عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    12-Sep-2025

دولة فقدت عقلها

 الغد

هآرتس
أوري مسغاف
11/9/2025
 
 هجوم سلاح الجو في الدوحة يبدو كأنه العملية العسكرية الأكثر هستيرية في إسرائيل. أي دولة تغتال بشكل وحشي أشخاصا تقوم بإجراء مفاوضات معهم حول تحرير مخطوفين، في الوقت الذي يجتمعون فيه لمناقشة خطة الصفقة وإنهاء الحرب، والتي تمت بلورتها برعاية أميركا؟ وتفعل ذلك على أرض دولة وسيطة دائمة منذ 7 أكتوبر، التي ليس فقط ساعدت على بلورة الصفقات السابقة، بل هي حتى استضافت وبحق في هذه المدينة الوفود، بما في ذلك الوفد الإسرائيلي.
 
 
 فقط دولة فقدت الصواب بشكل نهائي ومطلق. حتى الآن عمل نتنياهو ومساعدوه وأبواقه ومن زرعهم كل ما في استطاعتهم لتخريب صفقات التبادل، بعدة طرق متعرجة وذكية. نحن اعتقدنا أن هذا يفوق أي تخيل، وعندها حدث صعود درجة: محاولة قتل هؤلاء، الذين يمكن أن يعيدوا لنا المخطوفين الذين يموتون في الأنفاق.
 المرحلة القادمة كما يبدو هي ببساطة قتل من الجو للمخطوفين أنفسهم. عمليا، ربما هذا الأمر أصبح في ذروته، وبواسطة قصف مدينة غزة، مع المليون مدني فيها، فان "العاصفة البركانية" التي عاد ووعد بها وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، وتشمل "اسقاط ابراج"، كما تبجح نتنياهو – بدون التطرق الى مسألة هل تحت الانقاض والى جانب مئات الضحايا "غير المشاركين" لم يدفن ايضا مخطوفون إسرائيليون.
أنا ببساطة أخجل من أن أكون إسرائيليا. فالدولة التي أحببتها وتفاخرت بها، رغم إخفاقاتها وعيوبها، أصبحت رسميا كيانا مجنونا، تهاجم وتدمر وتقصف في كل الاتجاهات، وتستخدم فقط القوة وتعمى عن رؤية عواقب افعالها (المحلية، الاقليمية والدولية).
 أنا أنظر بيأس الى وسائل الاعلام المتحيونة، التي مرة تلو الأخرى تقف بصمت متوتر ويسيل لعابها على "العملية التاريخية" والذخيرة الدقيقة، بدون التوقف وسؤال السؤال الرئيسي: ما الذي تم تحقيقه وبأي ثمن، وهل هذا يخدم مصالح اسرائيل ومواطنيها القومية، وليس مصلحة نتنياهو، وكيف ان القرار والتوقيت يرتبطان بمحاكمته والتحقيق معه (قطر غيت والغواصات)، ومع وضعه السياسي (قتلى، عمليات واستطلاعات).
 بعد ذلك أنا أنظر إلى المعارضة. لا يوجد هناك وبحق كائن حي في اسرائيل على يمين الديمقراطيين. يئير لبيد يسارع الى المباركة، غانتس وتروفر يستندان، بينيت يواصل الركض بين الاستوديوهات في أميركا وبريطانيا ويكرر التحدث عن أعمال الحكومة ورئيسها، الذي يتفاخر بأن يحل مكانه. المشكلة هي الإعلام، أي ليس السياسة الكارثية والاجرامية، بل عدم القدرة على شرحها.
 الاتحاد الاوروبي بعد قليل سيفرض عقوبات. وبعد ذلك سيأتي حظر دخول الاسرائيليين. الامن الشخصي والامن القومي في حضيض غير مسبوق. الاسرائيليون يقتلون في عمليات ويحرقون في الدبابات وفي ناقلات الجنود، وهم يتحدثون عن "الرسمية" و"الاعلام" و"الاسرائيلي الجيد" بدلا من تمزيق صورة المسؤولين عن هذه الكارثة المتدحرجة. ولكن كل ذلك يتقزم أمام مسؤولية وعار من ينفذون الأوامر. وكما هو متوقع فانه في سلوك بافلوفي حقيقي نشرت بعد الهجوم التقارير المعتادة عن معارضة رؤساء جهاز الأمن. رئيس الأركان عارض، القائم بأعمال رئيس الشاباك عارض، رئيس الموساد عارض، وحتى رئيس هيئة الأمن القومي عارض!. يمكن هنا الضحك أو البكاء.
 يعارضون وينفذون، يتباكون ويطلقون. بدرجة كبيرة ذنبهم هو أكبر من ذنب نتنياهو. لم يعد هناك أي أمل منه. لقد قرر منذ فترة التخلي عن المخطوفين والتضحية بمئات آخرين من الجنود من أجل الحفاظ على الحرب وحالة الطوارئ التي ستمنع إسقاطه. بالنسبة له الهجوم استهدف تخريب اعادة المخطوفين وحرف انتباه الرأي العام عن إخفاقاته. لذلك فان الهجوم نجح بشكل كامل، حتى لو أنه في نهاية المطاف هؤلاء القادة الكبار لم تتم تصفيتهم.
 لكن أي قائد، مخطط أو طيار، شارك في هذه العملية هو مذنب بسبب مشاركته في الجريمة، وإزاء هذا الإفلاس الذي وصف هنا فإنه من الواضح أن ذلك لن يتوقف عند طهران وقطر. الهدف القادم بالتاكيد يمكن أن يكون اسطنبول أو القاهرة. هجوم تاريخي مع ذخيرة دقيقة.