عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    03-Jun-2019

أمیرکا تعود إلی الشرق الأوسط - ایال زیسر
اسرائیل ھیوم
شيء غریب حصل للرئیس ترامب. فقبل نصف سنة فقط اعلن بأن الدور التاریخي للولایات المتحدة في الشرق الاوسط انتھى، وان في نیتھ تقلیص حجم القوات الامیركیة في المنطقة بل واخلاء عموم الجنود الذین ما یزالون یتواجدون في سوریة.
لقد شرح الرئیس بأن امیركا فقدت كل اھتمام بالشرق الاوسط لأنھا لم تعد تحتاج إلى النفط الذي
یوجد فیھا، ولأن داعش، الذي ھدد بجلب الارھاب إلى اراضیھا، صفي. واضاف بأن من ناحیتھ
یمكن لایران الآن أن تفعل كل ما یروق لھا، فما بالك انھا بسبب العقوبات الاقتصادیة اخذت
بالضعف. في كل الاحوال، لخص قائلا ان اسرائیل یمكنھا أن تدافع عن نفسھا بفضل المساعدة
الاقتصادیة من الولایات المتحدة.
لم تنقض اشھر قلیلة، واذا بترامب یجتذب عائدا إلى المنطقة التي اراد تركھا، فیعزز فیھا القوات
الامیركیة بل ویبعث بالطائرات والسفن الحربیة. یبدو أنھ لم یتبق للرئیس مفر في ضوء اصوات
الحرب من طھران. عملیا، لیست ھذه مجرد اصوات بل ھي ایضا واساسا افعال: سلسلة ھجمات
ایرانیة ضد حلفاء واشنطن في المنطقة. في طھران كان یبدو من ”شم الدم“ وفسر اعلانات ترامب
عن فك الارتباط عن الشرق الاوسط كتعبیر عن الضعف.
وبالتالي، فإن الولایات المتحدة ترامب تتعلم بالطریقة الاصعب الدرس الذي تعلمتھ اسرائیل على
جلدتھا في العقد الماضي في غزة وفي لبنان. یمكن الخروج من غزة، ولكن غزة لن تسارع إلى
”الخروج“ وترك اسرائیل لحالھا، بل ستطاردھا حتى لو انسحبت تماما. بذات الوزن، یمكن للولایات المتحدة، ان تخرج قواتھا من المنطقة وان تفك ارتباطھا بھا، ولكن الارھاب من مدرسة القاعدة وداعش، وإلى جانبھما ایران وفروعھا ایضا، سیواصلون ملاحقة الولایات المتحدة، المس بھا وبأراضیھا، بمصالحھا وبحلفائھا في المنطقة وفي العالم.
لقد شھد التدخل الامیركي على مدى العقود الاخیرة ارتفاعات وھبوطات، نجاحات واخفاقات، والاستنتاجات تلقى مفعولا اضافیا في ضوء التحدیات الحالیة في الشرق الاوسط.
أولا، اذا كانت الولایات المتحدة تسعى لأن تلعب دورا مركزیا في العالم – مثلا، في مناطق استراتیجیة من ناحیتھا مثل الشرق الاقصى – محظور علیھا ان تترك الشرق الاوسط خلفھا. ھذا
استنتاج توصل الیھ الروس ایضا، والدلیل ھو أن بوتین یقود روسیا نحو مكانة صدارة في العالم
عبر التدخل المتزاید في منطقتنا. فالمركزیة الجغرافیة، الاقتصادیة والسیاسیة للشرق الاوسط لا
تسمح بفك الارتباط، بل یفترض المتابعة والتحكم.
ثانیا، المسائل التي على جدول الاعمال في الشرق الاوسط لیست محلیة ولیست محصورة بالمنطقة وسكانھا. فالسیاسة الایرانیة لیست دفاعیة في جوھرھا بل مبادرة وھجومیة، وھي تخلق تھدیدا حقیقیا. وقطع الاتصال عن المنطقة لن یحل بل سیفاقم التھدید فقط. كما ان القتال الاقتصادي الذي تبناه ترامب كفیل بأن یحقق اھدافا محدودة قط، والا یغیر الواقع الاقلیمي من اساسھ.
وأخیرا، درجت الولایات المتحدة على أن ترى في ایران في الماضي وبعدھا في تركیا، وكذا في
دول الخلیج – الحجارة الاساس لتواجدھا في المنطقة وحمایتھا لمصالحھا. غیر أن كل ھذه خیبت
الآمال. ایران اصبحت عدوا ولم یعد ممكنا الاعتماد على تركیا، التي توثق علاقاتھا مع موسكو،
ولا على الدول العربیة الغارقة في مصاعب ومشاكل داخلیة. على ھذه الخلفیة یتبین للولایات
المتحدة مرة اخرى ان اسرائیل ھي الحلیف الوحید الذي یمكنھا ان تعتمد علیھ عند الازمة. العلاقة
مع اسرائیل لیست عائقا، بل وسیلة لتعزیز مكان الولایات المتحدة الاقلیمیة. ولا سیما حین تكون
الدول العربیة والخلیجیة بحاجة اكثر من أي وقت مضى إلى سند قوي یساعدھا في مواجھة