الغد
إسرائيل هيوم
يوآف ليمور 10/9/2025
بيان التصفية لقمة قيادة حماس، الذي نشره الناطق باسم جيش الدفاع الإسرائيلي والشاباك، خلا عمدًا من تفصيلين مركزيين: الأول، تفصيل أهداف الهجوم قبل توافر اليقين بأنهم صفوا فعلًا؛ والثاني، المكان الذي نفذ فيه الهجوم. اسم "قطر" لم يذكر فيه، وليس صدفة. فقد تحتاج إسرائيل لاحقًا إلى مساعدتها في الفصول القادمة من حربها التي لا تنتهي على حماس.
تناول البيان مسؤولية أهداف التصفية عن هجوم 7 أكتوبر وإدارة الحرب. غير أن من المرجح أن الرغبة في الانتقام - مهما كانت قوية - لم تكن السبب المركزي لقرار إسرائيل الاقتصاص من قيادة التنظيم العاملة في الخارج: لقد كان بالإمكان قتلهم في موعد آخر، وربما على نحو أكثر سرية.
كذلك يبدو واهيًا الربط الذي أجراه رئيس الحكومة نتنياهو بالعمليات التي نفذت: فقد شهدت إسرائيل عمليات كثيرة في الماضي، ولم تثبت أي صلة بين المنفذين الذين عملوا في القدس وبين حماس. يبدو أن قرار العمل في قطر كانت له ثلاثة دوافع مركزية. الأول، اجتماع استثنائي، ربما لمرة واحدة، لشخصيات محورية في قيادة التنظيم، مكن من الاقتصاص منها دفعةً واحدة.
الثاني، الفهم السائد في إسرائيل أنه مع هؤلاء الأشخاص - الذين يعيشون في عالم من الرفاهية ولا يدفعون بأجسادهم ثمن المعاناة والدمار الناجمين عن الحرب في غزة - سيكون من الصعب، وحتى من المستحيل، الوصول إلى اتفاق يقترب من متطلبات إسرائيل الأساسية لإنهاء الحرب. والثالث، تعزيز الردع من مجرد القرار بالهجوم في مكان اعتبر حتى الآن حصينًا بحكم مكانة قطر الدولية وأهميتها كوسيط.
هذه المعضلة لم تطرح الآن للمرة الأولى. فقبل نحو عام بالفعل اقترح الشاباك، برئاسة رونين بار حينها، تصفية قيادة حماس في الدوحة. ولم يقر المستوى السياسي ذلك الاقتراح آنذاك، ورفض فرصًا واقتراحات اخرى برزت لاحقًا. الدوافع تغيرت من مرة إلى أخرى، لكن الخلاصة بقيت كما كانت - حتى بعد الظهر. من المحتمل أن ما رجح الكفة، وهو دافع مركزي رابع (وربما أول) للقرار، كان ضوءًا أخضر وربما حتى موافقةً صريحة من إدارة ترامب.
ما كانت إسرائيل لتهاجم في قطر من دون ضوء أخضر كهذا. لدى الأميركيين أصول كثيرة في قطر - أبرزها أكبر قاعدة لسلاح الجو التابع للسنتكوم (قيادة المنطقة الوسطى لحلف الناتو) في الخليج (والتي كانت أيضًا هدفًا لهجوم إيراني مضاد ردًا على قصف مواقع نووية في حزيران الماضي)، وإلى جانبها طيف من المصالح الاقتصادية، بما في ذلك مصالح شخصية للرئيس دونالد ترامب وعائلته. في العالم العربي برزت شائعات مفادها أن مقترح الرئيس الأميركي لإنهاء الحرب كان في الواقع شرك: وقد شكل خلفيةً لاجتماع كبار قادة حماس في الدوحة، الذي قاد إلى موتهم.
من المرجح أن تعرف التفاصيل قريبًا، وذلك أيضًا لصعوبة احتفاظ ترامب بسر، وكذلك على ضوء رد قطر. لقد حولت إمارة النفط نفسها إلى مدينة - ملاذ لقادة منظمات على اختلافها - حماس، وإلى جانبها في الماضي أيضًا القاعدة وطالبان وآخرون: فبالنسبة لقطر، التداعيات هي بعيدة المدى، إذ إنها تقدم صورة واثقة، وتبني على أساسها تطلعات دوليةً مثل استضافة مستقبلية للأولمبياد، استكمالًا للمونديال الذي استضافته قبل ثلاث سنوات.
ستدين قطر بالتأكيد التصفية، غير أنه سيستغرقنا وقت لفهم ما إذا كانت قد سئمت هي نفسها من حماس، أم أنها تواصل ربط مصيرها بمرعيتها وشريكتها في ايديولوجيا الإخوان المسلمين. سيتضح ذلك، ضمن أمور أخرى، عندما يتبين ما إذا كانت قطر ستواصل الوساطة في الاتصالات من أجل اتفاق، أم أنها ستسحب يدها من هذا الحدث.
ومن المرجح أنه حتى إن كان الغضب من الدوحة أصيلًا، فان الخيار الأول هو الأرجح لأن قطر ستسعى إلى الحفاظ على مكانتها الإقليمية، لا سيما حين تعزز التصفية، من الجهة المقابلة، خصمها العلني - مصر. لكن للتصفية تداعيات أهم من دور قطر فيها.
أول هذه التداعيات هو ما يتعلق بالرهائن. يصعب معرفة ما إذا كان ضرب حماس بقوة كهذه يعرض حياتهم للخطر فورًا: فقد روى رهائن مفرج عنهم أن معاملتهم تأثرت مباشرةً بالأحداث المختلفة. ينبغي علينا ان نامل بأن تبقى حماس - ما تبقى منها - براغماتية، وأن ترى فيهم ذخرا.
التداعي الثاني يتعلق بمستقبل الحرب. ليس واضحًا من سيدير الشؤون في حماس الآن. لقد نالت إسرائيل تدريجيًا من كامل القمة العسكرية والسياسية للتنظيم، ولم يبق في غزة إلا قادة من المستوى المتوسط (يتصدرهم عز الدين حداد) وهم مطالبون الآن بملء مناصب ولعب أدوار أكبر عليهم بعدة مقاسات. ومع كل الرغبة في تعميق الضربات للتنظيم وقياداته، تحتاج إسرائيل أيضًا إلى طرف تتحدث إليه في الجهة الأخرى كي تتمكن من دفع مصالحها المعروفة والمحددة مسبقًا — إنهاء الحرب، إعادة الرهائن، نزع سلاح القطاع، وإقامة حكم جديد في غزة (خال من حماس).