عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-Dec-2019

بالعام الجديد.. أمنيات بترميم أخطاء الماضي وتفاؤل بإنجازات وعلاقات أفضل

 

ربى الرياحي
 
عمان–الغد-  سلسلة من المخاوف تحاصر الشاب حازم إسماعيل أشعرته بالحيرة أمام تساؤلات كثيرة وخطط تدور في رأسه. هو وبعد مرور عام تحمّله بكل ما فيه بحلوه ومره يقف والقلق يغزو عينيه من جهة لأنه يريد أن يحافظ على ما حققه من النجاح، ومن جهة أخرى يحاول جاهدا استعادة همته وحماسه وإصراره على تطوير مشروعه.
قراره بفتح مشروع خاص به لم يكن بالأمر السهل أبدا، ديون كثيرة تراكمت عليه، بالإضافة إلى مراهنات البعض على فشله وتوقعهم سقوطه، كل ذلك جعله يثقل كاهله بأعباء كبيرة تفوق قدرته على التحمل، وذلك من أجل أن يكون كما يريد.
حازم أبى أن يغامر ويتخطى كل العوائق راغبا في أن يثبت للجميع أنه قادر على الإنجاز، ولديه الثقة بطموحه وبالأمل الذي يحفزه على أن يتمسك أكثر بأحلامه. يبين أنه في نهاية كل عام يلجأ إلى تقييم نفسه مقررا التعلم من أخطائه وغربلة ما يمكن غربلته من علاقات وأفكار وحتى سمات شخصية. إقدامه على هذه الخطوة يساعده كثيرا على أن يتحرر من هواجس قد تقيده وتربكه وتمنعه من أن يحقق كل ما يتمناه.
وما بين الأهداف المتأرجحة ومسوغات استحضار الأمل، يمر عام ويأتي آخر ويبقى الأشخاص بكل تعثراتهم أو نجاحاتهم متشبثين بالحياة بكل ما يحملونه من مشاعر مختلطة تمزج الخوف بالقوة والحزن بالسعادة والتفاؤل بالتشاؤم والخذلان بالثقة؛ إذ يصممون على ترميم أرواحهم والوقوف ثانية رغم الأوجاع والضربات غير المتوقعة ربما.
الحاجة لأن ننظر للحياة بإيجابية مهما كان الإحباط يتسيد المشهد تجعل الجميع يحتمي بالمحبة والتسامح ليتسنى لهم البدء من جديد على أمل تحقيق الأمنيات.
حبها الجارف وتغاضيها المستمر عن عيوبه وأخطائه واعتقادها بأنه سيتغير، كلها أمور شكلت هزيمة العشرينية دالية التي أدركت خطأها متأخرا رغم نصائح صديقاتها وأقرب الناس إليها؛ إذ تقول “نخطئ عندما نقرر التهاون بحقوقنا باسم الحب”، موضحة أنها عاشت تجربة عاطفية قاسية لم تكن سوية أبدا لكونها الطرف الوحيد الذي كان يعطي من دون أن ينتظر المقابل.
هي، وبقرارها الذي اتخذته ضد نفسها، فقدت حقها في أن تكون سعيدة تحظى بتقدير واهتمام من تحبه، فصمتها المتعمد عن عيوبه وعدم التحدث عنها من باب البوح حتى جعلاها أسيرة لمخاوفها التي تمحورت كلها حول فكرة واحدة وهي تخليه عنها في منتصف الطريق.
دفاعها عن ذلك الحب كان من أجل ألا تشعر بالفشل. دالية أرادت أن تكون سخية في هذه العلاقة وأن تقدم الدعم والمشاعر والاهتمام، فكان الرد على كل ما ضحته هو الخيبة والخذلان والجحود. اليوم هي تقف أمام قراراتها وخيباتها وفي داخلها صراع يطالبها بأن تقاوم وتتحرر من شعور الندم والقهر على كل ما فات محاولة استعادة الأمل بالقادم، وذلك من خلال تقييمها لذاتها ولكل ما مرت به طوال العام. وصولها لحالة النضج تلك سيمنحها حتما القدرة على اختيار الأشخاص الذين يشبهونها ويستحقون عطاءها وحبها واحترامها، وفي المقابل حصر هزائمها وتخطيها والتعلم منها.
وتتفق معها رند خالد التي قررت أن تتعلم من أخطائها وتبدأ من جديد. تقول إن إخفاقها في امتحان الثانوية العامة أوجعها كثيرا وأشعرها بالمرارة، لحظات صعبة عاشتها بعد ظهور النتيجة، إلا أنها أيقظت في أعماقها الرغبة في أن تحقق حلم والديها وتكون شخصية ناجحة متفوقة.
وتلفت الى أنها حاسبت نفسها على استهتارها وعدم اكتراثها لنصائح والدتها وكأنها اختارت الطريق الأسهل وهو الإخفاق. الآن هي تعيد السنة كاملة لتستطيع أن تعوض ما خسرته، وذلك بحصولها على المعدل الذي تريده وتطمح إليه ومن ثم تدخل الجامعة حتى لو ستتأخر قليلا عن زملائها، لافتة إلى أنها شرعت في وضع برنامج منظم يساعدها على ختم المواد ومراجعتها ضمن الوقت المحدد.
وتؤكد أن لوم الذات والإصرار على تقويمها أهم خطوة من شأنها أن تقربنا من أمانينا وتمنحنا القوة لكي نعطي أكثر ونبذل كل ما في وسعنا من أجل أن نرى أحلامنا واقعا.
وترى الأخصائية النفسية الدكتورة سلمى بيروتي أن تقييم الإنسان لنفسه ولهزائمه ولنجاحاته وأيضا لعلاقاته موضوع في غاية الأهمية، ويتطلب ذلك فكرا منفتحا واستعدادا كاملا للنظر في كل التجارب والخبرات والتحديات التي واجهت الفرد خلال العام، ومناقشتها مع من يثق بفكره وتطلعاته وفلسفته في الحياة حتى يستطيع أن يتعلم من كل ما مر به.
وتلفت بيروتي إلى ضرورة كتابة مذكرات يومية تتضمن جميع الأحداث المهمة التي عاشها الشخص طوال العام ومدى تأثره بها والاستفادة منها في تصحيح الأخطاء التي ارتكبها، والسيطرة على قراراته والتخلص من سمة التسرع والاندفاع في الحكم تحديدا على الأشخاص، وهذا يحتاج بالطبع إلى تفكير وتمعن مع الذات ورفع الوعي لدى الشخص والحديث مع من يشعر بالراحة معه ومستمعا جيدا لكل ما يقوله، وسيكون قادرا في المقابل على مواجهة نفسه ومعرفة نقاط النمو لديه والاهتمام بها والعمل على تنميتها.
وتذهب الى أن الفكر الإيجابي تجاه النفس وتجاه الناس والحياة، يبدأ من فهم الإنسان لنفسه ولفكره ولمشاعره وأحاسيسه ووجهات نظره في كل ما يحيط به من أحداث ومواقف، بالإضافة إلى تركيزه على أحلامه وإلى أي درجة حقق منها، وإذا أخفق فمهم جدا أن يبحث عن السبب وتحديد العوائق التي أخرته أو حالت بينه وبين حلمه، فربما تكون هذه العوائق الخجل أو الأخذ الأناني أو الإدانة.
وتذهب الى أن الجميع بحاجة لتقييم إنجازاتهم من جهة وعلاقاتهم من جهة أخرى وأن يعترفوا بعيوبهم وأخطائهم ليتمكنوا من تغيير الواقع للأفضل وإنقاذ ما يمكن إنقاذه بنظرة تفاؤلية تثق بالقادم وتتوقع كل ما هو إيجابي.