عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    10-Nov-2022

خطوة مرحب بها*بلال حسن التل

 الراي 

قبل ربع قرن من الآن كنت مديراً عاماً لدائرة المطبوعات والنشر، أيام عزها وألقها، فالفترة زمنية طويلة كان المدير العام للمطبوعات نائبا للحاكم العسكري العام لشؤون المطبوعات نظرا للأهمية التي كانت توليها الدولة الأردنية للإعلام، وكان يتولى هذا الموقع رجال من حجم الشهيد وصفي التل وصلاح أبو زيد ويعقوب عويس، وعندما توليت هذا الموقع كان موكولا إلي تنظيم ملف الإعلام والتصدي لحالة الفوضى والتطاول التي كانت قد أطلت برأسها في المجتمع الأردني، وصارت تسيء لصورة الأردن وعلاقاته مع الكثير من الدول الشقيقة والصديقة، ناهيك ?ن الإساءة لمؤسسات الوطن ورموزه.
 
يومها خضنا معركة تشريعية ودبلوماسية شرسة، فقد كان البعض يستقوي على الدولة الأردنية بالخارج لإيقاف عجلة التنظيم، لكننا صمدنا لأننا كنا نعمل بعقل الدولة الجمعي وروح الفريق. غير أن الرياح جرت بعد ذلك بزمن يسير بما لا تشتهي السفن، ولهذا حديث آخر، ومن يومها ونحن نشكوى من فوضى الإعلام، ومن تطاول الكثيرين من الذين يمارسونه فيمارسون من خلاله الابتزاز والاغتيال المعنوي للأشخاص والمؤسسات.
 
مناسبة هذا الكلام أن البعض رأى بشمول التعديل الوزاري الأخير إعلانا عن وزارة للاتصال الحكومي ردة دستورية، ونية لسلب استقلالية الإعلام، وأصحاب هذا القول لا يفرقون بين الفوضى والحرية المسؤولة، وينسون أنه ليس في هذا العالم إعلام بلا ضوابط تضعها الدول والمجتمعات لحماية ذاتها ومصالحها، من الابتزاز ومن التشهير ومن اغتيال الشخصية حتى لا نقول ومن الجاسوسية. فلا تناقض بين حرية الإعلام وضبطه بنصوص تشريعية وبمعايير أخلاقية ومهنية، خاصة وأن الإعلام يدخل في تفاصيل الحياة اليومية للأشخاص والجماعات ناقلا للآراء والأخبار و?لمعلومات، ولذلك يجب أن يكون ناقلا أمينا ونزيها وموضوعيا ومهنيا، وهي شروط لا بد من أن تقونن، وهو ما تفعله كل الدول وأكثرها ديمقراطية بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية، وفي إسرائيل التي تعتبرها الديمقراطيات الغربية واحة الديمقراطية في منطقتنا لا يمكن أن يمر خبر أو مقال أو تحليل إلا عبر الرقابة العسكرية على الإعلام.
 
ما أريد أن أقوله بناء على ما تقدم إن التنظيم والضبط لا يتنافى مع الاستقلالية والحرية، فبتوازي مع حرية الإعلام واستقلاليته لابد من حماية المجتمع؛ أفراداً وجماعات ومؤسسات، من تغول الإعلام وهذا دور الحكومة في كل دولة. وهو دور يعزز مهنية الإعلام وموضوعيته وقوته، فعندما كانت لدينا وزارة إعلام قوية ووزراء بمستوى عدنان أبو عودة كان لدينا صحفيون بمستوى جمعة حماد ومحمود الكايد وسليمان عرار وحسن التل وابراهيم سكجها ورجا العيسى والقائمة تطول، وكانت المؤسسات الصحفية تمول ذاتها، وتحقق أرباحا مالية تعزز استقلاليتها، وفي?عهد وزارة الإعلام القوية كان لدينا وكالة أنباء قوية وتلفزيون مشاهد وإذاعة مسموعة، وكانت لدينا قامات إعلامية بمستوى نصوح المجالي وحيدر محمود ويوسف أبو ليل وكمال أباضة وراكان المجالي وقائمة طويلة من القيادات الإعلامية.
 
وكان الإعلام الأردني كتيبة متقدمة في الدفاع عن الدولة الأردنية، وذراعا قوية من أذرع التثقيف والتنوير، يومها كان الإعلام يعكس إنجازات الدولة ويشحذ الهمم ويزرع الأمل فلا يكون للسوداوية مكان بيننا، وكل هذا يؤكد أن وجود وزارة قوية لتنظيم الإعلام مهما كان مسماها ضرورة ملحة، لذلك نرحب بوزارة الاتصال ونراها إنجازاً حكومياً موفقاً.