الدستور- مشاهد عدة وروايات مختلفة شاهدنا بعضها وسمعنا عن بعضها الآخر خلال الأسابيع المنصرمة التي بقينا فيها حبيسي المنازل استجابة لتعليمات الدولة ضمن جهودها لمكافحة فايروس كورونا.
بعض تلك المشاهد كان محزنا وبعضها مضحكا والبعض الآخر يثير الحنق والعجب، كأن تراقب طوابير المواطنين أمام المخابز والبقالات سعيا لتخزين كميات كبيرة من الخبز و المواد التموينية، أو أن ترى أشخاصا يتجمعون لإقامة الصلاة في ظل فتاوى تؤكد على إسقاط فرض الجماعة وضرورة إغلاق المساجد حفاظًا على الروح البشرية، و مظاهر أخرى لمشاكل اجتماعية بين الأسر التي ضاقت ذرعا في منازلها وعبرت عن ذلك الضيق بأشكال مختلفة من المشاكل الأسرية.
المفارقة بالموضوع وبالرغم من الضغوطات الكبيرة والمساحة الضيقة للتحرك الا ان هناك بعض الايجابيات ساهم فيها فايروس كورونا وضبط فيها بوصلة الحياة، فكان للتجمع على المائدة وتواجد رب الأسرة في البيت والتسامر يوميًا شعور يذكر الجميع بأيام شهر رمضان الفضيل ويعزز روابط الأسرة ويعيد تعريفهم ببعضهم بعضا بعدما غزت التكنولوجيا عقولنا وبيوتنا فأصبحت علاقاتنا عبر وسائط إلكترونية بكبسة تفاعل للحب والحزن والفرح والغضب او بتعليق قصير.
«الكورونا» تعيد تشكيل عاداتنا وتقاليدنا في الفرح والترح، حيث بات عاديا ان تسمع بزواج تم بحضور والدي العريسين واسرتيهما ضمن مراسم بسيطة، وبات مقبولا ان ترسل رسالة لتعزية صديق بوفاة احد أقربائه ،لكن الغياب الاجباري عن جنازة صديق او عزيز يبقى مؤلما لأنك لا تشارك بالصلاة عليه ولا تملك الا الدعاء له عن بعد ومواساة اهله وذويه عبر اتصال هاتفي لا يشعرك بقيمة ما قدمت لهم.
لا بد لنا ان نحمد الله عز وجل على نعمه التي كنا ننعم بها وما نزال .. فاليوم نكتشف ان أزمة الشوارع نعمة .. والذهاب للعمل على مضض نعمة .. والصحوة المبكرة للإم والأب من اجل ابنائهما وتعلمهم نعمة ..وقضاء حوائج بيتك وتكلفك المشقة في العمل نعمة .. وصلاة الجماعة والجمعة نعمة كبيرة .. وضنك الحياة اليومية و الذي لطالما شكونا منه نعمة أيضاً..
فبالحمد تدوم النعم وتزول النقم .
فلنحمد الله صباحاً ومساء ولندعوا الله ان تزول عنا هذه الغمة التي ألمت بنا جميعًا .. فليس فينا أحد بعيد عن هذا المرض، فهو جائحة في العالم اجمع .
لابد ان نقف مع أنفسنا ونراجع حساباتنا فيما قدمت يدانا ..وماذا سنقدم ان كان لنا في العمر بقية ؟ .. ولنتعظ ولنعتبر من هذا الفايروس الذي لا يرى بالعين المجردة، وكيف حرمنا ممن نُحب وخطف منّا أفراحنا وقطّع بنا أوصالنا ، ليس هذا فحسب بل أضرنا في اقتصادنا ومواردنا التي هي بالأصل تكاد تكفينا..
وأخيرا لا ننسى في هذا الظرف الصعب الشكر والتقدير للكوادر الصحية كافة وقواتنا المسلحة الباسلة ونشامى اجهزتنا الأمنية والأمن العام والدفاع المدني الذين تحملوا اكثر منا بكثير ليوفروا لنا الرعاية والطمأنينة والأمن والأمان، تاركين اهلهم وفلذات أكبادهم لايستطيعون معانقتهم او احتضانهم بسبب عزلهم لأنفسهم او وظيفتهم .. فهم بالفعل حماة الوطن وسياجه المنيع وخط الدفاع الاول الساهرون على حماية الوطن من تفشي فايروس كورونا وفق افضل المعايير الصحية والتدابير الأمنية للتصدي لهذا الوباء وضمان سلامة وصحة الجميع.
اننا نفخر بالجنود المجهولين الذين يعملون بكل تفانٍ واخلاص في ظل هذه التحديات غير المسبوقة.
فيجب علينا ان نراجع أنفسنا ونقوي عزيمتنا لنستطيع ان ننهض من هذه الأزمة الخانقة والتي آلمت الجميع فليس لنا إلا تكاتفنا وتحمّلنا لبعضنا بعضا .. وللحديث بقية..
حمى الله الوطن وقيادته وشعبه وجنبنا كل مكروه