عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    19-Jun-2020

لا يمكن وقف مشروع سد النهضة - تسفي برئيل

 

هآرتس
 
عندما تكتب وسائل الاعلام بصورة جافة عن أنه في هذا الاسبوع “سيتم استئناف المحادثات”، سواء كان الحديث يدور عن اتفاقات سلام أو حل الازمة في سورية أو محادثات لجنة الضم، فالقصد هو رمز متفق عليه: الاختلاف في المواقف ما يزال عميقا والفجوة كبيرة واحتمال التوصل الى حل متفق عليه معدوم. هذا التقرير يسري في هذا الاسبوع على المحادثات بين مصر والسودان واثيوبيا حول سد النهضة التي تقوم اثيوبيا باقامته على النيل الازرق، وهو سد يعتبر بالنسبة لمصر تهديد أمنيا وطنيا، وحتى تهديد وجودي.
النزاع بين مصر واثيوبيا اندلع في 2011 عندما قررت اثيوبيا بناء السد ووضع حجر الاساس له. مصر توقعت بخوف في حينه من أن السد الذي تكلفته 5 مليارات دولار سيسرق منها النصيب التاريخي الذي يبلغ 55 مليار متر مكعب من المياه تحصل عليها من النيل الذي يمر في اثيوبيا الى السودان وهناك يتحد مع النيل الابيض ويواصل الطريق على طول مصر.
منذ ذلك الحين حاولت الاطراف اجراء نقاشات، غير ناجحة، من اجل التوصل الى تسوية حول توزيع المياه. وقد طرحت في النقاشات ايضا تهديدات بهجوم عسكري مصري على اثيوبيا اذا لم تتوقف عن بناء السد. وعند استكمال نحو 70 % من الاعمال في بناء السد وقبل انتهاء اقامته ازدادت ضغوط ومخاوف مصر، التي جندت الى جانبها الرئيس الاميركي دونالد ترامب الذي وافق على التوسط بين الطرفين بصفته خبيرا معروفا في “فن عقد الصفقات”.
في شهر شباط (فبراير) الماضي صدر صوت ضعيف من واشنطن على هيئة وزير المالية ستيف ملوتشن الذي اعلن بأن الطرفين قد توصلا الى اتفاق حول المرحلة الاولى لملء السد. اثيوبيا غضبت من الاعلان لأنه حسب رأيها لم يتم التوصل الى أي اتفاق، في حين أن واشنطن تهددها بعدم التجرؤ على ملء حوض السد قبل التوصل الى اتفاق. هذا التهديد اعتبر وبجدية من قبل اثيوبيا موقفا أحادي الجانب من قبل الولايات المتحدة المؤيد لمصر. وهي تطلب التوصل الى اتفاق على المراحل القادمة وعلى توزيع المياه فيما بعد.
مصر تطلب أن يستمر ملء السد خلال 12 – 20 سنة. واثيوبيا مصممة على أن يتم ملء السد خلال 5 – 7 سنوات. وإلا فهي لن تستطيع توفير كمية الكهرباء التي تحتاجها والتي سيزودها بها السد. اثيوبيا تقول إن مياه النيل الازرق تقع تحت سيادتها وأن أي طرف لا يمكنه أن يملي عليها كيفية استغلالها. ومصر تطلب أن توافق اثيوبيا على المناقشة والموافقة على الطريقة التي توزع فيها المياه في سنوات الجفاف وفي حالة حدوث جفاف لبضع سنوات متواصلة. الخيارات الثلاثة التي وضعت على طاولة النقاش حول توزيع المياه ما تزال غير مقبولة من جميع الاطراف، والمسافة بين المواقف ما تزال كبيرة.
مسألة السد هي الموضوع الرئيسي الذي تركز عليه مصر وبحق. حياة عشرات ملايين الناس الذين يعيشون ويرتزقون على طول النيل مرتبطة بتوفير كمية المياه الضرورية لمزروعاتهم والشرب والصناعة. الاهمية المقدرة للاضرار التي ستلحق بمصر نتيجة تقليص كمية المياه هي أن مصر يمكن أن تفقد 1.8 مليون فدان، من بين 8.5 مليون فدان مفلوحة الآن. مصر التي تستورد الآن نحو 50 % من اجمالي منتجات الحبوب ستضطر الى أن تزيد بصورة كبيرة الاستيراد وأن تدفع بالعملة الصعبة من احتياطي العملة الصعبة لديها. اضافة الى ذلك، حصة المياه المتوسطة للمواطن التي تبلغ الآن 600 متر مكعب في السنة، ستنخفض الى مستوى ستعتبر فيه مصر دولة تعاني من الفقر في المياه. في مصر يخشون ايضا من أن 1.2 مليون فرصة عمل في الزراعة ستختفي. ونسبة البطالة ستقفز الى مستوى خطير. الرئيس عبد الفتاح السيسي أكد لمواطني مصر بأنه لن تنقصهم المياه وأن الحكومة ستستثمر في منشآت التحلية، لكن هذه المنشآت التي ستعمل على مصادر طاقة تقليدية ستكلف اكثر من ثمن المياه، التي هي الآن ثمينة بنحو 300 % مما كانت عليه في 2014.
يوجد للرئيس السيسي ايضا عدد من المشاكل الفورية على جدول الاعمال. المشكلة الاولى هي تقليص الضرر الذي تسبب به وباء الكورونا، الذي حسب تقدير رجال اقتصاد في مصر الحق بالدولة خسارة 6.5 مليار دولار حتى الآن. وقلص توقع النمو الى 4 % مقابل نمو 5.9 في 2019. وزادت نسبة البطالة واضافت عدة ملايين من المواطنين الى دائرة البطالة.
قبل تفشي الكورونا، ظهرت مصر كمن وضعت قدمها على مسار النمو السليم. وقد حظيت بالثناء الكبير من مؤسسات دولية على الاصلاحات التي قامت بها منذ 2016؛ مشاريع ضخمة، جزء منها زائد ومبذر، خلقت آلاف اماكن العمل الجديدة؛ فائض العملة الصعبة لديها بلغ مستوى معقول؛ وللمرة الاولى انشأت مصر صندوق استثمار وطنيا هدفه الاستثمار في الصناعة وفي البنى التحتية، وبهذا تشجع ايضا المستثمرين الاجانب.