عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Sep-2020

مشروعيـة الوكالـة في الانتخابات النيابية*د. عبدالكريم محسن ابو دلو

 الدستور

يعتبر حقا الانتخاب والترشح من الحقوق السياسية التي تثبت للأفراد باعتبارهم أعضاء بمجموعة «الشعب السياسي». وهما بهذه الصفة لصيقان بالشخصية بما يترتب على ذلك من آثار؛ أهمها عدم قابليتهما للتنازل أو التصرف بهما.
وفق هذه الفلسفة لحقي الانتخاب والترشح، فإنه لا يجوز مباشرتهما إلا من قبل أصحابهما فقط. فالحقوق السياسية، تختلف بطبيعتها القانونية عن غيرها من الحقوق التي تقبل مبدأ الوكالة، مثل الحقوق المالية.
لقد رسـّخ قانون الانتخاب هذه الحقيقة القانونية بنصّه بصلب المادة 29 بأن يدلي الناخب بصوته في مركز الاقتراع المخصص له ضمن دائرته الانتخابية، واتفقت التعليمات التنفيذية  الخاصة بالاقتراع والفرز رقم 9 لسنة 2016 مع مبدأ شخصية حق الانتخاب فلم تتضمن أي نص يتعلق بإجازة توكيل الغير في ممارسة هذا الحق، ولكن هذه التعليمات بنسختها المعدلة لسنة 2020 ألزمت الناخبين المحجورين أو المعزولين بسبب فيروس كورونا ببعض الإجراءات وفق بروتوكول خاص يتم إعداده بالتنسيق مع لجنة الأوبئة، بما من شأنه أن يقيـّد من حقهم بممارسة الانتخاب.
وبنـى قانون الانتخاب إجراءات الترشح على مبدأ شخصية هذا الحق، إذ صرّح بصلب المادة 15/أ بوجوب تقديم طلب الترشح في أي دائرة انتخابية إلى رئيس الانتخاب بحضور جميع المرشحين في القائمة دفعة واحدة. مما يعني أن يقوم المرشح بنفسه فقط بهذه الإجراءات وعدم جواز تقديم طلب الترشح بواسطة الغير مهما كانت الأداة القانونية المستعملة بذلك، ترسيخا لفكرة أن الترشح هو حق سياسي لا يجوز مباشرته إلا من قبل المرشح نفسه.
 وقـَبل القانون فكرة الوكالة بحالة واحدة فقط هي السماح للمرشح بانتداب غيره خطيا في حضور عمليتي الاقتراع والفرز ومراقبتهما فقط، بعلـّة عدم قدرة المرشح على حضور الاقتراع والفرز في كافة مراكز الدائرة الانتخابية.
الإشكالية المنبثقة من هذه المسألة، ما ورد بالتعليمات التنفيذية الخاصة بالترشح للدائرة الانتخابية لسنة 2020، التي سمحت بصلب المادة 2 لطالب الترشح المحجوز أو المعزول بسبب فيروس كورونا توكيل شخص لينوب عنه بتقديم طلب الترشح والحضور مع مرشحي القائمة والتوقيع نيابة عنه، عن طريق تنظيم وكالة خاصة.
ولكن تعتبر إجازة التعليمات التنفيذية فكرة الوكالة في تقديم طلب الترشح والحضور مع القائمة متناقضا مع ما ورد بقانون الانتخاب الذي نـصّ صراحة على وجوب حضور المرشح لتقديم طلب الترشح برفقة جميع أعضاء القائمة، وهذا يصطدم مع مبدأ المشروعية الذي يقضي بعدم جواز مخالفة التعليمات للقانون أو للنظام الصادرة بمقتضاه وإلا كانت مستوجبة الإلغاء وفق المادة 6 من قانون القضاء الإداري، أو الطعن بقبول طلب الترشح لدى محكمة الاستئناف المختصة وفق قانون الانتخاب.
وتتفرع إشكالية أخرى من إجازة فكرة الوكالة في تقديم طلب الترشح وفق التعليمات التنفيذية بجعل الوكالة مسألة جوازية للمرشح، بما يعني من جهة مقابلة أن للمحجور أو المعزول مباشرة حق الترشح شخصيا بنفسه دون وكيل. مما ينتفي بذلك تحقق الغاية المستهدفة من الوكالة بعدم نقل العدوى.
الحوصـلة، كان الأجدى معالجة إشكالية تقديم المحجور أو المعزول بسبب فيروس كورونا طلب ترشحه للانتخابات النيابية بطريقة تتفق مع الطبيعة السياسية لحق الترشح وتتوافق مع أحكام الدستور والقانون وتلائم السياسات الصحية، مثل أن يفرض على المرشح القيود ذاتها المفروضة على الناخبين المحجورين والمعزولين، بالزام المرشح ببروتوكول خاص يُعد بالتنسيق مع لجنة الأوبئة عند حضوره أمام رئيس الانتخاب لتقديم طلب الترشح برفقة أعضاء القائمة جميعا.