عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    10-Dec-2025

ندوة تستعيد إرث غطاس صويص.. حضور يتجدد في الأدب والفكر

 الغد-عزيزة علي

 نظّم منتدى الفحيص الثقافي بالتعاون مع جمعية النقاد الأردنيين، أول من أمس، ندوة استذكارية بعنوان "غطاس صويص: مناضلًا وناقدًا أدبيًا".
شارك في الندوة التي أقيمت في قاعة المنتدى كلٌّ من القاصة بسمة النسور والدكتور نضال الشمالي، وأدارها وليد جودت السبول، وعُرض فيلم قصير يستعرض مسيرة غطاس صويص، المعروف باسم "نزية أبو نضال"، كم قرأت الدكتورة كنار صويص قصة قصيرة من تأليف أبو نضال بعنوان "رغيف الخبز".
 
 
تحدّثت بسمة نسور عن تجربتها عندما تسلّمت رئاسة تحرير مجلة تايكي المتخصصة في إبداع المرأة التي كانت تصدرها أمانة عمّان، مشيرةً إلى أن أوّل من خطر ببالها للاستعانة به في هذه المهمة الصعبة كان أبو نضال، لما تقتضيه مهمة إصدار مجلة تُعنى بمنجز المرأة في الأدب والفكر والمعرفة وسائر الفنون من مسرح وموسيقا وتشكيل وسينما.
وأشارت نسور إلى أن اختيار ابو نضال للمشاركة معنا في المجلة كان نابعًا من منجزه النقدي الواسع، ولا سيّما عمله التوثيقي الأبرز "تمرّد الأنثى في رواية المرأة العربية وبيلوغرافيا النسوية العربية"، وجهوده الكبيرة في دراسة الأدب النسوي وتحليل خصوصيته، وتشخيص العوائق التي تقف أمام المبدعات العربيات.
ورأت أن أبو نضال حمل على عاتقه، وبجهود فردية خالصة، مهمة دعم المُبدعة العربية وتأكيد حضورها الحر والمستقل في المحافل الثقافية، إضافة إلى إيمانه العميق بحقوق المرأة وتقديره لها، وتعامله معها ندًّا وشريكة على صعيد حياته الشخصية. 
لكل هذه الأسباب، ولما عُرف عنه من رقيّ ونبل وشهامة، رأت نسور أنه الأجدر بمنصب مدير تحرير تايكي بعد أن كان عضوًا في هيئة تحريرها منذ العدد الأول. وقد كان بالفعل السند والمعين، وصاحب الأفكار النيّرة غير التقليدية التي جعلت المجلة تتصدر المشهد العربي بوصفها مجلة متخصّصة في الأدب النسوي.
 وجاء هذا التميّز بفضل جهده ومثابرته وشغفه؛ فقد أحب تايكي المجلة والبيت-بيت تايكي العُماني العتيق-الذي احتضن لسنوات فعاليات ثقافية متنوعة، منها ملتقى القصة الذي استمر خمس دورات متتالية بحضور عربي ومحلي واسع، وأصبح نقطة جذب للمثقفين والمهتمين.
وقد ظلّ أبو نضال العمود الفقري للمجلة التي توقّف صدورها لاحقًا لأسباب لوجستية. وتذكر نسور أن ذلك أحزنه كثيرًا، وأنه أصدر على سبيل الوداع عددًا تطوعيًا أخيرًا شارك فيه معظم كتّاب وكاتبات الأردن من دون أن يكلّف الأمانة فلسًا واحدًا.
وخلُصت نسور إلى أنها تعلّمت من أخيها وصديقها أبو نضال الكثير؛ فعلى مستوى كتابة القصة والمقالة كانت تُصغي إلى ملاحظاته اللماحة الذكية وتعمل بها دون تردد، إذ إن عين الناقد لديه لم تُجامل يومًا. أمّا على المستوى الشخصي، فقد تعلّمت منه عشق الحياة واغتنام لذاتها وإدراك حقيقة زوالها، وأحبّت فيه البساطة والتواضع والاستغناء والترفع عن صغائر الأمور، إضافة إلى كرمه وطيبته ونقاء سريرته وحبّه المجاني للآخرين رغم الاختلاف.
من جانبه قال الدكتور نضال الشمالي إنّ أبو نضال دخل مبكرًا إلى فضاء نقدي وثوري ملتزم، فلم يقتصر اهتمامه على النقد الجمالي، بل ربط بين التزامه القومي ونزعة التحرر في تعامله مع النص الأدبي والروائي، مستخدمًا النقد الاجتماعي لتفكيك القوى السياسية والاجتماعية وكشف سلطات القمع، بما أعاد تشكيل وظيفة النقد ذاتها. كما سعى لكسر هذا التواطؤ عبر نقد جريء يفضح خطاب المصالحة الزائف والتطبيع الثقافي.
المرحلة الأولى: النقد الأدبي المقاوم: وهي مرحلة الإيمان بالعمل المسلح، إذ كتب نزيه أبو نضال "الشعر الفلسطيني المقاتل"، "جدل الشعر والثورة"، تناول فيهما العلاقة بين الشعر والثورة، مع التركيز على المرحلة التي شهدت المقاومة الفلسطينية وانخراط عدد كبير من الشعراء فيها. أما كتابه "أدب السجون"، فقد شكّل دراسة مهمة وسابقة في هذا النوع من الكتابة.
المرحلة الثانية: حصر الرواية العربية وتصنيفها وتوثيقها: بعد عودته إلى الأردن مطلع التسعينيات، ركّز أبو نضال على النقد الأدبي والتوثيق الببليوغرافي للرواية الأردنية والعربية. ألف كتبًا رئيسية مثل "علامات على طريق الرواية في الأردن"، "لتصنيف وتوثيق الرواية الأردنية"، "التحولات في الرواية العربية"، لدراسة التغيرات الأدبية وفلسفة التحوّل، "شهادات روائية على زمن التحولات والانكسارات"، لتجميع شهادات 30 كاتبًا عربيًا. كما اهتم بدعم الأصوات الجديدة وأدب الشباب.
المرحلة الثالثة: الرواية النسوية: استكمل أبو نضال في هذه المرحلة نقده للأدب النسوي من منطلق التحرر من جور السلطة، مؤلفًا "تمرد الأنثى"، "حدائق الأنثى"، بعد سنوات طويلة من تتبع أدب المرأة في الرواية والسيرة والقصص والشعر والمسرح والدراما التلفزيونية.
المرحلة الرابعة: زياد قاسم وتشكيل المدينة: اكتشف أبو نضال موهبة زياد قاسم أثناء رحلة إلى أميركا عام 1991، ورأى فيه صانع مشروع ملحمي يجمع بين التاريخ الشعبي والرسمي لصياغة التاريخ العربي الحديث. كتب نزيه مقالات نقدية عديدة عن أعماله، واعتبر روايتي "أبناء القلعة"، "الزوبعة"، من أهم الروايات في تاريخ الرواية الأردنية والعربية.
المرحلة الخامسة: غالب هلسا (ت1989) – النموذج والقدوة: أنجز نزيه أبو نضال دراسات مهمة عن غالب هلسا تضمنت كتابين: "غالب هلسا وببليوغرافيا مصادره الكتابية" "، "غالب هلسا: اكتمال الدائرة"، إضافة إلى 47 مقالة. ركّز فيها على مساهمات هلسا النقدية والأدبية، لا سيما في الرواية ومفهوم المكان الروائي.
وخلص الشمالي إلى أن أبو نضال عاش 82 عامًا حافلة بالأمل والعمل الدؤوب، مع وعيه العميق بالواقع العربي المأزوم واستغلال المواطنين والمثقفين، مؤكدًا أن الطبقات الحاكمة تستأجر مصالح الشعوب لمراكز الهيمنة، فالمجد والخلود لروحه الطاهرة.