عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    16-Feb-2019

«إسرائيل» ما بين الفكرة والدولة القومية الحلقة الثالثة والخمسون - عبدالحميد الهمشري

 

 
 الاستيطان في محافظة الخليل 1/2 
 
الدستور - وفق ما ذكرته في الجزء الأول من الحلقة فإن للاستيطان في المحافظة أهدافه المرسومة، منها الإنتاج الزراعي والفائدة الاقتصادية ودحض الموضوع الديني الذي تتغنى به الصهيونية، بدليل وجود ثلاث مستوطنات دينية فقط فيها، حيث إن الأمني هو الذي يأخذ مكانة هامة في بناء المستوطنات وذلك من خلال وجود 9 مستوطنات عسكرية للمراقبة الأمنية للمنطقة، إلى جانب الاهتمام بعملية بناء أحياء سكنية لليهود كي يفرضوا كثافة سكانية تلعب دوراً مستقبلياً في تحديد هوية المنطقة، وحسب مركز الإحصاء الفلسطيني للعام 2016 فقد بلغ عدد المستوطنين الذين يحتلون أراضٍ في المحافظة نحو 19363 مستوطناً، فيما ذكر تقرير صادر عن وزارة الداخلية الصهيونية أن نسبة النمو السكاني للمستوطنين فيها لآخر 5 سنوات بلغت نحو 19.4%؛ ما يعني أن جهود الاستيطان الصهيونية بدأت منذ احتلال مدينة الخليل مباشرة، فكانت أولى خطواتها في هذا المجال فصلها عن بيت لحم والقدس، وذلك بإنشاء مستوطنة «كفار عتصيون» إلى الشمال منها، ثم أسس الاحتلال لتواجد مستوطنيه في أقرب النقاط إلى المسجد الإبراهيمي الشريف، فكانت مستوطنة «كريات أربع» على الحدود الغربية المباشرة للمدينة، وبعد هدوء نسبي لنحو عشر سنوات،عادت الجهود الاستيطانية في أواخر السبعينيات لتبلغ أوجَها في الثمانينيات، حيث أنشئ في تلك الفترة نحو 67% من المستوطنات المقامة على أراضي المحافظة، أهمها تلك التي أقيمت داخل المدينة، مثل «بيت هداسا»، و»الحي اليهودي»، و» تل الرميدة»،وهذا مؤشر قطعي إلى أن الاستيطان الصهيوني في الخليل يتميز بوجود دوافع خاصة إلى جانب دوافع الاستيطان العامة التي تتقاطع مع غيرها من المناطق بشكل عام،حيث يمكنني إيجاز أهم دوافع الاستيطان في الخليل بالآتي :
-دوافع دينية وتاريخية، فالخليل تُعتبر بالنسبة لليهود المدينة الأقدس بعد مدينة القدس، حيث فيها حسب زعمهم قبور بعض الأنبياء في مغارة المكفيلة الموجودة تحت المسجد الإبراهيمي.
- دوافع سياسية، حيث تشكل المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية عقبة حقيقية أمام أي حل لإنهاء الاحتلال الصهيوني ناهيك عن أنها تشكل ورقة مساومة رابحة وضاغطة في يد الصهاينة بالمفاوضات المتوقعة تبقيها عبثية لا طائل من ورائها، فمواقع المستوطنات الحالية والمتمثلة وفق ما ذكرنا بــ 36 مستوطنة ونحو 8 بؤر استيطانية، وما أقيم من شوارع التفافية تفصل المستوطنات عن البلدات والمدن الفلسطينية، والمناطق الأمنية التي تحيط بها، والمناطق المصادرة لصالح ما يسمى بالمحميات الطبيعية، كل ذلك يؤكد استهداف الاحتلال للأرض الفلسطينية، حتى يصبح قيام دولة فلسطينية ذات سيادة أمراً غير وارد ولا ممكن لأن قيام دولة فلسطينية عملياً يعني فشل المشروع الصهيوني وإنهاء عملي لما جاء في وعد بلفور وترتيبات البيت الأبيض الأمريكي لهذا جرى تسهيل مخطط اغتيال رابين أمريكياً لاغتيال مشروع قيام دولة فلسطينية، يضاف إلى ذلك أن المشكلة الديمغرافية التي يخشاها الاحتلال ستصبح في صالح الوجود الصهيوني وفق هذه الترتيبات، والأهم من هذا وذاك القضية الأمنية حيث من المؤكد أن الاحتلال عند اختياره لمواقع المستوطنات استهدف تواجدها في مناطق إستراتيجية كقمم الجبال والأماكن المرتفعة والمناطق التي تعزل المدن والبلدات الفلسطينية عن بعضها بعضاً، وذلك لأسباب أمنية ودفاعية، تمكّن الاحتلال من السيطرة على تلك المناطق وما جاورها، وتجعل من كل مستوطنة قلعة عسكرية حصينة صعبة الاختراق.
- دوافع اقتصادية: وبيت القصيد الذي يخدم كافة ما ذكرنا من دوافع الدافع الاقتصادي حيث يسعى الاحتلال من خلال إقامة المستوطنات السيطرة على المياه الجوفية في أراضي الضفة الغربية فمثلما هو معلوم فإنه وبسبب هذه السيطرة، قدرت حصة الفلسطينيين من مياه الأحواض الجوفية في الأراضي الفلسطينية نفسها بنحو 15%، فيما يحصل اليهود على نسبة 85% وفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في عام 2014.
* كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني