عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Mar-2019

الإدارة العامة: الاعتراف بالمشکلة أولا - زید نوایسة
الغد- دعونا نعترف أن ھناك مشكلة حقیقیة في الإدارة العامة الأردنیة عنوانھا حالة الإنكار والتبریرات غیر المقنعة وغیاب المنھجیة في التعامل مع التحدیات وبالرغم من الحدیث الدائم للحكومات في بیاناتھا الوزاریة عن التطویر الإداري واعتماد المؤسسیة كعنوان أساسي لھ وإقامة المؤتمرات وبرامج التطویر والجوائز، إلا أننا ما نزال نتعامل بذات الأدوات التي لم تفترق كثیراً عن تلك التي استخدمت قبل حدوث ثورة الاتصال والحكومات الإلكترونیة، وربما لا تختلف عما كان سائداً منذ نشأة الدولة.
ھناك مئات آلاف الموظفین ومئات الآلاف غیرھم ینتظرون الوظیفة العامة بالرغم من تواضع الدخل المتأتي، لشعورھم بأنھا توفر الأمن والاستقرار. یصاحب ذلك حالة إحباط تعززت في السنوات الأخیرة مصدرھا لجوء الحكومات لتعبئة الشواغر القیادیة من خارج الجسم الحكومي، ما یطرح سؤالاً حول فكرة الانتماء الوظیفي وغیاب الدافعیة، طالما أن الجھد والعطاء سیكون عبثیاً وأن النتائج سیجنیھا أصحاب النفوذ والعلاقات الشخصیة من خارج القطاع الحكومي، والتبریر الحاضر أن مصلحة العمل تستدعي وجود شخص یحمل مؤھلات غیر متوفرة في جھاز حكومي قوامھ مئات آلاف الموظفین.
ھذا لا یقلل أبداً من أن الإدارة الأردنیة شكلت في مرحلة تاریخیة بیوت خبرة یشار إلیھا بكثیر من التقدیر والاعتراف بكفائتھا وساھم منتسبوھا في تطویر القطاعات الحكومیة في العدید من الأقطار العربیة وخصوصاً دول الخلیج العربي في بدایة نشأتھا؛ ولكن ھذا الأمر تغیر وأضحینا بحاجة لمن یطور منظومتنا الإداریة من تلك الدول ذاتھا كما حصل مع دولة الامارات وھذا مؤشر واضح لما وصلنا إلیھ.
أولى خطوات التعامل مع تراجع الإدارة العامة بكل مفاصلھا ھو الاعتراف بالأسباب التي أدت لذلك. وأولھا أن الدولة أخفقت في تعریف مفھوم الوظیفة العامة بأنھا لیست مجرد فكرة استیعاب الخریجین من الجامعات والمعاھد والباحثین عن فرصة للعمل والعیش – على أھمیة ھذا الأمر باعتبار الحصول على وظیفة حق كفلھ الدستور- بل الأصل فیھا تقدیم الخدمة الحكومیة بفعالیة وكفاءة ونزاھة مطلقة وبما یتناسب مع احتیاجات الجھاز الحكومي وضمن معاییر تضمن العدالة لكل الأردنیین، علماً بأن نسبة العاملین في القطاع العام وحسب دراسات حكومیة ما تزال ضمن.
المسار الآمن وھو خلاف ما یروج لھ بعض المسؤولین بأنھ من الأعلى عالمیاً فعلیاً ساھمت السیاسات الحكومیة وثقافة المجتمع منذ زمن بعید في الإعلاء من قیمة الوظیفة التقلیدیة حتى اكتسبت ھذه الجاذبیة على حساب العمل المھني. رافق ذلك فائض من الكلام عن أھمیة التعلیم التقني دون ترجمة ذلك عملیاً ببرنامج وطني لا یدعو للتعلیم التقني بل یفرضھ من خلال التعلیم المدرسي وكلیات المجتمع التقنیة ویكون ھذا الامر بخلق میزات لكل من یتجھ لمسار التعلیم التقني والمھني، ولیس فقط الحث علیھ في المؤتمرات والندوات والتعھد بإنجازه في البیانات الوزاریة؛ إذ لا یعقل أن یستوعب سوق العمل الأردني ملیون عامل وافد في قطاعات السیاحة والصناعة والبناء وعاملات المنازل وما یزال الحدیث عن ارتفاع نسب البطالة.
حتى بین من یملكون مستوى تعلیمیاً متواضعاً الیوم تكبر أزمة الحصول على الوظیفة العامة ككرة الثلج وتزداد حالات الشكوى والتذمر من العاملین في مختلف دوائر الدولة والاحساس بأن المؤسسات تدار بعقلیة الرجل الواحد الذي یملك المؤسسة ویقرر سیاستھا ومن یبقى ومن یغادر ومن یتقدم في الموقع الوظیفي وھي بالتأكید أزمة عمیقة تحتاج مقاربة جدیة بعیداً عن القوالب التقلیدیة التي أثبتت عدم جدواھا، فھل تتعامل الحكومة مع ھذه الأزمة الحقیقیة بعیداً عن سیاسة التأجیل والمسكنات والترضیات المؤقتة؟