عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Mar-2019

الربيع في غابات جرش هل سيمضي بخيره أم اننا على موعد مع الحرائق ؟!

 

جرش –الدستور - حسني العتوم - يبهج النفوس هذا البساط الاخضر الممتد طولا وعرضا بين الجبال وعلى المرتفعات وفي السهول وبين الحقول وفي الوديان وعلى جنبات الطرقات.
كان هذا العام عام غيث بامتياز وبشرى للزرّاع فامتلات الابار وفاضت السدود، وهاي هي الشمس بقرصها الذهبي تشعل النمو في الحياة فتطاولت الاعشاب وعانق البعض منها رؤوس الاشجار، حتى اصبح كل شيء في المحيط ملهما للكتاب والقاصين والادباء وهمس النهار.
وامام هذا الخضم الهائل من الاعشاب التي تملا الافق فاننا نحتاج الى وقفة تامل، فنيسان وان طال يعقبه ايار وحزيران، وسيصبح البساط الاخضر اليانع اصفر؛ وهنا تبدا معارك الحرائق، فهل سنكون على موعد معها ام اننا سنضع الخطط والتدابير للحيلولة دون تفاقمها صيفا ؟ ونجبرها قبل ان تنكسر ؟
هذا السؤال عرضناه على المسؤولين هنا في جرش، ادراكا منا بان بساط جرش الاخضر الممتد عبر تيجان صنوبريات اشجارها في دبين وسوف وساكب وكفرخل وباب عمان وغيرها سيكون مهددا بألسنة اللهب بفضل الاعشاب الجافة؛ وهذا الحال ينسحب بالضرورة على كامل غاباتنا وبساتين اللوزيات والزيتون؛ فالنيران حين تنشب اظفارها لا تفرق بين هذا وذاك ولا بين اخضر او يابس.
وفي المتابعة فان تصريحات إدارة الإعلام والتثقيف الوقائي في المديرية العامة للدفاع المدني السنوية تؤكد أنه وفي كل عام وتحديداً خلال فصل الصيف تبرز مشكلة الحوادث الموسمية التي تقع خلال أشهر هذا الفصل وفي مقدمتها حرائق الأعشاب والمزروعات والأشجار، فما أن تبدأ الأعشاب بالجفاف والتيبس حتى تأخذ أعداد حرائقها بالتزايد نتيجة للعديد من الأسباب التي لا تخرج في معظمها عن نطاق الاستهانة بمتطلبات السلامة أو الأخذ بالأسباب الاحترازية والوقائية الكفيلة بالحد من هذه الحوادث.
حيث تشكل حرائق الغابات و الأعشاب الجافة أكثر الحوادث نسبة الى المجموع الكلي للحوادث التي يتعامل معها جهاز الدفاع المدني في فصل الصيف، وأن ارتفاع درجات الحرارة وجفاف الأعشاب تشكل مناخا ملائما لنشوب الحرائق سيما في ظل غياب التقيد بمتطلبات السلامة العامة داخل مواقع التنزه، حيث أن الأخذ بأسباب الحيطة والحذر كفيلة بالحد من وقوع هذا النوع من الحوادث.
وتذكر مصادر إدارة الإعلام أن حرائق الأعشاب الجافة من الحوادث التي يسهل علينا تجنبها والحد من وقوعها لأنها بالغالب تأتي نتيجة للإهمال والاستهتار بالسلوك الذي قد يمارسه البعض كإشعال النيران بالقرب من الأشجار الحرجية بقصد الطهي والشواء أثناء التنزه أو رمي أعقاب السجائر على حواف الطرقات أو حرق الأعشاب في مناطق محاطة بالأشجار مما يؤدي الى تفاقم النيران وتوسعها لتستنزف مساحات كبيرة من تلك الأشجار وبالتالي يصعب السيطرة عليها وإخمادها.
ورغم ما تقوم به إدارة الإعلام والتثقيف الوقائي وفي بداية كل صيف على تعميم تدابير السلامة العامة على المواطنين للحد من هذا النوع من الحرائق التي تعتبر من اخطر أنواع الحوادث لما لها من تأثير سلبي على الثروة النباتية باعتبارها من أهم مقدرات الوطن الغالي ومكتسباته وتشكل قلقاً بيئياً نظراً لما ينتج عنها من خسائر مادية في الأشجار والمزروعات.
وبمثل هذه الظروف فلا بد من اعداد خطة متكاملة في المحافظة تتشارك فيها مديريات الدفاع المدني والامن العام والزراعة والبلديات والشباب والتربية والتعليم والجمعيات المعنية بالحفاظ على البيئة بهدف تنظيم حملات تطوعية لاجتثاث الأعشاب الجافة التي تكون عادة سبباً في نشوب الحرائق وخصوصاً تلك الموجودة على أرصفة الطرقات وفي الساحات أو تلك الموجودة بالقرب من الأشجار المثمرة أو التي بين الأشجار الحرجية وذلك لتقليل احتمالية نشوب الحرائق.
ومماا لا شك فيه، ان مشهد الحرائق الناجمة عن الاعشاب الجافة، بات مألوفا كل عام، مع توالي درجات الحرارة ارتفاعها، معلنة الدخول بفصل الصيف، إذ تطال حرائق الاعشاب الجافة، الاشجار المثمرة والحرجية والمحاصيل الحقلية، وتتسبب بخسائر كبيرة على المزارعين والثروة الحرجية، وتنعكس سلبا على البيئة بشكل عام، وتشكل عبئا على كاهل جهاز الدفاع المدني نظرا لامتدادها لمساحات كبيرة.
ومن هنا فان التاكيد على ان عدم تجنب مظاهر وسلوكيات نابعة من اللامبالاة وقلة الوعي لدى البعض قد تؤدي لحدوث كوارث بيئية خطرة، والمواطنون في غنى عنها، منها ما يقوم به المتنزهون بعد ترك أماكن تنزههم دون التأكد من إطفاء النار بشكل سليم وقد تتسبب بحرائق كبيرة تستنزف طاقات وامكانات المديريات العاملة في هذا المجال، وهناك من يرمي أعقاب السجائر بجانب الأعشاب الجافة وعلى جانبي الطرق وهي ما تزال مشتعلة، وترك مصادر الاشتعال قريبة من أيادي الاطفال الذين يعبثون بها بين الأحراش القريبة من بيوتهم وغيرها من السلوكيات الغريبة، وأغربها ما يقوم به عمال النظافة من حرق للنفايات او الاعشاب الجافة بطريقة مستهترة بالعواقب التي قد تحدث نتيجة هذا الحريق والتي قد تمتد لمساحات شاسعة.
وهذا يثير تساؤلات إن كانت حرائق الأحراش من المظاهر التي يجب الوقوف عندها والتخلص منها أو الحد منها؟ وهل هي منتشرة في المجتمع بشكل كبير. وما هي الوسائل المتاحة للحد من هذه الظاهرة؟ وهل فعلا لها مضار سواء على المدى القريب أو البعيد؟
يقول الخبير البيئي الدكتور يوسف زريقات إن من أهم الأسباب لنشوب حرائق الأحراش ما يقوم به بعض عمال النظافة نتيجة لإهمالهم وقلة وعيهم بتجميعهم النفايات وحرقها بالمناطق القريبة من الأعشاب الجافة أو الأشجار التي تتسبب بحدوث حرائق إضافة إلى أن بعض المواطنين الذين يرغبون بالتخلص من البعوض والحشرات فيقومون بحرق الأعشاب والحشائش القريبة من أماكن سكنهم، واشار الى أن للمتنزهين سلوكيات تؤدي إلى نشوب حرائق كتركهم النيران مشتعلة أو عدم التأكد من إطفائها بشكل سليم، خصوصا وأن هذه المظاهر تنتشر في فصل الصيف التي تزيد من سرعة انتشارها نتيجة لارتفاع درجات الحرارة.
اما جمعية اعلاميون من اجل السياحة والبيئة فلهم راي اخر فيؤكد رئيس الجمعية الزميل حسني العتوم ان المجتمع كله مسؤول عن هذه المشكلة لتحجيمها والحد منها وتحتاج الى تكاتف الجهود المجتمعية والرسمية ووضع الخطط الكفيلة للحد من الحرائق اضافة الى تفعيل عمل الادارة الملكية لحماية الطبيعة، اضافة لدور الدفاع المدني للقضاء على هذه الظاهرة من خلال الوقوف على الأسباب وأخذ الاحتياطات للتلبية السريعة قبل انتشار الحريق وتفعيل قانون النظام البيئي كما أن للمواطن دورا في الحد من انتشار الحرائق من خلال سرعة التبليغ عند حدوث حريق والمساهمة في إخماده حتى وصول كوادر الدفاع المدني.
وتشير رئيسة جمعية دبين هالة مراد الى المضار الناجمة عن الحرائق وفي مقدمتها انها تساعد على تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، وتتسبب بانتشار غازات سامة كغاز الكبريت والكربون والنيتروجين وإحداث المطر الحمضي الذي بدوره يقتل الأعشاب والنباتات، كما أن هذه الحرائق إذا وصلت للأشجار تتسبب في حرقها وبالتالي خسارة في مصادر تنقية الأجواء وحدوث انجرافات للتربة، إضافة إلى مضار على صحة الإنسان، وتؤدي إلى نزوح الطيور أو الحيوانات من هذه المناطق التي تعرضت للحريق.
وفي المتابعة ايضا مع مدير زراعة جرش المهندس خالد الشوبكي الذي لم يخف تخوفه من الاحتمالات الناجمة عن كثافة الاعشاب هذا العام والمخاطر الناجمة عنها حال يباسها وقال انه طالب بتوفير اليات لفتح خطوط نار في الغابات وتمت الموافقة عليها من قبل وزارة الزراعة مضيفا ان المديرية تعمل على تطوير خططها لتنسجم مع وسائل مكافحة الاعشاب والحرائق صيفا من خلال تنظيم حملات تطوعية لازالة الاعشاب الجافة بالتعاون مع البلديات ومديريات الشباب والتربية والتعليم.
يبقى من نافلة القول ان العمل اذا كان استباقيا ومخططا له فان النتائج ستكون اكثر ايجابية وان مقولة ان نعمل على تجبيرها قبل ان تنكسر هي الاولى والمقدمة على أي مهارة متفوقة في جبر الكسور.