عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-Apr-2019

الخوف علی الصحافة أم الخوف منها - د.باسم الطویسي

 

 
الغد- لن نتكلم عن المكانة التي حققتھا الدول العربیة المركزیة على مؤشر حریة الصحافة الذي اعلنتھ منظمة مراسلین بلا حدود الاسبوع الماضي، فالنتائج تشیر بكل وضوح الى استمرار تراكم الخیبة، فما تزال المنطقة العربیة البقعة السوداء في حریة الصحافة وتحتل معظم مساحة ذیل القائمة العالمیة، نتحدث عن بلد صغیر على شواطئ افریقیا یدعى جزر القمر بلد فقیر یتكلم معظم سكانھ العربیة ویعتنقون الاسلام وعانوا من الاستعمار وشھدت بلادھم موجة غیر سارة من الانقلابات العسكریة لكنھم اثبتو انھم قادرون على التوبة عن الاستبداد، فبلادھم الیوم تنافس على مكانة لا بأس بھا في حریة الصحافة، وفي الحریات العامة، وحققت افضل مؤشرات في حقوق المرأة على مستوى المنطقة العربیة في السنوات الخمس الاخیرة.
لعدد من السنوات تواصل حریة الصحافة في العالم التراجع بشكل مثیر حتى في بعض الدول الدیمقراطیة حتى في دول الاتحاد الاوروبي الاكثر حرصا على تقالید حریة الإعلام؛ مثلا تراجع مؤشر حریة الصحافة في ھولندا والنمسا وفي الوقت الذي رصدت فیھ منظمة مراسلین بلا حدود 36 حالة قتل تعرض لھا صحفیون في العام 2018 اي ان ھناك حالة اغتیال لصحفي محترف كل اسبوع فإن حادث مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلیة السعودیة في اسطنبول شكل صدمة كبیرة وخلف موجة من الخوف بین كل دعاة حریة الصحافة.
التقریر الجدید حذر من تنامي العداء الذي یظھره القادة السیاسیون حول العالم نحو الصحفیین ما یعرض الإعلام المھني للخطر بصورة متزایدة، واوضح التقریر أن ”المناخ العدائي المتأتي من
تصریحات الرئیس الأمیركي دونالد ترامب“ أدى إلى تراجع ترتیب الولایات المتحدة الأمیركیة ثلاثة مراكز لیصل إلى رقم 48 وفق ھذا المؤشر. الملفت للنظر بشكل خاص ھو التحریض اللفظي المتزاید ضد الصحفیین، وھي ظاھرة عالمیة ومعروفة في دول عدیدة، ولكنھا ازدادت بشكل خاص في أوروبا والولایات المتحدة الأمیركیة.
في العالم العربي استطاعت تونس أن تواصل تقدمھا في حریة الصحافة، فقد حققت ھذا العام قفزة
كبیرة حیت تقدمت بخمسة وعشرین مركزاً لتحتل المركز الـ 72 ،وتقدمت الأردن مركزین، معظم
الدول العربیة شھدت تراجعا او حافظت على مكانتھا المتأخرة منذ سنوات طویلة.
یزداد الخوف في اوساط الصحفیین العرب اكثر من غیرھم، ویجعلھم في غربة حقیقیة مع مھنتھم
وضمیرھم المھني من جھة وبین مجتمعاتھم التي ھي احوج ما تكون الى ھذه المھنة من جھة
اخرى، ھذا الخوف یتحول الى ذعر قاھر یحرم المجتمعات من المساءلة وحمایة الحقوق العامة،
الخوف من الانتقام یجعل معظم الصحفیین المھنیین یفرضون رقابة ذاتیة شدیدة على أنفسھم عند
تغطیة مواضیع مثل الفساد أو المؤسسات الامنیة أو الأدیان أو حقوق الانسان، بینما تنتشر في العالم العربي اكثر من غیره ظاھرة تشویھ الصحافة والصحفیین المھنیین لصالح موجات من الدخلاء
على المھنة والذین یعملون على ما سمي بـالاغتیال المعنوي للاشخاص، من خلال توزیع الاتھامات
بالفساد والخیانة والتآمر في الاغلب بدون اي ادلة ما یجعل المعركة الفعلیة في مواجھة الفساد
والفاسدین مشوھة وغامضة ومعقدة ویصاحبھا الریبة والشك. بل ما یجعل المجتمعات في حالة فوضى، ویوفر للفاسدین ملاذات آمنة للھروب والافلات من العقاب ؛ ثمة خوف حقیقي على الصحافة المھنیة النظیفة، وخلف ھذا الخوف ذعر قدیم یتجدد من الصحافة الحرة المسؤولة.