عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    11-Feb-2019

هل يجوز لنا أن نقلّد مذهبًا فقهيًا؟ - د.حسان ابوعرقوب

 

الدستور - أحد (الشيوخ) تكلم عن المذاهب الأربعة بنوع من الاستهزاء مفتيا أنه يحرم اتباع هذه المذاهب، وعلى الإنسان أن يرجع إلى الكتاب والسنة وأن يجتهد ليعرف الحكم الشرعي بنفسه؛ لأن اتباع الآباء والأجداد هو فعل الكفار الذين عطلوا عقولهم واتبعوا ضلالات آبائهم فكانوا من أهل النار.
ولا شك أن هذا الكلام وإن كان صادرا عن (شيخ) إلا أنه للأسف لم يسر على طريق أهل العلم أو الذكر الذين يُرجع لقولهم؛ وسألخص الكلام حول المسألة بنقاط:
أولا- من كان قادرا على الاجتهاد بأن جمع أدواته وآلاته فعليه أن يجتهد، وهذا لا يقلد غيره.
ثانيا- من اجتهد في مسألة، وكان من أهل الاجتهاد فيها، فترجّح عنده قول على خلاف ما يجده في مذهبه الذي يسير عليه، فعليه أن يتبع ما ترجح عنده ووصل إليه.
ثالثا- من لم يكن من أهل الاجتهاد، فعليه أن يقلّد مجتهدا وجوبًا، وليس له أن يجتهد هو من تلقاء نفسه؛ لأنه ليس من أهل الاجتهاد، وذلك يُفهم من قول الله تعالى: } فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ { أمرنا بسؤال أهل العلم كي نتّبع أقوالهم، فلا أقلّ من جواز ذلك إن لم يُقل بالوجوب، فمن أين فهم (الشيخ) حرمة ذلك؟
 كما قال الله تعالى: } أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ { و(أُولِو الْأَمْرِ) هم العلماء، فقد أمر الله تعالى غير العالم بطاعة العالم، وأقل ذلك الجواز أيضا.
رابعًا- هل بمقدور العاميّ أن يجتهد متناولا الأحكام من الكتاب والسنة، وهل مرّ على معاني الكتاب والسنة، وهل للعامي القدرة على الاستنباط، وهل يعرف أدواته، وهل له نصيب من اللغة يرتقي به لذاك المستوى؟ إن دعوة عامة الناس للاجتهاد تشبه دعوتهم الدخول إلى غرف العمليات لإجراء العمليات الجراحية للمرضى بأنفسهم بعيدا عن الأطباء، بحجة وجود كتب الطبّ بين أيديهم، وهيهات.
خامسًا- التشبيه الذي أتى به (الشيخ) غير صحيح؛ لأنه تشبيه مع الفارق، فتعطيل الكفار عقولهم تشبها بآبائهم الكفرة لمنعها من الوصول إلى الله، يعتبر من مسائل الاعتقاد التي يُطلب فيها اليقين ويذم فيها التقليد؛ لأن مبنى التقليد على الظنّ لا اليقين، وهذا ليس كمن لا يستطيع استنباط الأحكام الفقهية، فقلّد إماما من الأئمة العارفين بالله، لأن المسائل الفقهية يُكتفى فيها بالظنّ، ولا يشترط فيها اليقين،  فالأول نهى الله عنه، والثاني دعانا الله إليه، وشتان شتان بينهما.