عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    24-May-2019

فلسفة الصيام - ابراهيم العسعس
 
الدستور - فلسفة الصيام كما غيره من العبادات مركزة في تحقيق العبودية للمعبود سبحانه. 
فكما أن لكل عبادة ابتلاءً خاصاً بها فإن ابتلاء الصيام مقاومة رغبات النفس في بعض الأمور. 
وتنظيم الحياة تنظيماً يختلف عن تنظيمها باقي العام. بتعبير آخر كسر روتين الحياة في كل شيء فالفكرة لا تكمن في الامتناع عن الطعام لذاته ذلك أن الطعام لا يعني تناوله أو الامتناع عنه بل إنه يتعدى ذلك إلى كل متعلقاته ؛ الطعام طريقة حياة من حيث : وقته، وتقييد التعامل معه، وهذه أمور لا يكسرها الإنسان في العادة. 
فكأن الصيام يقول للمسلم : في كل عام سآتيك مرة لتكسر عوايد معينة اختباراً لعبوديتك، وتذكيراً لك بحاكمية الله سبحانه عليك حتى في المباحات.
 
 بل إن الله تعالى يرغبك في الصيام ويدعوك إليه ويربط أحد مداخل الجنة به ثم إذا تمَّت جاهزيتك له رغبةً وحباً قال لك : هناك حالات أترك لك فيها الحرية في أن تصوم أو لا تصوم ! أي أنه ينزل الأمر من الوجوب إلى خيارك ! وهناك حالات يحرم عليك فيها أن تصوم ! فتتحول مجاهدتك لنفسك في حملها على الصوم إلى مجاهدتها على عدم الصيام !! إنه امتحان الخضوم والتسليم ! إنه إعلان محض العبودية لمن بيده الأمر والحكم سبحانه ! 
الصوم حياة جديدة، ونظام جديد، وإدارة جديدة ! 
لقد نزلت هذه الشعيرة لا كشعيرة في قضية معينة بل نزلت بنظامها المتكامل في الحياة ؛ حياة تختلف عن بقية العام : نظامٌ في الوقت والإحساس بالزمن، نظام في إدارة الوقت، نظام في العلاقات، نظام في إعادة الشعور بعبادات تفعلها طوال العام ولكنه يجدد الإحساس بها، نظام في القبول والرد، نظام في تجديد عهد الطاعة، نظام في إعادة حساسية الالتزام، نظام فيما تفعل وما لا تفعل لإدارة العبادة نفسها ! نظام في الإحساس بالناس ! وكل هذا تابع لنظام يختلف عن كل الإسلام وهو أنه علاقة خاصة بين العبد والمعبود لا يعرف عنها غيرهما ! إنه بناءُ الذوق والإحساس في النفس البشرية..