عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    11-Oct-2025

ما السيناريوهات المحتملة بحال أفشل نتنياهو خطة ترامب؟

 الغد

القدس المحتلة – يواجه الاحتلال الإسرائيلي مفترق طرق اقتصاديا حاسما في حال فشلت خطة ترامب بسبب نتنياهو أو داعميه المتطرفين أمثال بتسلئيل سموتريش وإيتمار بن غفير، وأستمر العدوان على غزة، إذ تشير تحليلات اقتصادية من داخل الكيان المحتل إلى 3 سيناريوهات محتملة ترسم ملامح مستقبلها المالي في تلك الحالة.
 
 
في أسوأ السيناريوهات، والذي يتمثل في احتلال قطاع غزة بالكامل، يحذّر الخبراء من تداعيات كارثية تشمل عزلة دولية خانقة، واتساع العجز في الميزانية، وانهيار مستوى المعيشة، وصولا إلى احتمال فقدان اقتصاد الاحتلال توازنه بالكامل.
هذا الخيار، وفقا لتقديرات الخبراء، سيضع تل أبيب أمام تحديات غير مسبوقة في علاقاتها مع حلفائها الغربيين، وسينعكس سلبا على مكانتها الاقتصادية العالمية.
أما في حال استمرار الوضع القائم من دون تسوية سياسية شاملة، فستبقى دولة الاحتلال عالقة في دوامة الاستنزاف المالي والأمني، مما سيؤدي إلى تباطؤ التعافي الاقتصادي، وتراجع ثقة المستثمرين، واستمرار الأزمات التي تضرب القطاعات الإنتاجية الحيوية، لا سيما في مجالات التكنولوجيا والصناعة والسياحة.
ويجمع الاقتصاديون على أن تنفيذ مبادرة ترامب يمثل الخيار الوحيد القادر على إنقاذ اقتصاد الاحتلال وإعادته تدريجيا إلى مسار النمو والاستقرار.
ومع ذلك، حتى في حال قبول الخطة، سيحتاج الاقتصاد الإسرائيلي إلى سنوات طويلة ليستعيد عافيته، بعد عامين من الحرب التي خلّفت خسائر مالية هائلة وأضعفت البنية الإنتاجية والمالية لمؤسسة الاحتلال حسب محللين.
يرى محللون من الكيان المحتل أن مأزق الاقتصاد لا يمكن فصله عن الأزمة السياسية الداخلية التي تعصف بإسرائيل منذ اندلاع الحرب، إذ تقوّض الخلافات داخل الحكومة والجيش ثقة الأسواق وتعرقل اتخاذ قرارات إستراتيجية ضرورية للإنقاذ الاقتصادي.
ويؤكد هؤلاء المحللون أن استمرار التعنت السياسي ورفض المبادرات الدولية، وعلى رأسها خطة ترامب، سيجعل إسرائيل تدفع ثمنا اقتصاديا وسياسيا باهظا، بينما يمثل الانخراط في تسوية شاملة الفرصة الأخيرة لاستعادة التوازن الداخلي وإعادة الثقة إلى النظامين الاقتصادي والمالي.
وتشير التقديرات إلى أن العامين المقبلين سيكونان مرحلة حاسمة لاقتصاد الاحتلال الإسرائيلي، بين مسار الانكماش العميق أو بداية التعافي البطيء. فإذا استمرت الحكومة في تجاهل الحلول السياسية، فإن دولة الاحتلال ستواجه تراجعا حادا في النمو وارتفاعا في الدين العام إلى مستويات غير مسبوقة.
أما إذا تم التوصل إلى تسوية سياسية بدعم أميركي ودولي، فقد يتمكن الاقتصاد من استعادة جزء من قوته بحلول عام 2027، مع تحسن تدريجي في مؤشرات الاستثمار وسوق العمل، شريطة أن ترافق التسوية إصلاحات هيكلية جريئة تنهي حالة الاستنزاف وتعيد الثقة بين الدولة والمجتمع والقطاع الخاص.
الاقتصاد الإسرائيلي على مفترق طرق
ويشير محلل الشؤون الاقتصادية في صحيفة "كالكاليست"، أدريان بيلوت، إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي دخل في دوامة أزمة غزة بعد عامين من الحرب التي أعقبت "أكبر خطأ أمني منذ تأسيس الدولة".
وأوضح أن الواقع السياسي الإسرائيلي بقيادة حكومة نتنياهو -التي تضم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير– لم يتخلَّ عن فكرة الحرب المستمرة، مما يجعل استمرار الاحتلال في غزة دون تسوية محفوفا بمخاطر اقتصادية جسيمة، تشمل ارتفاع العجز والديون وإعادة فتح الميزانية، وهو ما يضر بثقة الأسواق.
ويجزم بيلوت أن مستقبل الاقتصاد الإسرائيلي مرتبط بشكل حاسم بنجاح أو فشل مبادرة ترامب. ففي حال مضي التسوية، يمكن للاقتصاد أن يتعافى تدريجيا، في حين أن أي فشل  سيضع إسرائيل أمام أزمة مالية وأمنية مستمرة، وهجرة للعقول، وتراجع في النمو، وعزلة دولية، مما يجعل السنوات القادمة مرحلة حاسمة لاستقرار الدولة المالي والسياسي.
وفي تقدير موقف أصدره معهد "أهارون" للسياسة الاقتصادية، والتابع لكلية "تيومكين" للاقتصاد بجامعة "رايخمان" في هرتسليا، بإشراف البروفيسور تسفي إكشتاين، جرى وضع سيناريوهات مستقبلية لتطور الاقتصاد الإسرائيلي.
ويركز المعهد في هذه السيناريوهات على تحليل تداعيات الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية، وتقدير مسارات النمو والعجز والدين العام، بهدف تقديم خريطة طريق واضحة لصنّاع القرار لمواجهة التحديات الاقتصادية المقبلة.
نهاية الحرب والتسوية هذا العام
يعدّ هذا السيناريو الأكثر واقعية بعد البيان المشترك بين ترامب ونتنياهو، إذ يُتوقع أن يعود الاقتصاد الإسرائيلي بسرعة إلى مساره الطبيعي، رغم تباطؤ النمو هذا العام إلى 2.2 % وارتفاع العجز إلى 5.3 % من الناتج المحلي الإجمالي.
ومع تنفيذ الإصلاحات الداعمة للنمو بين عامي 2025 و2038، يُتوقع أن يرتفع النمو تدريجيا إلى 3.6 % في العامين المقبلين، وينخفض العجز والدين إلى 4 % و68-69 % من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2026-2027.
وتشمل الإصلاحات الاستثمار في رأس المال البشري والبنية التحتية، وخاصة الرقمية ووسائل النقل.
احتلال كامل لغزة
يُعدّ هذا السيناريو كارثيا، إذ يفرض على الكيان إدارة قطاع غزة بالكامل، بما في ذلك توزيع الغذاء والخدمات الأساسية، إلى جانب تعبئة نحو 100 ألف جندي احتياطي.
وسيتسبب ذلك في ارتفاع الإنفاق العسكري إلى 8.5 %-8.8 % من الناتج المحلي الإجمالي في عامي 2025-2026، مع عجز متوقع يبلغ 6.9 %، وارتفاع الدين إلى 75 % بحلول نهاية 2026، وصولا إلى 78 % في 2027.
وسيؤدي هذا السيناريو إلى ركود محتمل، وانخفاض نصيب الفرد، وتراجع النمو، وهجرة العقول الماهرة، بالإضافة إلى عزلة دولية وعقوبات اقتصادية تضر بصادرات التكنولوجيا المتقدمة والإنتاج المحلي.
ومن المتوقع أن يبلغ متوسط النمو السنوي للفترة 2028-2035 نحو 1 % فقط، مما يهدد الاستقرار المالي والاجتماعي لإسرائيل.
استمرار الوضع الراهن دون تسوية
يُعدّ هذا السيناريو أقل كارثية، لكنه لا يخلو من الصعوبات، إذ يستمر النشاط العسكري بمستويات مرتفعة، وتظل إسرائيل مسؤولة عن توزيع الغذاء في غزة.
ويتوقع أن يصل النمو إلى 1.3 % في عام 2025 و1.7 % في 2026، مع ارتفاع العجز والدين إلى 72 % من الناتج المحلي الإجمالي، ليبلغ 88 % بحلول عام 2035.
وفي غياب الإصلاحات، سينخفض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي طويل الأمد إلى متوسط 2 % سنويا، مع استمرار هجرة العقول الماهرة وتأثير ذلك في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة وسوق العمل.
العقوبات والعزلة الدولية
في ظل هذه السيناريوهات، استعرض محرر مجلة "ذا ماركر"، إيتان أفريل، في مقالة حديثة، أسباب استغراق الاقتصاد الإسرائيلي وقتا طويلا للتعافي بعد الحرب.
وأوضح أن ردود فعل الأسواق كانت سريعة، إذ استجاب كل من سوق الأسهم والشيكل بشكل إيجابي لخطة إنهاء الحرب، غير أن معدل التعافي الاقتصادي الشامل سيختلف بدرجة ملحوظة.
وأشار أفريل إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي يواجه عدة عقبات رئيسية تعرقل مسار التعافي بعد الحرب:
أولها ارتفاع ميزانية الدفاع وما يترتب عليها من أعباء مالية ثقيلة إلى جانب مدفوعات تعويضات ضحايا الحرب التي تزيد من الضغط على الميزانية وتشكل تحديا كبيرا للنمو الاقتصادي.
أما العقبة الثانية فتتمثل في التأثير المحتمل على الصادرات، بعد اقتراح المفوضية الأوروبية تجميد بعض الاتفاقيات التجارية مع إسرائيل، وهو ما قد يؤثر على نحو ثلث صادراتها.
أما التحدي الثالث فيكمن في هجرة العقول والموارد البشرية في قطاع التكنولوجيا الفائقة، مع انتقال بعض الشركات إلى الولايات المتحدة، مما يقلل من قدرات الابتكار ويضعف جاذبية إسرائيل بوصفها مركزا عالميا للتكنولوجيا.
وأضاف أفريل أن البعض قد يتوقع تحولا سريعا في موقف المقاطعة الدولية ضد إسرائيل، غير أن هذا تقدير مبالغ فيه، إذ من المرجح أن تستمر العقوبات والعزلة الدولية لفترة طويلة حتى بعد وقف إطلاق النار.-(وكالات)