عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-Feb-2020

هل نكتفي بدور الشهود على تنفيذ الجريمة ..؟! - د.عبد الرحيم جاموس

 

الدستور - لم يكن أحد بحاجة للانتظار الى يوم 28/1/2020م لمعرفة محتويات (صفقة القرن) وما يمكن أن تؤدي اليه، ومع ذلك بقي العالم ينتظر الاعلان عنها، رغم ما أفاض به وأعلنه الرئيس ترامب وفريق عمله عن عناصرها الأساسية عبر سلسلة من الخطوات والاجراءات الأحادية مسبقاً، حسمت فيها مصير معظم العناصر الرئيسية التي يجب أن تكون موضع تفاوض بين طرفي الصراع.
لقد بدأ التنفيذ الفعلي لصفقة القرن قبل بدء الاعداد لها وليس قبل الاعلان عنها، حين قرر ونفذ الرئيس ترامب اعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيوني، ونقل سفارته اليها في ( 6/12/2017م – 15/4/2018م ) وأتبعها بسلسلة مواقف واجراءات أحادية معادية للشعب الفلسطيني وحقوقه بدءا من حق العودة وصولاً الى حق الدولة وما بينهما، والتي تؤدي الى نهاية مأساوية لحقوق الشعب الفلسطيني، ولكافة الجهود العربية والدولية التي بذلت لتسوية الصراع، سواء منها المبادرات والمؤتمرات الدولية وقرارات الأمم المتحدة المختلفة منذ عام 1947م الى غاية الآن، ضاربا بها عرض الحائط، متجاوزاً ومتحدياً القانون الدولي وكافة ردود الفعل العربية والدولية وحتى مواقف الادارات الأمريكية السابقة من مختلف عناصر الصراع سواء منها اللاجئين أو الاستيطان أو القدس أو الحدود، واسقاط مبدأي الارض مقابل السلام، وحل الدولتين القابلتين للتعايش في أمن وسلام، فلم يبقى شيئاً للتفاوض عليه.
لم يأتِ الترحيب بالصفقة سوى من اليمين المتنافس والمتحكم في حكم المستعمرة، لأنها تطابقت تطابقاً كاملاً وأكثر مع تطلعاته في شطب الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وتقزيمها الى درجة الاختفاء والذوبان في أحشاء الكيان الصهيوني، تمهيداً لقذف الشعب الفلسطيني الى خارج الجغرافيا الفلسطينية ..!
هكذا فان كافة المواقف والبيانات الرافضة لصفقة القرن من الشعب الفلسطيني وقيادته الى الرفض العربي والدولي الذي قوبلت به، فانه لم يوقف عجلة تنفيذها التي بدأت في التحرك والدوران قبل أن يعلن عنها رسمياً، وقد تسارعت عجلة الصفقة في التحرك للتنفيذ على أرض الواقع، بدءاً من تأكيد ضم القدس والمستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة الى اتخاذ الاجراءات ووضع الخطط لضم الأغوار ومزيد من الأراضي المحيطة بالمستوطنات لضمان توسعها، والاعلان عن تسارع وتيرة البناء لآلاف الوحدات السكنية سواء في المستوطنات المقامة، واستحداث مستوطنات جديدة وخصوصاً منها على أرض مطار القدس (قلنديا) التي تفصل القدس عن محافظة رام الله، ومحاصرة وتضييق المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية حسب اتفاق أوسلو لاختزالها الى المناطق A، متواكباً مع تشديد القبضة الأمنية والعسكرية على الفلسطينيين سواء منها في القدس أو قطاع غزة أو بقية مدن الضفة التي تتعرض للاجتياحات اليومية، وتوالي سياسات القتل والاعتقال دون رادع، والتبجح الاعلامي من قبل نتنياهو أنه رغم مواقفه المتطرفة فانه يدعي أنه استطاع أن يقيم علاقات مع أغلبية الدول العربية باستثناء دولتين أو ثلاثة، كما بدأ للأسف البعض بتحميل الشعب الفلسطيني وقياداته عبر تاريخ الصراع مسؤولية الأوضاع التي آل أو سيؤول اليها وضعه، مترافقاً مع الدعوات الصريحة للتخلي عن القضية الفلسطينية واقامة علاقات طبيعية مع الكيان الصهيوني ..!
أمام هذا الوضع الكارثي الواقع، والصورة السوداوية البائسة التي ترسمها صفقة القرن، هل سيبقى الشعب الفلسطيني مكتوف اليدين، منتظراً المجتمع الدولي وبياناته وقراراته لاستعادة حقوقه ؟!.
وهل سيكتفي الفلسطينيون ومعهم أشقاؤهم وأصدقاؤهم من دول العالم بدور الشهود على تنفيذ جريمة القرن؟!.