عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    03-Jan-2020

مشوار كلية الطب رحلتي من الابتدائية للأستاذية

 أ. د كميل موسى فرام

الاستعداد والتحضير لرتبة الأستاذية
الراي - تحديد الأهداف بوضوح ووضع الخطط السليمة وبدائلها لتحقيقها، هي حكر للمجتهدين، مع الوضع بعين الاعتبار قائمة الصعوبات والمعيقات البشرية منها أو الظرفية، بل والمبرمجة أو العفوية، فالتسلق للقمة لن ينثر السعادة لأنها بحاجة لمن يبذل الجهد على سلّم فالصعود المبرمج المعتمد على طاقات العمل والذات، أجدى قيمة من جائزة ترضية مدفوعة الثمن، وحيث أنني منذ بدأت مشواري بالعمل في المستشفى وكلية الطب بالجامعة الأردنية، كان هناك تخطيط دقيق للمستقبل ضمن مساحة العمر المقدرة، وقد رصدت له من سنوات العمر ومدّخر الرصيد والجهد، ميزانية كافية للتحقيق بكل أبوابه، وهنا أقصد حصريا حصولي على لقب الأستاذية بكلية الطب في الجامعة الأم، واستشاري أول الأمراض النسائية والتوليد والعقم وجراحة الأورام النسائية، فهو الحلم والهدف، وقد عاهدت عائلتي في الحصن وأميركا، وعائلتي الصغيرة المتمثلة بوالدي قبلرحيله، ووالدتي منيرة مارديني منحها االله الصحة، الزوجة الأنيقة والجميلة ريندا، وقود حياتي وقلبي وخلدي وهم ثروتي وأبنائي؛ فرح ورند وموسى، ومعشر المحبين من مقيمين وطلبة، بأن هناك عملا شاقا وصعبا وطويلا ولكنه ليس بحزب المستحيل، لأجد مساعدة حقيقية وقلبية من الجميع، فرصة لشكر كل منهم بقدر أمنيته وعطائه، خصوصا بوعود معلنة أو مبطنة بالضمير لمشاريع مستقبلية بهدف صرف المردود المادي للترقية على مشاريع أحلام برسم التأجيل لي وللعائلة. طقوس وشروط التقدم لرتبة الأستاذية تحتاج لتفكير وخطة بحثية متكاملة، على أن لا يتقاطع ذلك مع الواجبات الأساسية؛ العائلية، المهنية، الأكاديمية، والاجتماعية، حيث يكمن السر في التوفيق، وأعترف اليوم عبر هذه الصفحة أنني بدأت الاستعداد للترقية منذ اليوم الأول الذي بُلغت فيه بترقيتي لرتبة أستاذ مشارك وأنا أعلم أن هناك فاصلا زمنيا بينهما يمتد لخمس سنوات حسب التعليمات النافذة في الجامعة، ولكنها حكمة تعلمتها من الرئيس الفرنسي الراحل جيسكار ديستان عندما كسب الانتحابات في المرة الثانية بعد خسارته للأولى بقوله: بدأت الاستعداد للانتخابات والفوز منذ يوم الخسارة، خشية أن يسرقني عامل الزمن، وأضيف أنا القول بضرورة تقليص استخدام سلاح الفزعة التي نحمّله العديد من اخفاقاتنا بالحياة تحت مبرر قصر عامل الزمن، فالأيام وليدة السنوات ولا ترحم، وهي قطار كهربائي سريع يطحن الكسالى وأصحاب النوايا الضبابية أو أفراد السباق الضفدعي.
بالرغم من انشغالي بالعمل، لساعات طويلة ومتأخرة في الكلية والمستشفى، والدخول بمغامرة مشروع تمثلت بترجمة حلم آخر وهو بناء فيلا لعائلتي تجسد أحلام كل منا والتي تحتاج وحدها لمجلد ومسيرة على حبال التحدي فوق نهر ثائر بسبب ظروف العمل والانجاز والتعامل مع المهنيين بأسس منطق مختلفة، وفيها نسبة من الإذعان، ولكن ذلك لم يمنعني أبداً من سهر الليالي بحرارتها وبرودتها، بثوب الباحث، المفكر، العالم، الأب، الطبيب، حيث أن مهمة كتابة بحث علمي بمستوى يليق بالرتبة التي أطمح بالحصول عليها لنشرها بمجلات علمية محكمة وعالمية وضمن قواعد أكاديمية وأخلاقية والتي تعتبر من أدبيات البحث العلمي والعالم، وقد حُرمت خلالها من النشاطات الاجتماعية لدرجة ظاهرة، فساعاتي المكتبية في المستشفى والمنزل طويلة، وفي كل بحث كنت أتذكر مقولة لأستاذنا الفاضل الأستاذ الدكتور أحمد السروجية بضرورة مراجعة البحث جيدا وإرساله للنشر فورا بعد تحقق الشروط لأن كثرة التردد والتغيير سيدخل البحث في بركان التخبط والتأخير، ويضعفه محتوىً ونتيجةً، وبعد نشر البحث أو قبوله للنشر، فهناك إجراءات تقييمية من حيث النقاط المستحقة بالتخصص الرئيسي والفرعي، إضافة لجهود تُحشد للقوى المعاكسة التي توظف مهاراتها بالتعطيل والاحباط، بين كلمة تقال أو تأليفة تُروى على مسامع مندوبي الدعاية، أو وشية لصاحب القرار، فهناك سوق مرصوفة بالأماني وميدان واسع للتحرك وآذان صاغية لهؤلاء وأمثالهم وفرصتهم الوحيدة لعرض مواهبهم بمثل تلك المناسبات، بل وتلقيت طعنات غير متوقعة من فئة صنفتها سابقا بقائمة الأصدقاء والأخوة.
من الصعوبات التي كان علي تجاوزها أثناء فترة الاستعداد، حدوث تغييرات مشددة بتعليمات الترقية من حيث عدد الأبحاث وشروط النشر ونوعية المجلات، بل وإضافات جديدة تدخل بالحسم لقبول طلب الترقية أصلاً مثل خدمة المجتمع، وتقييم الطلبة، المشاركة بالنشاطات، عضوية اللجان وغيرها، وفي كل تحديث للتعليمات فهناك صعوبات معلنة تُضاف وتحتاج لجهد للتنسيق، حيث أن ترقيتي للأستاذية مرت بعهد ثلاثة من رؤساء الجامعة الأردنية؛ الأستاذ الدكتور إخليف الطراونة، الأستاذ الدكتور عزمي محافظة، والأستاذ الدكتور عبد الكريم القضاة، واستغرقت مدة خمس سنوات، كتبت خلالها عشرين بحثا، لأن الترقية قد رُفضت بالمرة الأولى، ونفس المصير كان في المرة الثانية، ولكنني والحمد الله نلتها بجدارة في المرة الثالثة يوم الأثنين الموافق 2019/10/14، بعد أن ارتديت ثوب الاستعداد للتقدم للمرة الرابعة لحدس خيالي، فكنت قد تحدثت مع زملاء بأمر الترقية، ومنهم من ساندني معنويا بأن التأخير بردود المقيميين أمر اعتيادي لرتبة الأستاذية، ومع ذلك، بادرت بتعبئة نموذج الترقية من جديد بروح معنوية عالية كاستعداد مسبق، لأنني أمتلك شروط التقدم وأهمها عدد الأبحاث العلمية ومدى مساهمتها بتقدم العلوم، علماً أن استخدامي لسلاح العناد (وليس العتب أو الغضب) قد حرمني من الذهاب لمقابلة نائب الرئيس للوقوف على أطلال الرفض بهدف الابتعاد بمنطاد الترقية للمرة القادمة، وسوف أسهب بشرح ظروف ترقيتي للأستاذية بحلقتي القادمة دروسا وعبرا للباحثين، فهناك نكهة وذكرى بطعم مختلف لكل منها وللحديث بقي