عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    07-Sep-2019

جاهلیة قرن الإنترنت - د.عاصم منصور
الغد- حدثني أحد العاملین في مجال العمل التطوعي الصحي یعمل في منظمة دولیة تنشط في مناطق النزاعات أن إقبال الأھالي في أجزاء كبیرة من باكستان وأفغانستان على تطعیم أطفالھم قد تأثر سلبا عقب اغتیال أسامة بن لادن والاعتقاد السائد أن الولایات المتحدة قد استخدمت حملات التطعیم للایقاع بھ مما أعطى أصحاب نظریة المؤامرة حجة قویة تعزز موقفھم المعارض للتطعیم والمستند إلى نظریة المؤامرة، وأدى إلى ارتفاع ملحوظ في حالات الإصابة بالأمراض المعدیة. وفي نفس السیاق لا یكاد یمر یوم دون أن یرسل لي أحد الأصدقاء خبرا أو مقطع فیدیو حول ما إذا كان مرض السرطان مؤامرة كونیة حاكتھا شركات الأدویة أو حول اكتشافات مزیفة لعلماء مدعین ینتمون الى شعوب اصبحت تعیش وتقتات على ھامش الحضارة یزعمون من خلالھا قدرتھم على القضاء على امراض مستعصیة.
ولا تقتصر ھذه الظاھرة على شعوب بعینھا وان كانت تعشش وتقتات على البیئات الاكثرتخلفا لكن
لم یسلم منھا حتى الدول المتطورة فھا ھي تقاریر حدیثة تصدرت من المملكة المتحدة تبین أن
الحملات الواسعة ضد تطعیم الأطفال بحجة تأثیرھا السلبي على صحة الطفل، وربطھا بمرض التوحد قد تسببت بانخفاض نسبة التطعیم في بلد یعتبر رائدا في ھذا المجال.
ھذه الأخبار وغیرھا تؤشر على مدى سطوة الإشاعات والأخبار المفبركة التي لا تستند إلى حقائق
علمیة أو تلك التي تقوم بلي عنق بعض الحقائق لتتناسب مع وجھة نظر أصحابھا وتأثیرھا السلبي
على الناس المھیئین أصلاً لتقبل أي معلومة سلبیة.
لقد وجد مروجو الإشاعة والباحثین عن الشھرة الكاذبة ضالتھم في وسائل التواصل الحدیثة التي
غیرت بصورة جذریة طرق استقبال البشر للمعلومات وتبادلھا والحوار بشأنھا ومنحتھم منابر واسعة الانتشار وبكلفة قلیلة نسبیاً وبلا ضوابط أخلاقیة لیبنوا أمجادھم على حساب الناس المخدوعین في أكبر عملیة تجھیل تشھدھا البشریة، مما جعل من ھذه الوسائل التي یفترض أن تكون مصدر إشعاع تنویري بؤرة للتجھیل.
لقد عملت وسائل التواصل الاجتماعي على زیادة سرعة انتشار المعلومات المثیرة للجدل ومدى
انتشارھا، وفي الوقت ذاتھ بتنا نرى تراجعا في الثقة بالمصادر التقلیدیة للمعلومات بحیث صار لزاماً على ناقلي رسائل التوعیة الصحیة شق طریقھم بصعوبة والابحار في عالم الإعلام المتشظي على نحو متزاید، وغالبا في سیاق مسیس على نطاق واسع ولن نتمكن من ارسال رسائلنا الصحیة
التوعویة التي تھدف إلى ردم الھوة بین ما نعرفھ وما نقولھ وما نفعلھ ما لم نتسلح بالمعرفة وبمھارات التواصل.
كما یتعین على القائمین على ایصال رسائل التوعیة الصحیة مراعاة عوامل كثیرة عند رسم خططھم التوعویة فالمواضیع الصحیة غالبا ما تكون معقدة أصلا وبالتالي تحتم استخدام مقاربة مدروسة وواضحة المعالم من خلال معرفة الفئة المستھدفة والسبل المثلى لایصال الرسائل لھا وكیفیة صیاغة ھذه الرسائل بحیث تلائم ھذه الفئة