عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    11-Jan-2019

«حفنة نور».. كتابات بنكهة الوطن وأحلام البسطاء

 الدستور-رندا حتاملة

 
من خلال العنوان «حفنة نور»، والذي جسّد رؤية الأديبة والإعلامية رنا حداد، التي أرادت أن تنثر النور بذوراً لتنبت سنابله في ظلمات البسطاء الذين تعودوا متابعة كتاباتها منذ عشر سنوات، وهي تطل عليهم من نافذة ملحق «دروب» في صحيفة «الدستور»، بعباءة الصحفية المطرزة بهمومهم وأوجاعهم وقصصهم الإنسانية، ظلت رنا متقوقعة بذات القالب لم تنزع عباءة البساطة والعفوية؛ تقوقعت على حزنها وحنينها إلى الماضي، وهي تصف بنت الطين التي مازالت تحن إلى بساطة الزمن الجميل، لاسيّما أحلام الطفولة وهي تذكر أنها تخلّت عن الأحمر في رمزية عميقة سوداويةٌ بعض الشيء؛ لما يرمز له الأحمر من جمال وإثارة مرتدية الأسود الذي يذهب بنا نحو رسمية الحياة وجدّيتها المفرطة، لتتدحرج قوقعة الحزن وتكبر أكثر وأكثر حاملةً بين طيّاتها الحنين إلى الماضي ولعنة على الحداثة بكل مافيها من تعقيدات.
بعد عشرين سنة من ممارسة مهنة صحفية، في قفزة جريئة محفوفة بالمكاره والمعوقات، أغمضت رنا عينيها وتقدمت إلى الوسط الأدبي الأردني الذي بات يعج بالصحفيين حالها كحال زملاء كثر ترجلوا عن عرش صاحبة الجلالة ليمتطوا صهوة الأدب، أو حاولوا الجمع بين الصحافة والأدب.
أمام هذا التحول الذي بات عُرفاً أو أوشك أن يصبح تقليداً، يحق لنا أن نطرح السؤال التالي: ما الإضافة التي قدمتها رنا للأدب الأردني؟ وما الجديد الذي قالته ولم تتفوه به في موادها الصحفية؟ وما النور الذي امتلأت به كفّا رنا ووصل حد الحفنة حتى تُضيء به فضاءات القراء وتطلق عليه عنوان «حُفنة نور». 
الكتاب برقته الأدبية وبساطته الإبداعية وظهوره المفاجىء كان أشبه بالومضة التي لاحت فجأةً ولمعت بريقاً عابراً «ومضة نور» ليس أكثر ولم يصل إلى الحفنة. ومضة على أحلام الطفولة البريئة التي لم تتحقق في ظل الأسرة الأردنية محدودة الدخل، ففي خاطرة الثوب الأحمر تصف الكاتبة مشاعر الطفلة البريئة التي يشدّها ثوبٌ أحمر، ولاتقوى والدتها على شرائه، وبعدها تعتمد الكاتبة الأسود لوناً مفضلاً لها في رمزية وإيماءة متشائمة تبتعد فيها عن ألوان الإثارة والنشوة والفرح، معتكفة بالأسود لون الحزن والرسمية. وفي خاطرة «بنت الطين» راحت الكاتبة تمقت الحداثة ومظاهرها وهي تحن لبساطة الماضي.
الكتاب لم يصل إلى المئة صفحة، اختزلت الكاتبة هواجسها ومكنوناتها الداخلية من عواطف وأحزان وتناقضات يستطيع القارئ معاينة شخصية الكاتبة وأن يتغلل في عمق هواجسها؛ ففي طرحها بدت ضحيةً وجلاداً في آنٍ معاً؛ ما يجعل القارىء تواقاً لأن يلتقيها على أرض الواقع ليعقد مقارنة بين ما استنبطه من بين سطورها وبين شخصيتها الواقعية.