاءت التأملات بأسلوب شيق، ممزوجة بالسرد، والمعلومات التي تعكس ثقافة الشاعر، وثراء تجاربه في الحياة، كاشفا عن علاقاته العميقة بالأمكنة، والعلامات الثقافية العربية.
يقول في مقاله «كنتُ شابّا قبل ربع قرن» «في طفولتي، حينما سمعت المطرب الريفي» داخل حسن « يردّد بأسى بيت أبي العتاهيّة:
ألا ليت الشباب يعود يوما
لأخبره بما فعل المشيبُ
لم أكن أتخيّل، أنّ الإنسان يمكن له أن يحزن إلى هذا الحد لذهاب مرحلة من عمره، وهو حزن لم تنفع معه جرعة الأمل التي تعطيها كلمات الخليفة العباسي المستنجد بالله، التي ردّدتها حنجرة ناظم الغزالي:
عيّرتني بالشيب وهو وقار
ليتها عيّرت بما هو عار
إن تكن شابت الذوائب مني
فالليالي تزينها الأقمار»
ويمضي يقول الربيعي في سرده الرشيق: ويظلّ الشيب، في حالات كثيرة، نذيرا بأفول عهد الشباب الذي يظلّ عهد الحيويّة، والنشاط، وربيع العمر، وهو» الكتلة الحرجة التي تحمل أهم فرص نماء المجتمع وصناعة مستقبله» كما يقول مصطفى حجازي، ومن البديهي أنّ تختلف معايير تحديد هذه المرحلة، من مجتمع لآخر، ففي المجتمع البدوي يكون النضج أسرع تبعا لطبيعة الحياة القاسية» ويستمر في تداعياته حتى يقول « بالنسبة لي، فقد أحسست بوهج الشباب مع سماعي أصوات القصف، وصافرات الإنذار، وأزيز الرصاص،وانطلاق الصواريخ المضادّة للطائرات، وتشكّل سحب الدخان في سماء بغداد، وانتشار لافتات الموت السود في الشوارع، ومفارز التفتيش، وجنائز الشهداء عند اندلاع حرب الخليج الأولى في 1980،التي استمرّت ثماني سنوات، احترق خلالها الأخضر بسعر اليابس، ومن ثم نشوب حرب الخليج الثانية، عام1991 م وإقرار الحصار على العراق، ومن ثم مغادرة بلدي، إلى المجهول عام1994م، حيث سنوات الغربة، والصراع المتواصل في معترك الحياة اليوميّة من أجل تأمين قوت اليوم، من حيث يأتي قول المتنبّي:
«بم التعلّل لا أهل ولا وطن
ولا نديم ولا كأس ولا سكن»