عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Jan-2019

المستقبل المائي للأردن*د. موسى شتيوي

 الغد

كان هذا محور نقاش لندوة أقيمت بالجامعة الأردنية بحضور سمو الأمير الحسن بن طلال، نظمها مركز الدراسات الاستراتيجية، وحضرها عدد من السياسيين والخبراء والمعنيين من الحكوميين والأكاديميين.
لا شك في أن الأردن كدولة فقيرة مائياً استطاعت إدارة مياهها الشحيحة بكفاءة واقتدار في السنوات والعقود الماضية. ولكن الندوة ناقشت مستقبل المياه بالأردن في ضوء التحديات والتحولات السياسية والاقتصادية الإقليمية والمحلية، وبخاصة القضايا المرتبطة بالتحولات الديموغرافية، والازدياد الكبير في عدد السكان، سواء كان ناتجا عن الزيادة الطبيعية أم الهجرات القسرية المتعاقبة. إضافة لذلك، فإن تزايد النشاط الزراعي المعتمد على المياه الجوفية، فضلا عن مياه الشرب، والتحولات الجيوسياسية الإقليمية، واعتماد الأردن جزئيا على مصادر المياه من دول الجوار، يضع إدارة المياه في الأردن أمام تحديات جديدة..
مجمل هذه التحولات يتطلب إعادة تقييم للسياسات الحالية؛ بهدف تقييم مصادر المياه والأنشطة والاحتياجات المائية المرتبطة بها. إضافة للتفكير في حلول ومشاريع استراتيجية، تأخذ بالاعتبار الحاجة للتحول المستقبلي للتحديات المائية، وزيادة الاعتماد على المصادر المائية الوطنية لتحقيق التنمية المستدامة المتوازنة التي تلبي الحاجات الحالية دون المساس بحقوق واحتياجات الأجيال المقبلة.
لقد نبه الباحثون الأردنيون منذ فترة طويلة للمخاطر التي قد تترتب على استنزاف وتملّح المياه الجوفية في الأردن، وبخاصة مع زيادة النشاط الزراعي، الذي يعتمد عليها، والتفكير من الآن بحلول تقلل من مخاطر هذا الاستنزاف المحتمل، الذي قد يشكل خطرا مستقبليا وليس آنيا.
عدم وجود خطر آني لا يعني أنه لا حاجة للتفكير بالحلول الاستراتيجية لهذه المشكلة المحتملة. والحلول تذهب بثلاثة اتجاهات : أولها التوجه نحو تحلية مياه البحر الأحمر على شواطئ العقبة، التي تستطيع أن توفر بين 25-35 مليون متر مكعب يمكن ضخها للمدن الأردنية المختلفة. بالطبع هذا يتطلب طاقة وكلفة. ولحسن الحظ هناك الآن مفاعلات نووية ذاتية التشغيل وصغيرة تستطيع أن تنتج طاقة، وتحلي المياه بالوقت ذاته. ويمكن استقطاب شركات لذلك على نظام B.O.T) ) أي بدون كلفة على خزينة الدولة. بالإضافة لتحلية بعض المياه المالحة داخل حدود المملكة. أما الاتجاه الثاني، فيمكن أن يكون برفع الكفاءة باستخدام المياه بالري الذي يتطلب الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة، إضافة الى توعية المواطنين بكيفية ترشيد استخدام المياه في الزراعة.
أما الاتجاه الثالث، فيتطلب الاستمرار بالتعاون الإقليمي، وتوسيعه باتجاه شمول دول المشرق العربي، الذي نوّه لأهميته سمو الأمير الحسن، الذي يرأس المرصد العلمي العالمي للمياه والسلام. وأضاف أن الأردن سوف يستضيف المؤتمر 2020 “Water hub” الذي يعتبر حدثا عالميا ووطنيا مهما، داعيا الجامعات الأردنية للعمل والمشاركة فيه والاستفادة منه.
بالرغم من شح المياه بالأردن، وزيادة الطلب عليها، فقد تمكن الأردن من إدارة المصادر الشحيحة للمياه بجدارة واقتدار. ولكن آن الأوان لأن ننتقل من الإدارة الآنية للإدارة الاستراتيجية للمياه في الأردن. وهذا يتطلب أخذ كل المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بالحسبان في الإعداد لتصور مستقبلي شامل ومتكامل.