عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-Aug-2018

حديث الهدنة*رشيد حسن

 الدستور-طغى حديث الهدنة بين حماس والكيان الصهيوني، على غيره من الاحداث الخطيرة التي تعصف بالمنطقة خلال عطلة عيد الاضحى المبارك،ومن المتوقع، ان يستمر.. وبصوت عال.. لخطورة تداعياته على القضية الفلسطينية وعلى المنطقة بأسرها..

ومن الملاحظ ان هذا الحديث الموجع أضاف الى هموم ومأسي الشعب الفلسطيني، هما جديدا،ومشكلة جديدة، وخطرا ماحقا وجوديا، ربما هو االخطر الابرز الذي بات يهدد القضية الفلسطينية... فاقرار هذه « الهدنة» المقترحة سيحكم على الشعب الفلسطيني بالانقسام الابدي، ويرسخ انفصال غزة عن الضفة الغربية، ويضرب وحدانية تمثيل منظمة التحرير للشعب الفلسطيني، ويوجه ضربة ساحقة للمشروع الوطني الفلسطيني، وقبل ذلك وبعده، يحكم على اللاجئين بالنفي الابدي، ويدخل المقاومة في غزة في نفق مظلم لا ضوء في أوله..ولا في آخره...
خطورة «الهدنة « المفترحة.. وكافة «الهدن « بين الدول العربية واسرائيل، التي وقعت بعد هزيمة 1948، كان في مصلحة العدو، وشكلت لاحقا اعتراف به على حساب الحقوق الوطنية والتاريخية للشعب الفلسطيني.. خطوره هذه الهدنة انها تاتي-- وكما اعلن عرابوها--لوضع حد للاوضاع المعيشية اللامعقولة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في غزة،وهو ما يعني، تحويل القضية الفلسطينية، ومأساة اهلنا في القطاع، الى قضية انسانية.... حيث يتجاهل عرابو هذه «الهدنة» ان حل القضية الفلسطينية، وقطاع غزة جزء رئيس منها، يجب ان لا ينفصل عنها مطلقا، لن يتم، ولن يتأتى الا بزوال الاحتلال الصهيوني..
فمشكلة الشعب الفلسطيني يا سادة أو بالاحرى مأساته ليس في نقص الخبز والزيت واللحم والالبان.. الخ.. أو في نقص الادوية، وانقطاع الكهرباء، وعدم توفر المياه الصالحة للشرب، واغلاق المعابر، وكلها حق له، نصت على ذلك القوانين والمواثيق الدولية...
بل أن مأساته هي الاحتلال الصهيوني، وتداعيات هذا السرطان المستمرة منذ «70» عاما، والحصار الظالم اللانساني الذي يفرضه عل قطاع غزة منذ «12» عاما، والذي تسبب بكل مفردات هذه الكارثة الانسانية، ما جعل الرئيس الاميركي الاسبق كارتر، يصف الحياة في القطاع... « بانها لا تليق بالادميين ولا تقبل بها الحيوانات»»..
 وهو ما حذر منه ممثل المنظمات الانسانية بالامم المتحدة..» سيصبح القطاع عام 2020 غير صالح للحياة الانسانية»...!!
وبوضع النقاط على الحروف..
فالاحتلال الصهيوني هو الذي حول حياة أهلنا في القطاع «2»مليون فلسطيني، الى حياة لا تطاق، بعد فرض حصار لا انساني، فاغلق الحدود والمعابر، ومنع دخول الدواء وسفر مرضى السرطان وطلاب الجامعات، وحول القطاع الى رقعة من الظلام الدامس، بعد ان قطع امادادات الكهرباء والمياه الصالحة للشرب، فانتشرت الاوبئة بعد أن تسربت المياه العادمة الى مياه البحر، فاصبحت شواطىء القطاع أكثر الشواطىء تلوثا في العالم، بعد أن حول العدو القطاع «380»كم مربعا.. ميدانا للرماية الحية.
ندعو الدول العربية والاسلامية التي دخلت على خط «الهدنة» بين الكيان ىالصهيوني الغاصب وحماس، ندعوها الى ان تكون أكثر جرأة، وأن تضع يدها على الجرح الحقيقي لغزة، بدون مواربة، وبدون لف أو دوران، اذا كانت هذه الدول حريصة على حل القضية الفلسطينية حلا عادلا.. فاهلنا في القطاع ليس بحاجة الى « هدنة» لفتح المعابر، وتوفير الخبز والزيت والسفر..الخ وهذا حق لهم، انهم بحاجة الى زوال الاحتلال، انهم بحاجة الى العودة الى أصل وجوهر المشكلة، والتي تتلخص بضرورة كنس الاحتلال، الذي هو السبب الرئيس لمأساة غزة، ولمأساة الشعب الفلسطيني والتي لامثيل لها...
وبكلام اكثر تحديدا.فان الحديث عن «هدنة».. دون تحقيق المصالحة الوطنية، هو حديث يصب في مربع تصفية القضية الفلسطينية، ويصب في تنفيذ «صفعة» الارهابي ترامب، ويأذن بتصفية المقاومة، والتي لا تزال اداة الرعب الحقيقي للعدو، وللمستوطنين على وجه التحديد، والامل المتبقي للشعب الفلسطيني..وتحويل غزة المقاومة الى جسد ميت..
ومن هنا..
نلاحظ ان الحديث عن « الهدنة» أصبح حديثا عاليا مسموعا، ومتزامنا مع استمرار مسيرات العودة، وفشل العدو في القضاء على ظاهرة الطائرات الورقية المشتعلة، التي حرقت مئات الالوف من الاراضي المزروعة للمستوطنين في غلاف غزة، وحولت حياتهم الى كابوس، وفشل العدو في قمع انتفاضة المرابطين في القدس والاقصى، وتجذر المقاومة الشعبية في كل الاراضي الفلسطينية، وعجز العدو عن قمعها..
ان رفض شعبنا في الداخل والشتات، ورفض كافة التنظيمات والفصائل من أقصى اليمين الى أقصى اليسار لهذه « الهدنة».. يؤكد اصرار شعبنا على الاستمرار في المقاومة، والاصرار على تحقيق الوحدة الوطنية، والاصرار على تحقيق المشروع الوطني الفلسطيني.. وقبل ذلك وبعده الاصرار على دفن « صفعة القرصان ترامب في رمال غزة.. والى الابد.
باختصار...
رغم صخب الحديث عن « الهدنة «..ورغم حجم المؤامرة وشراستها اللتي انخرطت فيها دول عربية واسلامية مستغلة اوضاع شعبنا البائسة في غزة، والتي هي نتيجة اكيدة للاحتلال ولحصار العدو الصهيوني لاهلنا في القطاع..رغم كل ذلك.. الا اننا متاكدون من ان مصير هذه المؤامرة هو الفشل..والفشل الذريع..
فشعب الجبارين الذي قدم مئات الالوف من الشهداء، ولا يزال متمسكا ببوصلة المقاومة، لن يسمح لاحد ان يلعب بمصيره ومصير اجياله ومصير قدسه واقصاه..ولن يكتفي بدق جدران الخزان..بل سيقلب الطاولة في وجه المتآمرين وعرابي الـ»الهدنة» والتفريط..
=ولكل حدث حديث..