الراي
عندما نواجه أوقاتاً نرى فيها أن المشهد الإنساني والأخلاقي والديني والحقوقي يتعرض لانتهاكات وحشية قاسية تمارس ضد شعب معين أو سكان منطقة معينة من هذا العالم، وتكرار المشهد يومياً بصورة فيها من البشاعة ما يندى له الجبين، فإن منظومة حقوق الإنسان تكون عرضه للانهيار والانتهاء على أيدي تلك الدول التي تمارس الإرهاب على مستوى دولي، ولا يتم رصد ما تقوم به من جرائم حرب، لدرجة أنها تتغنى بأفعالها دون حسيب أو رقيب.
وفي الأيام التي تمارس فيها كل أشكال العنف والانتهاك القاسي المجرم بحق شعب بأكمله، على الرغم من الصراخ والمناشدة، وعلى الرغم من التأكد من وحشية المعتدي، وعلى الرغم من القناعات الدولية وحركات الشعوب الحرة في كل أرجاء العالم، بأن ما يحدث هو من أبشع الجرائم الإنسانية التي يمكن أن تمارس من قبل دولة احتلال، وبذلك نكون أمام فسخ كل الالتزامات التي صدقناها بل وعملنا جاهدين للإيفاء بها كشعوب عربية تؤمن بالرسالة الحقوقية والإنسانية.
فمعايير حقوق الإنسان تشهد هذه الأيام ضغوطاً غير مسبوقة، قد تتسبب في انهيار منظومة المبادئ المتعلّقة بحماية حقوق الإنسان، تلك المبادئ التي اعتُمِدَت بُعَيْد نهاية الحرب العالميّة الثانية، وما يحدث في هذا الزمان من كوارث متعلقة بحقوق الانسان، وفي حال تم استكمال التآكل المتزايد لنظام حقوق الإنسان وسيادة القانون والذي جرى انشاؤه بعناية وحذر، سيتسبب في نهاية الأمر بالضرر للجميع دون استثناء.
وهذا ما يدفعنا إلى موضع يكون فيه الأساس لدى الكثيرين الخوفَ من المستقبل القريب والبعيد، فالحركات المتطرّفة تعرّض الشعوب لعنف ما بعده عنف، كما أن النزاعات المسلحة والإرهاب المُمنهج والحرمان من الحقوق الأساسية تجبر العائلات على النزوح أو اللجوء، حتى أمست القيم الإنسانية في مهب الريح.
فالفشل الذي قد يحدث يجعل الجميع في حالة تخوف، الأمر الذي يستوجب من القادة التعامل بفعاليّة وبصراحة مع هذه القضايا المعقّدة، وهو ما قد يدفع الأفراد إلى الوصول إلى حالة من اليأس، خاصةً في حالة وجود أصوات تستغلّ مخاوفهم وتزرع التضليل والانقسام، وتطلق الوعود المغرية التي لا يمكنها الوفاء بها.
وعلى الرغم من أن التاريخ قد يعلّمنا بقسوة أن البشريّة لا يمكنها الاستمرار إلاّ في حال قمنا بالبحث معًا عن الحلول لمشاكلنا، فشأن حقوق الإنسان كان ولا يزال، يجب أن يحمي من هذه الأزمات كلّها، وباعترافنا بأنّ لكلّ فرد التمتّع بالحقوق، كما يجب علينا أن ندافع عن جميع الحقوق، وليس حقوقنا وحدنا فحسب بل أن ندافع عن حقوق الآخرين أيضًا، فحقوق الإنسان هي للجميع، وسيتأثّر الجميع في حال لم نناضل من أجلها وفي حال لم نعمل على حمايتها، تلك الحقوق التي استغرق اعتمادها عقود طويلة من العمل الدؤوب، وبذلت الجهود من قبل العديد م? الأفراد، إلا أن ما يحدث في الفترة الأخيرة يجعلها هشّة، وفي حال لم ندافع عن هذه الحقوق فسوف نفقدها، فكلما ساد التمييز وغياب العدل، فيجب علينا أن نتدخّل لندافع عن حقّ أحد ما في العيش حياة كريمة بعيدًا عن الخوف وغياب لحقوق الإنسان، ويمكننا ممارسة الضغوط للوصول إلى إنفاذ للقانون الدولي بطريقة أفضل واحترام أكبر للكرامة الإنسانيّة.