الراي
في الكثير من آيات القرآن الكريم تحذير كبير من خطر المنافقين، حتى لقد ذهب أكثر من متأمل في القرآن الكريم مستنبطاً لأحكامه للقول أن المنافقين أخطر من الكفار والمشركين، لأن المنافقين يعملون من داخل المجتمع ويفتون في عضده، ويطعنون في ظهره، ويخذلونه وقت الشدة، بل وينحازون إلى اعدائه، والشواهد على ذلك كثيرة، وثقت بعضها آيات القران الكريم، وذكر التاريخ الكثير منها.
ومثل المنافقين كذلك اليائسون، فهؤلأ، يشيعون روح الاحباط، ويقللون من قيمة الانجاز صغر ام كبر، في نفس الذي يهولون فيه من قوة العدو، وهم بكل ذلك يخدمون هذا العدو مثلهم مثل المنافقين.
مناسبة هذا الحديث هو أن معركة طوفان الأقصى، وما تلاها من عدوان همجي إسرائيلي، أخذ شكل الإبادة الجماعية لأبناء قطاع غزة، هذا العدوان كشف عن وجود الفئتين بين صفوف الأمة، وكلاهما اليائسون والمنافقون، لا ينظرون إلى صمود غزة ومقاومتها على أنه انتصار بحد ذاته، ناهيك عن الانجازات العسكرية الاستخبارية والاعلامية والنفسية، والتغير في مواقف معظم شعوب الارض اتجاه قضية فلسطين وانتقال هذه الشعوب إلى معسكر مناصرة حقوق أبناء فلسطين، فكل هذه إنجازات حققتها معركة طوفان الأقصى، وسيتم البناء عليها، لأنه ما من احد في غزة وخارجها قال ان هذه هي المعركة النهائية في الصراع الدائر على فلسطين، لكنها معركة صنعت تحولا كبيرا في الصراع، واكدت حقيقة ان زمن جيش إسرائيل الذي لايقهر قد انتهى، وكذلك تفوقها الأمني والاستخباري، أكثر من ذلك فإن الكثيرين من زعمائها ونخبها، صاروا يتحدثون، عن قرب نهايتها.
كل هذا الذي قلناه عن إنجازات معركة طوفان الأقصى، يتناساه المهزومون نفسيا اليائسون في بلادنا، ويركزون على الخسائر المادية والبشرية في غزة متناسين ان لكل انتصار ثمنه، متناسين أيضا ان لدى العدو خسائر مادية وبشرية غير مسبوقة منذ أن قام حتى الآن.
ومثلما يهول هؤلاء من خسائر قطاع غزة، فانهم يهولون من الدعم الأميركي والغربي لإسرائيل، وقد نسي هؤلأ ان أميركا وحلفائها الغربيين انهزموا شر هزيمة في الحرب التي شنوها على أفغانستان، وانسحبوا منها مدحورين مذمومين، وكذلك كان مصيرهم في العراق، وكذلك كان مصير الولايات المتحدة الأميركية في فيتنام، وفي لبنان في ثمانينات القرن الماضي، فلماذا يحاول اليائسون والمحبطون أن يسوقوا علينا اكذوبة ان اميركا لا تهزم، مع أنها تكررت هزيمتها مرارا وتكرارا منذ الحرب العالمية الثانية، في الحروب التي خاضتها بصورة مباشرة، أو عبر وكلاء، ولن يكون حظها في فلسطين هي وربيبتها افضل، مهما حاول المنهزمون نفسيا، ان يشيعوا اليأس والإحباط بيننا.