الغد-منى أبوحمور
يذهب مختصون إلى أهمية توجيه الخطاب الإعلامي بلغة إيجابية ترفع المعنويات في هذه الأوقات العصيبة، وأن يحاكي هذا الخطاب النصر القريب في وجه العدو الغاشم وأنه سيكون قريبا لا محالة.
مخاوف كبيرة تغلف أحيانا خطاب الكثيرين ممن يرون أن مجريات الحرب الغاشمة تخلف الكثير من الخسائر، وأن فلسطين تحارب وحدها الاحتلال الصهيوني الذي ضرب عرض الحائط الاتفاقيات الدولية كافة، غير آبه للأصوات الأممية التي تطالب بوقف الحرب.
يعيش أبناء قطاع غزة ظروفا استثنائية وكارثية، بحسب اختصاصية علم الاجتماع الدكتورة فاديا الإبراهيمي، التي تبين أن القتل والدمار في كل مكان وبشكل متواصل، فيما وجع الفقد يطال عائلات كثيرة، في الوقت الذي يقابله حقيقة ثبات وصمود أهالي غزة، وثباتهم على أرضهم راضين بقضائهم صابرين على وجعهم، يقدمون أرواحهم وأبناءهم فداءً لفلسطين وخطوة أولى في سبيل النصر والحرية بإذن الله.
التغيرات النفسية ومنها الروح المعنوية، والمشاعر والعواطف التي تحكم سلوك وتصرفات الأفراد وتحدد رغبتهم في تحقيق هدف معين كالنصر، متطلب ضروري في هذه المرحلة، وفق الإبراهيمي، لافتة إلى أن مكونات الصمود النفسي أو المعنوي هي التعاطف، التواصل، التقبل، الرؤية الإيجابية للذات والثقة بالقدرات والإمكانيات.
وتبين الإبراهيمي، أن الأمن الفكري لا يقل أهمية عن الأمن النفسي، فأفكارنا تنعكس على مشاعرنا ونفسيتنا، لذا "فلنكن إيجابيين في أفكارنا ولنبتعد عن الأفكار السلبية التي قد تثبط من عزيمتنا".
وتقول الإبراهيمي "لا ننسى أن المعنويات العالية ضرورية جداً من أجل الثبات والصمود"، مضيفة أن الروح المعنوية إذا كانت مرتفعة في النفوس، فإن الناس يكونون أقرب إلى النجاح والنصر، بعيدا عن الهزائم النفسية.
والروح المعنوية لأي جماعة، وفق الإبراهيمي، تحتاج إلى تناسق وانسجام في الجزء الأكبر منها وإلى الصبر والقوة باستخدام الخطاب السياسي العسكري الديني والوطني، ويأتي على شكل حب الأرض والتمسك بالحياة والتفاؤل بالنصر، ويترجم من خلال السلوكيات الإيجابية حتى في أصعب الأوقات وفي التعاون والتكافل بين الجميع.
وتردف، لا وقت للاستسلام أو الانهيار، نستخدم الخطاب الديني والآيات القرآنية التي وعدت بالنصر، والقصائد والأغاني الوطنية التي تعطي جرعة من الحماس وكذلك في كل لقطة أو فرحة أو حتى بسمة على وجه طفل أو شاب أو امرأة.
كما أن الروح المعنوية العالية ترعب العدو وتشعره بهزيمته وضعفه، وتساعد المجاهدين والمقاتلين على التصدي للعدو بقوة، منوهة إلى أن عرض الصور والفيديوهات الإيجابية والأخبار الإيجابية ضروري ليشعر الجميع بالثقة والأمل، أيضا أخذ الأخبار من مصادر موثوقة وصادقة والحذر من الحرب النفسية التي تستهدف في المقام الأول تحطيم الروح المعنوية.
الدكتور تيسير أبو عرجة، أستاذ الصحافة والإعلام، يلفت بدوره إلى الدور المهم والكبير للكلمة وقدرتها على التأثير في الجمهور، خصوصا في الظروف الحرجة التي يكون فيها الناس في حالة قصوى من الأعصاب المشدودة.
ويلفت، بدوره، الى أن الخطاب الذي يوجه للجمهور بكل فئاته يجب أن يراعي خطورة الكلمة وأهميتها وكل ما ينعكس على معنويات الناس من خلال استماعهم ومشاهدتهم لما يتلقونه من معلومات وأخبار متلاحقة من مصادر متعددة وعلى مدار الساعة.
وأشار أبوعرجة إلى أن الجهات المعادية لا تقدم أي خبر أو تعليق أو صورة إلا وتحملها شحنة دعائية تقصد بها التأثير السلبي علينا وعلى جماهيرنا العربية. هذه الجماهير التي تعيش حالة المتابعة المستمرة لكل ما يتصل بالحرب العدوانية على غزة.
وبحسب أبو عرجة، من الأهمية بمكان توجيه الخطاب الإيجابي الذي يرفع المعنويات لأنه يعين المقاومين في صمودهم وقتالهم وبسالتهم ويشعرهم بأن جماهير الأمة معهم وأنهم يحققون من الإنجازات والانتصارات في ميدان المواجهة.
ويقول أبو عرجة "هذه المعنويات العالية تؤدي الى تفويت الفرصة على سيل الإشاعات وعلى ما تحرص الجهات المعادية من بثه من سموم وأخبار مضللة"، والتي تهدف الى زعزعة الإيمان بالقضية التي يقاتل من أجلها المقاومون، وإلى ضرب ما تم تحقيقه من تلاحم شعبي وخطاب عربي وإسلامي ينتصر للحق والعدل.
ويشدد أبو عرجة على أن على كل صاحب قلم وصاحب فكر وكذلك من يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي، مسؤولية الارتقاء بلغة التعبير الى مستوى المعركة الكبرى التي يتابعها العالم بأسره، وأن تكون كل كلمة لهم تحمل هذه الإيجابية التي ستقود بحول الله وقدرته الى تحقيق الانتصار على هذا العدو المحتل الغاشم.