عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    01-Oct-2024

الإعلام في عصر الفوضى الرقمية*عمران السكران

 الراي 

الصراع الدائر الآن في منطقة الشرق الأوسط، خاصةً المشهد السياسي والإعلامي التراجيدي على الساحة اللبنانية وسلسلة الاغتيالات التي استهدفت قادة حزب الله واختُتمت باغتيال حسن نصر الله، أثار مسألة ملحة حول التغطية الإعلامية لهذه الأحداث، أو ما يجري في المنطقة بشكل عام. فقد أصبح عصر وسائل التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي سيد الموقف، حين قلب موازين الصحافة رأسًا على عقب.
 
الصدقية؟ انتهى زمنها. الموضوعية؟ أصبحت رفاهية لا يمكن تحملها. أما بالنسبة للشائعات؟ فهي الآن تتحكم في الرأي العام واتجاهاته.
 
تبدو الصحافة اليوم وكأنها تعيش أحد أسوأ كوابيسها في عصر وسائل التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي. نحن الآن في زمن «انشر أولاً وتأكد لاحقًا... أو لا تتأكد على الإطلاق!"
 
الإعلام اليوم أصبح شعبويًا بامتياز، من خلال إعادة نشر فيديوهات لأحداث جرت منذ زمن بعيد وكأنها وقعت أمس، مثلما رأينا في الفيديوهات التي انتشرت على العديد من وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي قبل الإعلان الرسمي عن اغتيال نصر الله، وكانت تحتوي على احتفالات في مناطق تأثرت بسياسات حزبه في سوريا. كلنا نعرف أن هذه المشاهد قد تكون غير حقيقية أو لحدث وقع منذ زمن وغيرها من المشاهد والأحداث.
 
على عكس الصحافة التقليدية التي كانت تعتمد على الصدقية والموضوعية والتحقق من المعلومات، أصبحنا اليوم بفضل وسائل التواصل الاجتماعي في عصر لم تعد فيه هذه المعايير ذات أهمية! باتت وسائل التواصل الاجتماعي منصةً للجميع ليتحدثوا عن كل شيء، سواء كانوا يعلمون الحقيقة أم لا.
 
خذ مثالاً آخر من العدوان الإسرائيلي على لبنان. في كل مرة يحدث فيها اشتباك أو إطلاق صاروخ، تتسارع الأخبار والشائعات على مواقع التواصل الاجتماعي، وغالبًا ما تكون «المصادر الموثوقة» مجرد شهود عيان مجهولين. هل سمعت عن آخر عملية اغتيال لقائد في حزب الله؟ بالطبع سمعت، سواء كان الأمر حقيقيًا أم لا، لأن الخبر انتشر كالنار في الهشيم. لا حاجة لانتظار بيانات رسمية من الطرفين. لماذا؟ لأن وسائل التواصل الاجتماعي تُعطيك الخبر، والتحليل، والنهاية الدرامية في دقائق معدودة!
 
وفي قضية أخرى كانت مطروحة على طاولات ملتقى «مستقبل الإعلام والاتصال» في نسخته الثانية المنعقد في العاصمة عمّان، كانت الشائعات هي البطل الخفي للرأي العام، بلا شك نجمة العرض.
 
بفضل وسائل التواصل الاجتماعي، انتشرت الشائعات كالنار في الهشيم لتصبح مصدر الأخبار الرئيسي للكثيرين. لماذا نحتاج إلى تقارير إعلامية وصحفية عندما يمكننا سماع قصة مثيرة وغير مؤكدة في أقل من دقيقة؟ ومن يحتاج إلى حقائق عندما تكون الشائعات أكثر تسلية؟ الجمهور يأخذ هذه الشائعات على أنها حقائق دامغة ويبدأ في تشكيل آرائه واتجاهاته بناءً عليها.
 
وبفضل الذكاء الاصطناعي، أصبح من السهل نشر هذه الشائعات بطريقة منظمة وفعالة. بعض الجهات تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل الجمهور واختيار أكثر الشائعات تأثيرًا. وفي بعض الأحيان، تُستخدم هذه التقنيات لتوجيه الرأي العام بطريقة تدعم مصالح معينة.
 
هذا الوضع يشكل تهديدًا ليس فقط على المجتمعات المحلية، بل أيضًا على الحكومات والمؤسسات الرسمية، التي تجد نفسها في مواجهة سيل من الأخبار الكاذبة التي يصعب دحضها. ومع تسارع الأحداث، تجد الحكومات نفسها تركض لنفي الشائعات في محاولة بائسة لإعادة السيطرة.
 
لذلك، إذا كنت تبحث عن الحقيقة، ننصحك بالبقاء بعيدًا عن الإنترنت واستمتع فقط بمشهد إغتيالها... وبالفوضى