عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-Nov-2019

فرصة للتسوية مع حماس - عاموس هرئيل

 

هآرتس
 
بعد عشرة ايام على انتهاء جولة القتال الاخيرة في غزة ضد الجهاد الاسلامي، يشخص الجيش الاسرائيلي فرصة نادرة للتقدم. إن تصفية اسرائيل لنشيط الجهاد بهاء أبو العطا ازاحت عن الطريق التهديد الرئيسي للهدوء في القطاع في السنة الاخيرة. في الوقت الذي فيه قيادة حماس في القطاع برئاسة يحيى السنوار تظهر اهتمام كبير بالتوصل الى تسوية بعيدة المدى.
في هيئة الاركان يؤيدون تقديم تسهيلات بعيدة المدى في القطاع مقابل ضمان الهدوء. القرار النهائي يوجد في أيدي المستوى السياسي الغارق في ازمة سياسية وقانونية حول قرار تقديم ثلاث لوائح اتهام ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والصعوبة في تشكيل حكومة جديدة. خلافا الجيش، الشباك يطرح موقف اكثر تحفظا، حيث أن اساس الخلاف يتركز في مسألة هل يمكن السماح لآلاف آخرين من عمال القطاع بالعمل في اسرائيل.
عملية الجرف الصامد في صيف 2014 انتهت بخيبة أمل عسكرية من ناحية اسرائيل، لكنها أثمرت فترة ثلاث سنوات ونصف فيها تم الحفاظ على الهدوء النسبي على حدود القطاع. مع ذلك، خوف حكومة نتنياهو من انتقاد سياسي في الداخل وايضا المفاوضات العالقة مع حماس على مصير الجثث والمفقودين الاسرائيليين في القطاع منعت التقدم نحو تسوية طويلة المدى. في نهاية آذار 2018 بسطت حماس رعايتها على المظاهرات على حدود القطاع، التي تدهورت بسرعة الى مواجهات عنيفة خلالها حاول الكثير من المتظاهرين أن يقتحموا بالقوة الجدار وتم اطلاق النار عليهم من القناصة الاسرائيليين.
في الاحداث التي حدثت منذ ذلك الحين، التي في معظمها حول مظاهرات يوم الجمعة في القطاع، قتل أكثر من 300 فلسطيني وأصيب بضعة آلاف من جنود الجيش. في نفس الوقت تسبب فلسطينيون بموجة من الحرائق في حقول غلاف غزة، بواسطة اطلاق الطائرات الورقية والبالونات الحارقة. بعد ذلك كانت جولات تصعيد رافقها اطلاق مئات الصواريخ نحو اسرائيل. في جولة قتال ليومين في أيار الماضي قتل اربعة اسرائيليين مدنيين بسبب اطلاق الصواريخ والقذائف المضادة للدبابات من قبل حماس. في الجولة الاخيرة التي بدأت في 12 تشرين الثاني باغتيال أبو العطا قتل 35 فلسطيني وتم اطلاق 500 صاروخ على اسرائيل.
ولكن النهاية السريعة للجولة الجديد، بعد يومين، وضعت اسرائيل امام فرصة نادرة للتقدم – ربما اصلاح ما تم اضاعته قبل خمس سنوات بعد عملية الجرف الصامد. أبو العطا كان المسؤول عن 90 في المئة من احداث اطلاق النار في السنة الاخيرة. تصفيته ابقت الجهاد في موقف عسكري ضعيف، وايضا قتل نحو 20 ناشط آخر في الذراع العسكرية في القطاع. على هذه الخلفية اختارت قيادة الجهاد التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار بسرعة مع اسرائيل، بعد 20 ساعة على بدء الاطلاق. من المتوقع أن يحتاج الجهاد الاسلامي الى فترة لاستجماع قوته، وهكذا وجدت الفرصة لاعادته الى مكانته الاصلية كفصيل ثانوي بالنسبة لحماس وليس كمن ينجح في املاء سير التطورات مثلما حدث في السنة الاخيرة.
في المقابل، حماس اتخذت للمرة الاولى سياسية مختلفة في جوهرها عندما قررت عدم المشاركة بصورة فعالة في تبادل النار مع الجيش، باستثناء اطلاق صاروخين على بئر السبع بعد يومين من دخول وقف اطلاق النار الى حيز التنفيذ والذي اعتبر في جهاز الامن ضريبة كلامية لفكرة المقاومة العسكرية ضد اسرائيل. في الجيش على قناعة بأن حماس تريد الآن التوقف عن المواجهات ومعنية بالتوصل الى انجازات اقتصادية مهمة. هكذا، نشأت ظروف جيدة للدفع قدما بتسوية طويلة المدى. حماس اعطت مرة اخرى اشارات بشأن نيتها بالقرار بعدم اجراء المظاهرات الاسبوعية في يومي الجمعة الاخيرين على طول الجدار.
في الجيش يتوقعون أنه يمكن وضع التسوية على مسار ايجابي بواسطة عدة تسهيلات اخرى في القطاع، منها بداية التخطيط لمشاريع كبيرة في البنى التحتية مثل تشغيل خط كهرباء آخر للقطاع واقامة منشأة لتحلية المياه واعدادات أولية لاعادة انشاء منطقة صناعية في معبر كارني على حدود القطاع في جنوب سديروت. ويبدو أن الجيش ايضا سيدعم توسيع كبير في عدد تصاريح العمال للقطاع من اجل العمل في مستوطنات الغلاف، وربما حتى في مناطق اخرى في اسرائيل.
في قيادة هيئة الاركان يعتقدون أنه سيكون بالامكان ضمان رقابة امنية وثيقة على العمال مثلما هي الحال الآن، على سبيل المثال، في المناطق الصناعية في المستوطنات في الضفة الغربية. الشباك المستعد لفحص تسهيلات معينة في القطاع يظهر خلال السنين معارضة شديدة لإدخال عدد اكبر من العمل بذريعة أن هذا الامر يمكن أن يتسبب بالعمليات. وحسب ما نشر في هآرتس في تموز الماضي، فان اسرائيل تسمح الآن بدخول نحو 500 رجل اعمال من القطاع من اجل العمل في اسرائيل، لكن عددا منهم يعملون بالفعل كعمال في فرع البناء وفرع الزراعة.
ولكن بعد التسهيلات وقبل انجاز المشاريع الكبيرة في مجال البنى التحتية في القطاع والتي يعتقد الفلسطينيون بأنها حيوية، ستكون حاجة الى اشتراط حدوث تقدم آخر في التوصل الى حل لمشكلة الأسرى والمفقودين الاسرائيليين.
الجيش الاسرائيلي يستعد بشكل حثيث لامكانية حدوث مواجهة يمكن أن تندلع في الجبهة الاكثر تهديدا بالنسبة له وهي الجبهة الشمالية، امام ايران ومبعوثيها. على خلفية هذه الاحتمالية فان الجيش يشخص وجود فرصة، ربما لا تتكرر، من اجل التوصل الى عدة سنوات من الهدوء على حدود القطاع. هذا سيناريو متفائل جدا، لكنه ليس مستبعدا. حماس حسب معرفتنا، معنية بذلك. لهذا فإن تطبيقه متعلق بالاساس بقرارات المستوى السياسي في اسرائيل.