عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    08-Feb-2019

أميركا تتراجع ديمقراطيًا - ميشيل غولدنبرغ
- «نيويورك تايمز»
الدستور - في عهد ترامب، لم تعد اميركا في مصاف الدول الديمقراطية من الدرجة الاولى. منذ بدايات السبعينات من القرن العشرين، قامت المنظمة غير الربحية المناصرة للديمقراطية فريدوم هاوس، التي تاسست في عام 1941 من اجل حشد الراي العام الاميركي ضد النازية، بنشر استطلاع راي سنوي يهدف الى تقييم الحريات السياسية والحريات المدنية في الدول حول العالم. ومن خلال استعمال 25 مؤشرا، ومن بينها العمليات الانتخابية والحقوق الفردية وسيادة القانون، يتم منح الدول درجات على مقياس يتكون من مائة نقطة.
وعلى مدى عقود من الزمن، شهد كل من قادة الجمهوريين والديمقراطيين القيم التي تناصرها فريدوم هاوس، والتي تتلقى التمويل بشكل جزئي من حكومة الولايات المتحدة، باعتبار طبيعتها اميركية في المقام الاول، وقد حققت الولايات المتحدة بصفة عامة درجات عليا على مؤشر فريدوم هاوس. اما في الفترة الاخيرة، فقد بدأ هذا الامر بالتغير.
ان النسخة الاحدث من تقرير الحرية في العالم، الذي يعد التقرير الرئيس لمنظمة فريدوم هاوس، قد تم نشرها للتو. وللسنة الثانية على التوالي، حققت الولايات المتحدة نتيجة قدرها 85 نقطة، ما شكل انخفاضا مقارنة بـ 94 نقطة في عام 2009. ووفقا لمايكل ابراموفيتز، رئيس فريدوم هاوس، تعد هذه النتيجة هي الادنى للولايات المتحدة منذ ان بدأ العمل بالدراسة. 
وعلى الرغم من انها لا تزال تصنف على انها تتمتع بالحرية، الا ان مرتبة اميركا قد هبطت لتصبح ليس فقط ادنى من كندا ودول شمال اوروبا، بل ومن اليونان ولاتفيا وموريشيوس ايضا. وقد ذكر التقرير ان النتيجة الاجمالية للولايات المتحدة حاليا تضع الديمقراطية الاميركية على مقربة من نظيراتها المتعثرات من امثال كرواتيا بدلا من النظراء التقليديين مثل ألمانيا او المملكة المتحدة. وعقب عامين من تسلم السيد ترامب لمنصبه الرئاسي، يتضح ان الديمقراطية الاميركية تتصف بنوع من المرونة في صور شتى.  
اذ ان العديد من المجرمين الذين ساعدوا ترامب على الفوز في الانتخابات الرئاسية قد ذهبوا الى السجن او في طريقهم لذلك قريبا. كما ان اعضاء الحزب الديمقراطي فازوا باغلبية مجلس النواب في عام 2018 وقد بدؤوا بالفعل في كبح جماح سلطات الرئيس. وقد احبطت المحاكم بعضا من سياسات الرئيس ترامب الفاضحة المعادية للمهاجرين، ومن بينها مسعاه الى ابطال قانون العمل المؤجل تجاه الوافدين من الاطفال. وقد آلت محاولات السيد ترامب الى تاجيج الغوغائية العرقية الى حشد الراي العام ضده في غالب الاحيان. وقد شهد الحراك المدني انتعاشا في الاونة الاخيرة، وفق ما تورده منظمة فريدوم هاوس، اذ ان نتيجة الولايات المتحدة فيما يتعلق بحرية التجمهر قد تحسنت فعليا في العام الماضي.
غير ان تقرير فريدوم هاوس يقدم لنا سببين على الاقل لنبقى على حذر. اولهما ان انهيار النظام الديمقراطي يستغرق اكثر من عامين عادة. ويذكر التقرير انه في بقاع اخرى في العالم مثل هنغاريا وفنزويلا وتركيا، شهدت فريدوم هاوس خضوع المؤسسات الديمقراطية بشكل تدريجي لضغط متواصل من القيادة المعادية للديمقراطية. واخبرني ابراموفيتز ان ازدياد الفساد وتراجع الشفافية يعدان غالبا مؤشرات تحذيرية لوقوع مشكلات في النظام الديمقراطي، مما يقوض ايمان الشعب بشرعية النظام. ويتمثل السبب الثاني في ان القادة الاجانب لن يتجاهلوا عبارات ترامب حتى لو اختار الشعب الاميركي فعل ذلك. فالاستبداد اخذ بالصعود في انحاء العالم كافة- وفق ما يورده تقرير فريدوم هاوس، هذا هو العام الثالث عشر على التوالي الذي يشهد تراجع مستوى الديمقراطية عالميا. ان رئاسة ترامب تعد احدى نتائج هذا التوجه، غير انها اصبحت ايضا عاملا مسرعا له.