عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Oct-2019

الجيش التركي وفصائل المعارضة السورية يدخلان منبج شمال شرقي سوريا

 

هبة محمد
 
دمشق – «القدس العربي» : دخل الجيش الوطني السوري التابع للمعارضة وبإسناد من الجيش التركي مدينة منبج في ريف حلب الشرقي. وقال قائد عسكري في الجيش الوطني لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): «دخلت قوات الجيش الوطني إلى مناطق ريف منبج وسيطرت على قرية الياشلي شمال غربي مدينة منبج، وتتقدم القوات في اتجاه قرية الجات شمال منبج، والعملية ستكون سريعة لانهيار دفاعات قوات سورية الديمقراطية (قسد) وهروب عناصرهم».
وأضاف القائد العسكري أن قوات الجيش الوطني حشدت قواتها منذ مدة وبعد تنفيذ المرحلة الأولى من عملية شرق الفرات والسيطرة على مدن تل أبيض ورأس العين والمناطق المحيط بهما، تبدأ اليوم عملية السيطرة على مدينة منبج وطرد مسلحي قسد من المدن وإعادة المدينة إلى أهلها «. من جانبه، أقر مصدر في مجلس منبج العسكري بأن» فصائل المعارضة بدأت عملية عسكرية في ريف منبج الشمالي والغربي، وقواتنا تواجه القوات التركية المعتدية». وأضاف المصدر لـ(د.ب.أ): انتشر الجيش السوري في قرية السلطانية 4 كم شرق مدينة منبج ، كما انتشر في عدد من النقاط غرب المدينة «. يأتي ذلك في إطار عملية «نبع السلام» التي اطلقتها تركيا برفقة الجيش الوطني المعارض يوم الأربعاء الماضي مبررة ذلك بالتصدي للارهاب وإقامة منطقة أمنة لتوطين اللاجئين السورييين.
وشن الجيش التركي والجيش السوري الوطني، عملية عسكرية واسعة على مدينة منبج وريفها في حلب، شمالي سوريا، في وضع عسكري يفرض نتائجه الطبيعية على «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد) التي انحسرت مناطق نفوذها، في ظل غياب الدعم الأمريكي، أمام اقوى جيوش حلف الناتو، المدعوم بالطيران والمدفعية الثقيلة، الأمر الذي أجبر قيادات الوحدات الكردية على عقد اتفاق مع النظام السوري، وصفه معارضون لـ»القدس العربي» باتفاق «التبعية» فلا «قسد» قادرة على التصرف منفردة، ولا نظام الاسد قادر على التحرك بعيداً عن الرغبة الروسية، وهو ما يفسر التحركات المحدودة لقوات النظام والتي صورت نصراً «إعلامياً» بعد دخولها بعض المناطق التي خسرتها قبل سنوات.
 
«الوحدات الكردية» تلعب ورقتها الأخيرة وتسلّم النظام السوري مناطق تحت سيطرتها
 
وقال مسؤول كردي سوري بارز إن اتفاقاً «عسكرياً مبدئياً» أبرم مع دمشق لدخول قوات النظام مناطق حدودية من بلدة منبج إلى الغرب من ديريك على بعد 400 كيلومتر في الشمال الشرقي، فيما يفترض بحث القضايا السياسية فيما بعد، حسب المسؤول الكردي بدران جيا كرد لرويترز.
وبثت مصادر محلية مقاطع مصورة تظهر قصف المقاتلات التركية والأسلحة الثقيلة على مدينة منبج تمهيداً للتقدم البري باتجاه مدينة، كما اكدت مصادر عسكرية من غرفة عمليات «الجيش الوطني السوري» انطلاق قواتها «لتحرير منبج من الميلشيات الانفصالية» واندلاع اشتباكات بين مقاتلي «الجيش الوطني» وعناصر «الحماية الكردية» داخل قرية «الجات» شمال مدينة منبج في ريف حلب، تزامناً مع استهداف الجيش التركي بالمدفعية الثقيلة، المواقع التي تتحصن فيها «قسد» داخل القرية. ولمح الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الاثنين إلى أن بلاده تسعى لطرد المقاتلين الذين يقودهم الأكراد من مدينة منبج في شمال سوريا بعد أن أبرم مسؤولون أكراد اتفاقاً مع النظام السوري للتصدي للجيش التركي.
وبينما يتعاظم حجم التنافس بين الجيش التركي وقوات النظام السوري، للظفر بأكبر قسم من «التركة» الأمريكية، يصوّر النظام السوري، لحاضنته الشعبية، دخول قواته مناطق كان قد خسرها قبل نحو خمس سنوات، مثل اللواء 93 في منطقة عين عيسى، وبلدات وقرى في ريف الرقة والحسكة، على أنه «إنجاز عسكري وسياسي» في حين يعتبر معارضون سوريون ان ذلك «نصر إعلامي» فقط بينما يحاول تسويقه النظام نصراً سياسياً وما كان ليحققه لولا انتهاء دور «الوحدات الكردية» الوظيفي.
 
«نهج إيجابي»
 
وذكرت وسائل إعلام النظام السوري الرسمية أمس الاثنين، أن قواته دخلت بلدة تل تمر في ريف الحسكة الشمالي الغربي لمواجهة الجيش التركي، بعد اتفاق مع وحدات الحماية الكردية، إضافة إلى مركز محافظة الرقة وبلدة عين عيسى، فيما منع «رتل أمريكي قوات الجيش العربي السوري من دخول منبج وعين العرب».
جاء ذلك غداة إعلان الولايات المتحدة سحب قواتها المتبقية في شمال شرقي سوريا بقوام ألف جندي بعد أربعة أيام فقط من بدء عملية «نبع السلام» حيث اكد مسؤولان أمريكيان لرويترز أن سحب أغلب القوات الأمريكية سيستكمل في غضون أيام.
وقال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أمس الاثنين إنه لا يعتقد أن أي مشاكل ستقع في مدينة كوباني السورية بعد انتشار الجيش السوري على الحدود، مضيفاً أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبدى «نهـجاً إيـجابياً».
وفي وقت سابق أمس الاثنين، أفادت وسائل إعلام رسمية بأن قوات النظام السوري دخلت بلدة تل تمر في شمال شرقي سوريا بعد أن توصلت دمشق لاتفاق مع القوات التي يقودها الأكراد في المنطقة للانتشار هناك بهدف التصدي لهجوم تركي.
وفي دليل واضح على إيجابية الموقف الروسي تجاه العملية التركية، نظراً لتقاطع المصالح بين الطرفين، قال الكرملين أمس الاثنين إنه لا يريد التفكير في احتمال وقوع اشتباك بين القوات الروسية والتركية في سوريا، وأضاف أن موسكو على تواصل منتظم مع أنقرة بما في ذلك على المستوى العسكري، وكشف المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحافيين عن تحذير موسكو أطراف الصراع السوري من أجل تفادي أي عمل من شأنه تصعيد الوضع أو الإضرار بالعملية السياسية الهشة.
ما حدث على الأرض، حسب الباحث السياسي فراس عليوي هو تقدم للقوات التركية من خلال محاور عدة للوصول إلى طريق القامشلي حلب وقطع جميع طرق الامداد من خلال الوصول لعمق 30 كم، بالسيطرة على مراكز مدن، تل ابيض ورأس العين وصولاً لعين عيسى، مؤكداً أن العملية لازالت في بدايتها ولم تحقق اهدافها كاملة. لكن يبدو ان هناك حدوداً معينة ستقف عندها هجمات الجيش التركي، بانتظار لقاء الرئيسين التركي والأمريكي الشهر المقبل.
وفي ظل هذه التراجعات لم يعد أمام «قسد» سوى استخدام الأوراق السياسية التي تملكها لايقاف العملية التركية، وهي معتقلو تنظيم الدولة، والذي يبلغ عددهم حوالي 7 آلاف وهي ورقة ذات حدين قد تنقلب ضدهم في حال عدم استغلالها بشكل جيد، لكن خبراء ومراقبين أكدوا لـ»القدس العربي»، ان « قسد لم تستطع الامساك بها جيدا خاصة مع تصريحات ترامب باستعداد تركيا للامساك بملف تنظيم الدولة».
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قال الاثنين إن القوات التي يقودها الأكراد في شمال شرقي سوريا ربما تطلق سراح أسرى من تنظيم الدولة لحمل القوات الأمريكية على العودة للمنطقة، مضيفاً أنه سيكون من السهل للغاية أسرهم مرة أخرى، وكتب ترامب في سلسلة تغريدات على تويتر «الأكراد ربما يفرجون عن البعض لحملنا على التدخل. من السهل للغاية أن تعيد تركيا أو الدول الأوروبية التي يتحدر منها الكثيرون أسرهم، لكن ينبغي لهم التحرك بسرعة».
 
الورقة الأخيرة
 
وتحدث الباحث السياسي، عن الورقة الأخيرة والتي تتطلب تعاوناً حقيقياً مع نظام الأسد، «لكنه اتفاق التابعين» حسب وصفه، نظرًا للقيود المفروضة على كلا الطرفين باعتبارهما مجرد أدوات بين اللاعبيين الدوليين، «وهو ما يفسر التحركات المحدودة لقوات النظام والتي كانت إعلامية أكثر منها تحركات لقوى عسكرية».
وكنتيجة، اعتبر فراس عليوي ان النظام السوري، ربح سياسياً، نقطة في مصلحته من خلال عودته لبعض المناطق التي كانت خارج سيطرته ولو إسمياً، لكن حتى اللحظة لم تصل الامور لمناطق الاحتكاك المباشر بين القوى المتصارعة وهو ما لا يمكن التكهن بنتائجه في حال حصل اي تماس ما بين الجيش التركي وقوات نظام الأسد، معرباً عن اعتقاده بأن كل الاطراف تعمل على ألا يحدث هذا الاحتكاك لأنه غير معروف النتائج.
الاتراك وبسبب طبيعة التوافقات مع الامريكيين في سوريا، وخاصة اتفاق منبج الذي «مات سريرياً»، حاولوا استغلال الوقت وعدم إعطاء الامريكيين الفرصة لكسب الوقت، حيث استغلت أنقرة انشغال ادارة ترمب وتخبطها في مشاكلها الداخلية والصراع داخل الكونغرس بخصوص التحقيقات مع ترمب وإدارته، وفرضت العملية كأمر واقع مع غض بصر أمريكي وفق توافقات سابقة بين الجانبين.
ويعتبر الباحث السياسي، المختص في ملف المنطقة الشرقية فراس عليوي ان عملية «نبع السلام» تطبيق لمشروع المنطقة الآمنة التي دعا اليها الاتراك مراراً، والتي تهدف إلى إبعاد القوات الكردية لمسافة تتراوح بين 30 و35 كم عن الحدود، من أجل إحلال فصائل موالية لتركيا، بديلاً عنها في تلك المنطقة.
وأوضح لـ «القدس العربي»، ان احد أهداف العملية التركية، تجهيز أنقرة لاعادة مئات آلاف اللاجئين اليها والذين بدأوا يشكلون حالة ضغط على الحكومة التركية، وهو السبب الذي «ضغطت من أجله تركيا على الادارة الامريكية لتسريع عملية تطبيق المنطقة الآمنة وهو ما تم التوافق عليه في اجتماع انقرة بين فنيين عسكريين أمريكان واتراك تم خلالها التوافق على طبيعة التدخل التركي».