الراي
امس احتفلت صحيفة الرأي بعيدها الرابع والخمسين وسط الحديث عن اهمية انتقال الصحف الورقية الى العالم الرقمي مع الحفاظ على النسخ الورقية.
قبل الدخول في تفاصيل اهمية الانتقال الى العالم الرقمي للصحف الورقية التي اصلا بدات منذ سنوات التعامل مع التطورات في الفضاء الالكتروني لا بد من الحديث عن الظروف التي مرت بها الصحافة اليومية والقرارات التي اتخذتها الحكومات للحفاظ على استمرارية هذه الصحف.
عانت الصحافة الورقية الاردنية منذ عام 2012 من ازمات مالية كبرى، لكنها دائما كانت قادرة على الاستمرار، والابتكار في المواد الصحافية والمحتوى لتواكب الانتشار الهائل في وسائل التواصل الاجتماعي، والانترنت والفضاء الالكتروني لدرجة اصبحنا نقول فيها ان العالم تحول من «قرية صغيرة الى شاشة صغيرة ».
ورغم التطور الهائل في وسائل التواصل الاجتماعي والعالم الافتراضي والاتصال، بقيت الصحف اليومية انذاك «اسيرة » الاساليب التقليدية في التعامل مع المضمون التحريري، او التعامل مع الاعلان التجاري، الذي بدأ يقل في الصحف بسبب وسائل الاتصال والتواصل الاخرى، والتي تعتبر أقل كلفة على المعلن، وجاءت ازمة كورونا لتزيد من معاناة الصحافة الورقية بشكل كبير، واثقلت الديون كاهلها، خاصة ان الصحف اغلقت وغابت عن الصدور لمدة تجاوزت الشهرين، وهو ما زاد من ازمتها، لكن الصحف بفضل كوادرها استطاعت العودة بقوة وتقديم عمل اعلامي مهني مت?ور اعاد لها القراء والمتابعين، كما ان الصحف اليومية بدات بخطوات جادة للانتقال الى العالم الرقمي واصبحت نسخة «pdf» للصحف منتشرة الكترونيا ورقميا ويتم توزيعها الكترونيا بشكل واسع لكن الازمة كانت كبيرة.
واقع الصحف اليومية ادى الى ان تلتفت الدولة وبتوجيهات من جلالة الملك عبدالله الثاني خاصة بعد ازمة كورونا الى واقع الازمة في الصحف اليومية واتخاذ قرارات واجراءات مساندة لاستمرارية الصحافة الورقية وهذا ما فعلته الحكومة السابقة حكومة الدكتور بشر الخصاونة من خلال قرارات واجراءات تساعد الصحف على تجاوز ازماتها المالية خاصة في اعقاب ازمة كورونا التي شكلت اكبر تحدي للصحافة الورقية اليومية بل ادخلتها في ازمة كادت ان تعصف بها لولا قرارات الحكومة واتخاذ اجراءات مباشرة تصب في استمرارية وجودها، خاصة ان الخصاونة شكل حكوم?ه في ظل ازمة كورونا التي كان لها تأثير «كارثي » على الصحافة الورقية،
فكانت بداية الاجراءات الحكومية هي توقيع اتفاقية الاعلان المسبق مع صحيفة $، فيما كانت صحيفة الدستور قد وقعتها في وقت سابق، بحيث تحصل الصحف على ثمن الاعلان الحكومي مسبقا لمدة ثلاث سنوات قادمة بهدف تأمين سيولة نقدية لحل مشاكلها المالية.
كما قامت الحكومة بشمول الصحف اليومية ببرامح استدامة التي قدمها الضمان الاجتماعي لدعم المؤسسات التي تأثرت بسبب ازمة كورونا.
القرار الابرز في دعم الصحف الورقية اليومية كان عام 2022 والقاضي بزيادة سعر الاعلان الحكومي من 55 قرشا الى دينار للكلمة الواحدة والذي كان رفع ثمن الكلمة مطلبا دائما لنقابة الصحفيين والصحف الورقية، والذي شكل دعما قويا من الدولة للصحافة اليومية لدرجة ان هذا القرار وفر لصحيفة يومية وحدها، على سبيل المثال لا الحصر، نحو مليون دينار سنويا اضافيا عما هو عليه الحال قبل رفع سعر الاعلان الحكومي، وفق تقديرات الصحيفة نفسها، هذا يعني ان حجم الاعلان الحكومي كبير جدا في الصحافة اليومية، كما ان الصحف الثلاث الكبرى «$، الغد، الدستور» تستفيد ايضا من الاعلان القضائي الذي يشكل اليوم العامود الفقري لاستمرارية هذه المؤسسات، وهذا ايضا مختلف عن الاعلان الحكومي.
ولكن مطلوب من الصحف ان تطور مضمونها لجذب القراء وان تدخل اكثر الى الاعلام الالكتروني والرقمي وان تعتمد على مضمون اخر غير تقليدي، سواء من حيث السبق الصحفي او التحليل الاخباري او التقرير الصحفي او الفيديو المصور القصير وهنا نقول ان الصحف بدأت في ذلك، لكنها بحاجة الى تقديم الافضل.
صحيفة الراي بدات فعليا منذ شهور بالتحول الى الاعلام الرقمي من خلال مشروع طموح في التحول الرقمي وانشاء منصات رقمية للصحيفة وانشاء اذاعة على الانترنت ولكن دائما المطلوب حتى في العالم الرقمي هو تقديم المحتوى المهني والموضوعي خاصة وان الصحافة اليومية تميزت عبر العقود بالمصداقية والموضوعية والمهنية، ولديها صحفيون لهم تجارب وخبرات غنية يجب الاعتماد عليهم في الدخول الى العالم الرقمي، فالانتقال الى العالم الرقمي يحتاج من الصحف اليومية تقديم محتوى يجذب القراء ويهتم بمشاكلهم وقضاياهم ولكن دائما يجب الحفاظ على النسخة?الورقية التي هي ضرورة وطنية، فالصحافة الورقية والالكترونية مكملتان لبعضهما ولهما رسالة وطنية في الدفاع عن قضايا الاردن وحمل همومه ومواكبة التطور في البلاد ودعم خطط التحديث الشامل السياسي والاقتصادي والاداري اضافة الى اداء دورها في نقل المعلومة للمواطن.
رئيس الوزراء الحالي الدكتور جعفر حسان قدم كل التسهيلات اللازمة للصحافة اليومية بهدف الانتقال الى العالم الرقمي ومواكبة التطورات التكنولوجية لدرجة ان الدكتور حسان كان دائم التواصل مع الصحف اليومية ومنها الراي للاطلاع على تفاصيل مشروع التحول الرقمي ودعمه بكل ما يمكن، كما ان وزير الاتصال الحكومي الدكتور محمد المومني ايضا يدعم التحول الرقمي للصحف اليومية من خلال التواصل مع الصحف بهدف التسهيل ودفع المشروع الى الامام.
اما الادارات في الصحف والتي يكون عملها مهما من حيث قيادة العمل الاداري في الصحيفة وتقديم كل احتياجات العمل الصحفي، فإن عليها عبئا كبيرا في هذه الفترة من خلال القدرة على ابتداع حلول خلاقة وتجاوز الاساليب التقليدية في التعامل مع الاعلان التجاري الذي يجب الوصول اليه بطريقة مختلفة عن الماضي.
بالنهاية هناك مسؤولية ودور على الصحف الورقية سواء التحرير او الادارات لتطوير هذه الصحف والانتقال الى العالم الرقمي والالكتروني مع الحفاظ على النسخة الورقية كونها «الاصل ».