غزة تباد.. الاحتلال يقصف مراكز الإيواء ويشرد آلاف النازحين
شهداء جدد.. و"اوتشا": تل أبيب تحكم على القطاع بالإعدام
الغد-نادية سعد الدين
برغم الدمار والمجازر الدموية؛ يصر سكان مدينة غزة على البقاء وتحدي مخطط التهجير القسري الصهيوني، عبر التمسك بأرضهم والتشبث بأماكنهم ومحاولة إزالة الحجارة والركام من بين أنقاض منازلهم لإعادة تعميرها بأياديهم مجدداً، بينما يروج جيش الاحتلال لمزاعم امتداد العملية العسكرية العدوانية لأشهر طويلة.
ويواصل جيش الاحتلال حرب دماره الشامل ضد مخيم الشاطئ، غرب مدينة غزة، عبر الغارات الجوية الكثيفة لاستهداف بنايات ومراكز إيواء تؤوي آلاف النازحين الذين لجأو إليها بعد تدمير منازلهم في شمال القطاع، مما أدى لتدمير واسع في البنية التحتية وارتقاء المزيد من الشهداء والجرحى الفلسطينيين.
من جهتها قالت متحدثة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، أولغا تشيريفكو، إن "إسرائيل" فرضت حكما بالإعدام على مدينة غزة، مشيرة أن الفلسطينيين لم يعد أمامهم سوى الاختيار بين مغادرة المدينة أو الموت.
ولم يكن أمام سكان مخيم ومعسكر الشاطئ سوى التمسك بأرضهم، رغم حجم المجازر والدمار، حيث يتعمد الاحتلال تدمير البيوت ومراكز الإيواء بهدف تهجير أهالي مخيم الشاطئ قسّراً نحو جنوب القطاع، وتفريغ المدينة من أصحاب أهل الأرض، دونما فائدة.
وزعم جيش الاحتلال توسيع ما يدّعي أنها "المنطقة الإنسانية" جنوبي غزة لتشمل أجزاء من دير البلح، عدا منطقة المواصي والمناطق الخالية في مخيمات الوسطى والتي يزعم أنها آمنة، بينما يواصل تدمير أنحاء القطاع بكامله.
إلا أن الأوساط الأمنية والعسكرية الصهيونية تعرب عن قلقها من رفض الفلسطينيين في مدينة غزة النزوح إلى جنوب القطاع رغم الهجمات العدوانية الكثيفة التي يشنها، حيث إن عدم إخلاء مدينة غزة من شأنه أن يحبط مخطط احتلالها بالكامل.
ويُروج جيش الاحتلال أن عملية احتلال مدينة غزة، ضمن ما يُعرف بعملية "مركبات جدعون 2" قد تستغرق أشهراً طويلة، وأطول مما كان كان متوقعاً من المستوى السياسي الصهيوني، مما قد يؤدي خلال هذه الفترة إلى مقتل أسراهم بدون تحقيق أهداف واضحة للعملية العسكرية العدوانية.
وفي وقت سابق، أعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال عن تنفيذ موجات متتالية من الغارات الواسعة على مدينة غزة، استهدف مبانٍ متعددة الطوابق، مما أدى لارتقاء عشرات الشهداء والجرحى الفلسطينيين، مُدعياً أن الغارات العدوانية ستستمر خلال الأيام المقبلة لتحقيق هدفيّ تحرير أسرى الاحتلال والقضاء على حركة "حماس"، وفق مزاعمه.
ونتيجة الغارات الجوية العدوانية الكثيفة على المنازل ومراكز الإيواء في شمال وغرب مدينة غزة؛ فقد حشر الاحتلال نحو 800 ألف فلسطيني في منطقة المواصي التي يدّعي أنها منطقة "إنسانية آمنة"، حيث تعرضت لأكثر من 109 مرات من القصف الجوي الكثيف، مما أدى لارتقاء أكثر من 2000 شهيد فلسطيني، وفق المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
وأوضح "المكتب الإعلامي"، في تصريح له أمس، بأن جنوب قطاع غزة يفتقر إلى أدنى مقومات الحياة، حيث لا يوجد مستشفيات وبنية تحتية وخدمات وخيام، ولامأوى أو مياه وغذاء وكهرباء، عقب تدمير الاحتلال الكامل لها.
وأشار إلى أن المساحة التي خصصها الاحتلال أقل من 12 % فقط من مساحة قطاع غزة، بينما يحاول الاحتلال إجبار أكثر من1.7 مليون إنسان على التكدس فيها، وهذا أمر مستحيل، بحسب قوله.
وفي الأثناء؛ واصلت طائرات الاحتلال العدوانية قصفها الجوي الكثيف لمختلف أنحاء قطاع غزة، مما أدى لارتقاء أكثر من 70 شهيداً منذ يومين، منهم 56 شهيداً بمدينة غزة.
ودمرت طائرات الاحتلال خلال الـ24 ساعة الأخيرة 17 منزلًا ومركز نزوح في مدينة غزة بشكل كلي، عدا الأضرار التي لحقت بالمنازل المجاورة وشرّدت مئات الفلسطينيين والنازحين في محيطها، وذلك في إطار حرب الإبادة الجماعية التي يواصل الاحتلال شنها، منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، وأدت لارتقاء 64 ألفًا و756 شهيدًا، و164 ألفًا و559 جريحًا، وأكثر من 9 آلاف مفقود، ومجاعة أودت بحياة المئات، بحسب "المركز الفلسطيني للإعلام".
ويعيش أكثر من مليوني فلسطيني في ظروف نزوح قسري وسط دمار شامل، حيث أدى عدوان الاحتلال المتواصل، منذ 18 آذار (مارس) الماضي حتى اليوم، لارتقاء 12206 شهداء و 52018 إصابة.
وبلغ عدد ما وصل إلى المشافي خلال الـ24 ساعة الماضية من شهداء المساعدات 13 شهيدا و 143 إصابة، ليرتفع إجمالي شهداء لقمة العيش ممن وصلوا المشافي إلى 2479 شهيدًا وأكثر من 18091 إصابة.
وسجلت مشافي قطاع غزة، خلال الساعات الـ24 الماضية، حالتي وفاة نتيجة المجاعة وسوء التغذية بينهم طفل ليرتفع العدد الإجمالي للشهداء إلى 413 شهيداً، من ضمنهم 143 طفلًا.
حكم بالإعدام
من جهتها قالت متحدثة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، أولغا تشيريفكو، إن "إسرائيل" فرضت حكما بالإعدام على مدينة غزة، مشيرة أن الفلسطينيين لم يعد أمامهم سوى الاختيار بين مغادرة المدينة أو الموت.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقدته عبر اتصال مرئي من منطقة دير البلح جنوبي قطاع غزة، تحدثت فيه إلى مجموعة من الصحفيين العاملين في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك الأميركية.
وقالت تشيريفكو: "حُكم على مدينة غزة بالإعدام، إما المغادرة أو الموت. أُمر مئات الآلاف من المدنيين المنهكين والمرهقين والمذعورين بالفرار إلى منطقة مكتظة، حيث تضطر حتى الحيوانات الصغيرة للبحث عن مساحة للتحرك"، في إشارة إلى إنذارات إسرائيل لتهجير سكان مدينة غزة واحتلالها.
وشددت المسؤولة الأممية على ضرورة وقف العنف المروع في غزة، قائلة: "نحن بحاجة لقرارات عاجلة لتمهيد الطريق أمام سلام دائم قبل فوات الأوان؛ أصوات لإسكات القنابل، وأفعال لوقف إراقة الدماء".
تدفق المساعدات
وأكدت أولغا تشيريفكو على ضرورة ضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى غزة عبر جميع المعابر والممرات الحدودية، بما في ذلك الشمال، وقالت: إن سكان غزة لا يطلبون صدقات، بل يريدون الحق في العيش بأمان وكرامة وسلام.
وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية، باشرت تل أبيب منذ 27 أيار(مايو) الماضي آلية لتوزيع المساعدات عبر ما تُعرف بـ"مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية" وهي جهة مدعومة صهيونيا وأميركيا، لكنها مرفوضة أمميا.
وعمد جيش الاحتلال إلى استهداف منتظري المساعدات في أماكن التوزيع، موقعا آلافا منهم بين شهيد وجريح.
ومنذ الثاني من آذار(مارس) الماضي، تغلق تل ابيب جميع المعابر المؤدية إلى غزة مانعة أي مواد غذائية أو علاجات أو مساعدات إنسانية، مما أدخل القطاع في مجاعة رغم تكدس شاحنات الإغاثة على حدوده.
ويسمح الكيان أحيانا بدخول كميات محدودة جدا من المساعدات لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات المجوّعين ولا تنهي المجاعة، لا سيما مع تعرض معظم الشاحنات للسطو من عصابات تقول حكومة غزة إن إسرائيل تحميها.