الراي
مبكرا، وقبل خمسة وأربعين يوما من موعد الانتخابات البرلمانية، تتكثف عمليات الرصد لمختلف جوانب العملية، وصولاً إلى مؤشرات لصورة لذلك الاستحقاق الدستوري، من زاويتي المدخلات والمخرجات.
مبررات هذا الرصد، ما يجري على الساحة من حراك، يراه البعض غير طبيعي، ويتمثل بمحاولات استحضار العامل العشائري كرافعة أساسية من روافع القانون بإطاره السياسي.
وهي محاولات ليست جديدة بالأصل، حيث شكلت العشائر أبرز روافد التصويت لمختلف النواب بتعدد مرجعياتهم الفكرية. لكنها باتت اليوم مختلفة بحكم تعمق الفهم التطبيقي لنصوص القانون، ودخول عناصر جديدة جسرت من حجم الفجوة السلبية بين الانتخابات العائلية والعامة.
الانتخابات التي ستجري في العاشر من تشرين الثاني المقبل، هي انتخابات عادية من كافة النواحي الإجرائية، لكنها استثنائية من حيث الظروف والمعطيات التي تحيط بها والتي تؤثر عليها. وتكفي الإشارة إلى وباء كورونا وانتشاره الجنوني المفاجئ للتدليل على استثنائية ذلك الاستحقاق، ومتطلبات السلامة العامة الواجب توافرها. وما تبذله الهيئة المستقلة للانتخاب بالتعاون والتنسيق مع مختلف الأجهزة المعنية في الدولة من جهد لتوفير تلك المتطلبات، وغيرها من احتياطات للتعامل مع أي طارئ.
وهو تعاون يبعث في النفس الثقة بأن الأمور ستجري على ما يرام، وأن الانتخابات ستجري سواء في موعدها المحدد، أو في أي موعد جديد يتم تحديده تبعا لتطورات الموقف.
ومن هنا فإن عمليات الرصد تركز على مجريات التحضير للعملية الانتخابية، وتطبيقات القانون الذي جرت بموجبه انتخابات 2016، والتحفظات التي أبداها سياسيون تحققت توقعاتهم بأن مخرجاته لن تختلف كثيرا عن قانون الصوت الواحد.
الآن، يمر القانون بالجولة الثانية من تطبيقاته، وسط ظروف خاصة، تتمثل بتعمق الفهم لنصوصه ومضامينه، وتعمق الخلافات بين العشائر، وتحولها إلى الحلقة الأكثر ضعفا في التأثير بالعملية الانتخابية.
فالكثير من العشائر أجرت انتخابات داخلية لفرز من يمثلها، إلا أن غالبيتها دخلت في خلافات جديدة نتيجة لتلك الانتخابات التي حاول البعض من خلالها محاكاة العملية الانتخابية الرسمية، وسط اتهامات بدخول المال الأسود على بعضها.
وخلافا لانتخابات 2016 التي جرت وفقا لنفس القانون، بدت العملية أكثر تعقيدا، وأشد صعوبة. وكانت عملية تشكيل القوائم المرحلة الأكثر صعوبة في مجرياتها.
والدليل إعلان بعض الراغبين بالترشح، ومنهم من يوصفون ب» العتاولة» عجزهم عن تشكيل قوائم انتخابية. وتراجع العديد منهم عن خوض الانتخابات، ورفض البعض المشاركة في قوائم للبراءة من مسمى «الحشوات».
وتراجع عدد نواب المجلس الحالي ممن أبدوا رغبتهم بالترشح ثانية من حوالي المائة نائب إلى أقل من خمسين، وعدد أصحاب الفرص بالعودة ثانية إلى القبة إلى حدود الثلاثين ـ وفقا لقراءات سياسيين كباراً ـ توقفوا عند المتغيرات اللافتة للمشهد.
أما النتيجة الأكثر بروزا لعملية الرصد فتؤشر على توقعات بعدم فوز أكثر من مرشح لغالبية القوائم، باستثناء واحدة أو اثنتين من القوائم الحزبية، إضافة إلى فوز مرشحين للكوتات في أخرى أكثر عدداً. وانهيارات لبعض القوائم في الوقت الضائع.