عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    08-Oct-2019

مصادرة بيوت الناس وعقاراتهم بموجب القانون دون تعويض - راتب الوزني

 

الدستور - صدر قانون الملكية العقارية رقم (13) لسنة 2019 والذي سينفذ بتاريخ (16) أيلول 2019 وقد تضمن في مادته الثالثة عشر (13) أنه «إذا ثبت بطلان تصرف أو معاملة تسجيل بشأن عقار مسجل مع مراعات قواعد حسن النية واستقرار الملكيات العقارية فللمحكمة إما أن تبطل وتفسخ التصرف وتعيد تسجيل الحق باسم مالكه وإما إلزام المتسبب بالضرر بتعويض عادل يدفعه للمتضرر».
إن هذا النص لو تم تطبيقه سيترتب عليه سرقة ومصادرة بيوت وعقارات جميع المواطنين دون تعويض.
فإذا قام شخص بالاحتيال على آخر وحصل منه على وكالة نتيجة الاحتيال وقام المحتال ببيع عقار هذا الشخص لشخص آخر حسن النية فإن للمحكمة إبقاء الحال إلى ما كان عليه مع إلزام المحتال بدفع تعويض.
إن إلزام المزور أو المحتال أو أي مجرم بدفع التعويض يعني بكل بساطة إن المجني عليه لن يحصل على أي تعويض لأن المحتال والمزور والمجرم لا مال عنده ولن تجد عقاراً أو سيارة أو أي شيء مسجلاً باسمه.
لقد درجت محكمة التمييز ومنذ تأسيسها قبل حوالي (70) عاماً على إبطال أي بيوعات لعقارات النسا إذا تم تسجيلها باسم آخرين نتيجة جريمة كما كانت تقرر إعادة تسجيلها باسم أصحابها الأصليين، وقد أدت هذه الأحكام لحماية الملكية العقارية في المملكة طوال عشرات السنين كما أدت لإطمئنان الناس لملكيتهم العقارية.
ولا أدري كيف ولماذا ومن قام بحشر هذا النص المخالف لعشرات من قرارات محكمة التمييز والمخالف لمبادئ العدالة التي حمت الملكية العقارية في الأردن كما أنه مخالف لأحكام الدستور وكان يتوجب على المشرع تقنين قرارات واجتهادات محكمة التمييز بهذا الشأن والتي حققت العدالة وأدت لاستقرار الملكية والمحافظة على الاستقرار والأمن الاجتماعي وليس مخالفتها بنص غريب غير عادل يؤدي إلى اغتصاب ومصادرة أموال الناس بموجب القانون دون تعويض.
وقد استرعى انتباهي ما نشرته إحدى الصحف المحلية قبل أيام من أن مواطناً يملك بيتاً في عمان وقد حضر من إحدى دول الخليج العربي حيث يعمل ووجد أن بيته مشغول من أناس آخرين ولما استفسر واستغرب تبين أن أحد الأشخاص زور هوية باسمه وباع البيت لآخرين نتيجة الاحتيال والتزوير، ومع وجود هذا النص الذي تم حشره من قانون الملكية العقارية فإن هذا يعني مصادرة بيت هذا المواطن دون تعويض.
إن وجود هذا النص يعني بكل بساطة مصادرة ملك الناس دون تعويض لأن الجاني الذي احتال أو زور أو ارتكب جريمة أخرى أدت لمصادرة عقار المواطنين عادة لا يملك أي شيء لتعويض المجني عليه وأن عدم إعادة تسجيل العقار باسم مالكه هو في حقيقته مصادرة لملكه دون وجه حق ودون تعويض في مخالفة واضحة لأحكام الدستور ولا يمكن مقارنة حكم هذا النص بأحكام قانون الاستملاك لأن قانون الاستملاك يمنح الدولة حق استملاك أملاك الناس مقابل تعويض عادل من جهة قادرة على دفع التعويض وهي الدولة بينما أن هذا القانون يؤدي لمصادرة أملاك الناس العقارية دون تعويض لأن المحتال والمزور والمجرمين الآخرين غير قادرين على دفع التعويض ولأن المحتال والمزور والمجرم لا مال عنده كما يعرف الجميع.
وعندما ينشر خبر هذا القاون لن نجد مغترباً أردنياً أو مستثمراً عربياً أو غير عربي أو حتى مواطنا أردنيا مقيما يشتري أي بناء أو عقار في المملكة طالما أنه لا حماية للعقار الذي يشتريه.
يتوجب المحافظة على قاعدة المحافظة على أمالك الناس وعدم الانتقاص منها أو المساس بها واعتبارها من أركان الاستقرار الاجتماعي في الدولة وأن واجب الدولة هو حماية ملكية المواطنين العقارية لأن هذه الحماية ركن من أركان الاستقرار في الدولة ولأن خسارة الشخص لعقاره وضياع ملكه دون وجه حق وبدون تعويض ربما لا يتحملها أشخاص كثيرون، ومن يستطيع تحمل اغتصاب وضياع بيته أو ملكه العقاري؟ وربما يؤدي ذلك لارتكاب عشرات وربما مئات جرائم القتل وزعزعة استقرار البلد ولهذا يتوجب المحافظة على ما استقر عليه الوضع لعشرات السنين واطمأن إليه الناس بعدم المساس بحق الملكية مهما تقادم الزمن وتأييد قرارات محكمة التمييز بهذا الشأن والتي صدرت عن قضاة حكماء يعرفون ويقدرون قيمة وأهمية المحافظة على أملاك الناس وأهمية المحافظة على استقرار البلد والتي جعلت الناس يطمئنون على ملكيتهم العقارية بأنها باقية وراسخة وغير معرضة للاغتصاب ولا تزول بفعل المجرمين.
إن الأمر خطير وسيكون كل أردني مالك لعقار سواء شقة سكنية أو بيت مستقل أو أي عقار مهما كان نوعه مرعوب بشكل دائم أن يتم الاستيلاء على ملكه بطريقة الاحتيال أو التزوير أو أي طريق غير قانوني آخر وينام ويصحو ويجد أنه فقد ملكه دون أن تتمكن المحاكم من حماية ملكه العقاري وهو ما سيثير ضجة كبرى، كما أن هذا الأمر سيشجع على زيادة عدد المحتالين والمزورين وتشجيع بعض أصحاب الضمائر الضعيفة على تداول العقارات التي تم الاستيلاء عليها عن طريق الاحتيال والتزوير وغير ذلك وأن تفادي ذلك يتطلب تقديم تشريع له صفة الاستعجال لتعديل القانون رقم 13 لسنة 2019 وبأثر رجعي من تاريخ نفاذ القانون رقم 13 لسنة 2019.
إن هذا النص الخطير جرى تطبيقه اعتباراً من 16/9/2019 وهو لن يؤثر على التصرفات التي تمت قبل هذا التاريخ وأدت نتيجة الاحتيال والتزوير وغير ذلك من الجرائم إلى التصرف بأملاك المواطنين دون وجه حق لأنه لا يطبق بأثر رجعي ولكنه سيطبق على التصرفات التي تتم بعد 16/9/2019 بالتصرف بعقارات المواطنين نتيجة الاحتيال والتزوير ولهذا فإن الاستعجال بتعديل هذا القانون سيحمي أملاك المواطنين العقارية كما كان الحال في جميع الأوقات.