عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Oct-2021

الصحفيون واللاجدوى* رمزي الغزوي
الدستور -
مسرّةُ رؤية الزملاء صبيحة يوم الجمعة الماضية في قاعة عمان الكبرى حيث اجتماع الهيئة العامة لنقابة الصحفيين، غطت على القهر الكبير الذي خامر نفسي من عدم اكتمال نصاب هذا الاجتماع. لكني لن أركن إلى خرافة أن بعض الجهات هربت النصاب، بل سأركن إلى ملاحظة مركزية، وهي أن العمل النقابي لم يعد يشكل أهمية لدى من تغيبوا، وحتى لبعض من حضروا. ومرجع هذا قد يكون لدخولهم في دائرة سؤال واخز: ما الجدوى من كل هذا؟. وهذا واقعي رغم أمله.
حتى أن الصحافة برمتها في هذا الزمن قد دخلت هذا السؤال بقوة، وفقدت لقبها الأثير (صاحبة الجلالة) الذي رفلت بثوبه ردحاً طويلاً من الزمان الجميل، ليس لأن ظلالاً صحفية جديدة تسيدت المشهد الرقمي، واعتلت ثورة المعلومات؛ فأبعدت من كانوا شاغلي الدنيا ومالئيها: الصحفيين. بل لأن الحياة تغيرت من جذورها، فنبتت للناس منصات أخرى، فطمتهم عن بلاطها العالي.
ولربما خسرت الصحافة أيضاً موقعها كسلطة رابعة تراقب وتضبط إيقاع السلطات الثلاثة الأخرى: التشريعية والتنفيذية والقضائية. فقدتها لحساب سلطة خامسة أقوى وأمتن: سلطة الجماهير، رغم أن هذه السلطة لا تتحرك بتناسق وتناغم، إلا أنها غدت مؤثرة بلا وساطة الصحافة التقليدية، ولهذا المنحنى شواهد معاشة، لا تحتاج إلى بيان أو تبيين.
الجانب الآخر أننا وللأسف ننظر إلى اجتماعات الهيئة العامة في نقاباتنا ، أنها انتحابات فقط. وقلما كانت لتدارس أحوال النقابة أو لمحاسبة المجالس التي أدراتها أو للتدقيق في نشاطاتها وأوراقها المالية. وهذا المشهد ينسحب على كل نقاباتنا المهنية وروابطنا الثقافية. نحن فقط نجتمع لننتخب، ولهذا فالحضور في الاجتماعات التي لا انتخابات فيها يكون مخجلا، ولا يتعدى العشرات.
التأجيل سيفرض على الزملاء المترشحين أن يعيشوا أسبوعا إضافيا من القلق والتعب والتوتر. وأنا أشفق عليهم لأنهم مضطرون أن يتواصلوا مع كل عضو في النقابة، ويخطبوا ود صوته وجاهيا أو هاتفيا أو على شكل رسالة. وهذا مرهق ومكلف ومبدد للطاقات.
كان الترشح وما زال بعضه يتم على شكل فردي بدون تكتلات أو تحالفات، لأن الصحفيين في أغلبهم لا ينطلقون من أساس أيديولوجي أو سياسي أو ثقافي. ولكن في هذه الدورة سرني بدء الانطلاق نحو العمل الجماعي والتكتلي، مما يعني أننا قد نحظى بنقيب ونائب نقيب وأعضاء لهم برامج قد تخصب عمل النقابة وتعلي من شأنها.
أتمنى أن نصل إلى يوم يحس فيها كل نقابي، ليس في نقابة الصحفيين فقط، بأهمية نقابته ورابطته. وهذا أمر لن يتحقق إلا بتحقق الأهداف التي من أجلها أقيمت هذه النقابات. على الأقل كي نبعد عن أنفسنا شعور اللاجدوى المؤلم.