عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Feb-2019

کیف تراجعت الرابطة القانونیة؟ - إبراهیم غرایبة
الغد- إذا كانت ظاھرة الخروج على القانون لا تعكس ضعف السلطة التنفیذیة ومؤسساتھا؛ إذ یبدو
واضحا أنھا تعمل بلا تغییر، بل إنھا تتطور مؤسسیا، وتزید مخصصاتھا المالیة وأعداد المنتسبین إلیھا، والسلطة والمؤسسات القضائیة أیضا تعمل وتتطور بالكفاءة والمنھجیة المتبعة منذ تأسیس الدولة الحدیثة، والانتخابات النیابیة والعامة تجري بانتظام؛ فما تفسیر الظاھرة؟ وما الذي حدث أو تغیر حتى تنشأ حالات وجیوب وظواھر من الخروج على المجتمعات والقوانین؟
ما الذي یدفع الناس إلى مخالفة القوانین التي كانوا یلتزمونھا منذ عقود من الزمان؟ وكیف نشأت
جماعات وجیوب من الانفلات القانوني والاجتماعي، وأعمال منظمة للبلطجة والاعتداء على الناس وسرقة السیارات والبیوت والمحلات التجاریة .. وأخیرا البنوك؟ لیس ھناك خلل مؤسسي واضح أو كبیر في عمل المؤسسات والسلطات، ولیس ھناك أحداث كبرى من الفوضى، ولا یوجد اتجاھات اجتماعیة أو سیاسیة جدیدة تشجع على الفوضى والمواجھة مع السلطات؛ حتى في أوج الربیع العربي والتغیرات والأحداث الإقلیمیة المحیطة لم یحدث ما یمكن وصفھ أو اعتباره فوضى أو خروج على القانون.
لكن وفي تحولات سریعة لم تفھم بعد على نحو علني واضح أو تقدم تقدیما منطقیا أو مقنعا؛
صارت البلاد والمدن والبلدات تشھد حالات وأعمالا وظواھر غیر مألوفة وغیر مبررة أیضا، السلوك غیر الاجتماعي، انتھاك قوانین السیر والمرور بفظاظة وتھور غیر مسبوق، المخدرات، العنف والشجارات الجماعیة، سرقة السیارات، عصابات الخاوة والبلطجة، خدمات اصطفاف السیارات المریبة والفجة، تراجع مستوى النظافة العامة، وتراكم النفایات في الشوارع والساحات، ضعف وتراجع سریع وحاد في خدمات التعلیم والصحة وخدمات الجمھور والمواطنین، العنف اللفظي والإساءات والذم والتشھیر والإشاعات، الانتحار ومحاولات الانتحار، افتعال الحوادث والشجارات، والشعور بعدم الرضا على نحو عام، وتزاید الإقبال على الھجرة و أو الخروج من البلاد، وتتداول أحادیث واسعة عن خطة ب لدى فئة واسعة من الأغنیاء والطبقة الوسطى، للھجرة أو الإقامة أو الاستثمار والتملك خارج البلاد.
وبالطبع فإن مناسبة المقالة ھي الأحداث الأخیرة التي جرت في مدینة عنجرة في محافظة عجلون، وھي أحداث لیست مفاجئة، وتكررت عدة مرات في السنوات القلیلة الماضیة، ولم یكن ما حدث سوى لحظة متوقعة أو منتظرة لحالة متراكمة من الفوضى والاحتقان یعرفھا ویدركھا كل من یعیش في المنطقة أو یعرفھا.
وعلى أي حال ومھما كان سبب وتفسیر الظاھرة، وھي بالطبع لا تقتصر على عنجرة، وحدث مثلھا في مناطق أخرى متعددة، وھي متوقعة وممكنة الحدوث في أي مكان وفي أیة لحظة فقد حان الوقت لإدارة الحالة أو مراجعتھا على نحو مختلف عما یجري، فمن المؤكد أن استمرار الأزمة وتكرار الحوادث یؤشر إلى فشل أو عجز المؤسسات والأدوات المتبعة في مواجھة الأزمة، إن لم تكن سببا للأزمة أو جزءا منھا.
لقد دخلنا في مرحلة من اللامركزیة (یفترض) وحان الوقت أن تتولى مجالس المحافظات والبلدات والقیادات الاجتماعیة إدارة وتنظیم المكان والخدمات والعلاقات، وأن یمتلك المواطنون الولایة الفعلیة والحقیقیة على المؤسسات والاحتیاجات والأولویات في بلداتھم ومدنھم، .. وأن یشاركوا أیضا ویتحملوا مسؤولیة الأمن وتطبیق وسیادة القانون.
ولا بأس بتكرار القول إن القانون رابطة أو عقد بین مكونات الدولة والمجتمعات ولیس إخضاعا وقھرا وسیطرة؛ كما ھو لیس مجرد عملیات تنفیذیة تطبق سواء بالتزام عادل ومنضبط أو متحیز معزولة عن التفاعل الاجتماعي وشبكة العلاقات والمصالح بین المواطنین والأسواق والسلطة.