الراي
باديء ذي بدء، ينبغي علينا لفت الأنتباه، إلى أن دستور المملكة الأردنية الهاشمية–والذي يعد من أرقى الدساتير في العالم–قد كفلت أحكامه بعدد من نصوص المواد الصريحة والتي تنص أن لكل مواطن أردني الحق في أن يعبر بمنتهى الحرية عن رأيه الشخصي سواء أكان ذلك بالقول أو الكتابة أو التصوير، أو غيرها من وسائل التعبير السلمية المشروعة، ولكن شريطة أن لا يتجاوز ذلك التعبير حدود القانون، وما حدث مؤخراً–في سابقه لعلها الأولى في تاريخ الوقفات التي دأب أبناء الشعب الأردني على تنظيمها تضامناً مع الشعب الفلسطيني الشقيق- وذلك احتجاجاً على الهجمات الوحشية من قبل جيش الاحتلال الاسرائيلي بحق هذا الشعب المدني الأعزل، وذلك منذ بدء هذا العدوان الغاشم، وهذا الأمر يحتاج منا جميعاً إلى وقفة تأمل جادة، وذلك للتنبيه من مغبة مخاطر الجهل بأدبيات وضوابط حق التظاهر وتنظيم المسيرات أو الوقفات الأحتجاجية أوالتضامنية مع الشعب الفلسطيني الشقيق أو غيره من الشعوب الشقيقة.
و هنا لابد أن نميط اللثام عن حقيقة يجلها البعض–وهم قلة قليلة- وأن نسلط الضوء بشكل قانوني بحث على تلك التصرفات السلبية والتي تصدر من بعض أشخاص–والذين يجهلون عواقب ما يقومون به من أفعال–تسيء لمواقف الدولة الأردنية الداعم الأول للأشقاء الفلسطينين, وهم غير مدركين لما يقومون به ولا يعلمون ما هي عواقب تلك الأفعال التي صدرت أو تصدر منهم في تلك الفعاليات، وما شاهدناه مؤخراً في الوقفات التي خرجت، وما صدر من بعض الأشخاص من هتافات تسيء بشكل مباشر لمؤسسات وطنية عريقه تؤدي دورها بمنتهى الإحترافية والمهنية والانضباط- وذلك عن جهل وعماية–هو آمر مرفوض جملةً وتفصيلاً، ويحاسب عليه وفق أحكام قانون المحاكمات الجزائية الأردني بأشد العقوبات تجاه هؤلاء الأشخاص والذين لا يمثلون إلا أنفسهم، فالدستور والقانون واضح إلى الجميع، لكن مع الأسف هناك ثمة أشخاص بجهلون الضوابط والأنظمة التي تحكم حق التعبير الذي كفله الدستور الأردني للمواطن.
اقول قولي هذا، وفحوى الرسالة التي أتمنى أن تصل إلى كل أردني حر شريف غيور على مصلحة وطنه وعدالة القضية الفلسطينية ونصرتها، أن يدركوا–تمام الإدراك–إذا كانت وقفاتهم من أجل التعبير عن رأيهم لما يجري في قطاع غزة والضفة الغربية، من مجازر وحشية وخرق واضح لكل القيم والأعراف الإنسانية، فكافة أبناء الشعب الأردني متعاطف ومتلاحم ومتعاضد ويقف مع أهلنا في قطاع غزة والضفة الغربية، وما يجري من مجازر بحق الأبرياء مرفوض، وما قدمه الأردن من خلال جهود صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني لوقف العدوان الإسرائيلي فوراً على قطاع غزة منذ البداية، وضمان وصول المساعدات الإنسانية والاغاثية والطبية قبل وبعد عملية طوفان الأقصى لم يقدمه أحد، وتوجيهات صاحب الجلالة كانت واضحة لكافة مؤسسات الدولة والقوات المسلحة الباسلة وذلك من خلال تسخير كافة الإمكانيات المتاحة لمساندة أهلنا في غزة وأنشاء جسر جوي وبري والقيام بأنزالات جوية، وتوفير مستشفيات ميدانية مجهزة بكامل الأجهزة والمعدات والكوادر الطبية اللازمة، وذلك لتخفيف العبء عن القطاع الصحي المنهار في قطاع غزة، لم تقدمه أي دولة كما فعلت الدولة الأردنية،وما قدمناه يعلمه القاصي والداني، وهذا هو ديدن الأردنيين وقيادتهم الهاشمية المظفرة منذ تأسيس الدولة قبل أكثر من مئة عام، وسنبقى على ذلك العهد حتى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وفي هذا السياق، لا بد من الاشارة إلى الرسائل التي يرسلها أهلنا في قطاع غزة والضفة الغربية وذلك من عبارات الشكر والثناء للقيادة الهاشمية المظفرة وللشعب الأردني ومؤسسات الدولة الأردنية، وهي دليل ساطع وبرهان قاطع على أن الأردن هو السند والعضد والرئة التي يتنفس منها الشعب الفلسطيني، فإذا كان الشكر والثناء من أهلنا في فلسطين واضح ومعلن، وشاهده العالم بأسره عبر كافة وسائل الاعلام المرئي والمقروء والمسموع، فهل يكون الرد من بعض المندسين في تلك الوقفات بتلك الطريقة التي هي غريبة عن عادتنا وتقاليدنا ومجتمعنا الأصيل، هذا طبعاً أمر مرفوض من الجميع، ولا بد من محاسبتهم وفق أحكام القانون الأردني.
وهنا أتسائل وأسأل هؤلاء الأشخاص والذين نقلوا صورة غير حقيقية ومغلوطة عن الطريقة المثالية التي يتعامل معها مختلف منتسبي الأجهزة الأمنية مع الوقفات الاحتجاجية والتضامنية منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، هل يعلمون ان الذين يرتدون الزي العسكري في الميدان يمثلون سلطة القانون وهيبة الدولة، و هل تعلم أن هؤلاء موجودين لخدمتك و حمايتك ومساعدتك ويعملون بكل صدق وشرف لتقديم كل ما لديهم من اجل توفير الراحة للمواطنين وسلامتهم، لذلك لن نسمح لأي شخص التطاول عليهم بأي شكل من الأشكال، ولابد أن تصل الرسالة لأمثال هؤلاء الأشخاص، وإلى كل من يحاول التطاول على العاملين في المؤسسات الأمنية وغيرها، فالشعب الأردني والقانون سيكون لهم بالمرصاد.
وأخيراً وليس اخرا، ينبغي ان تصل الرسالة إلى الجميع أننا في الأردن كلنا جنود ورجال أمن نقف صفًا واحدًا متراصاً خلف قيادتنا الهاشمية وقواتنا المسلحة -الجيش العربي–و أجهزتنا الأمنية, و كلنا فداءً للوطن وقائد الوطن، هذا هو الأردن الذي ينتمي إليه الجميع، وهذا هو الأردن الذي يفديه العسكري و المواطن بدمه وبروحه ويضحي من من أجل نصرة قضايا أمته العربية والإسلامية بالغالي والنفيس.
حمى الله الوطن المظفر، و قيادتنا الهاشمية الحكيمة، والشعب الأردني الأبي، وحمى الله جميع منتسبي أجهزتنا الأمنية كافة.
ويكفينا فخراً أن أول جندي من جنودنا هو ملك هاشمي حكيم فذ، نذره المغفور له بإذن الله تعالى الملك الحسين بن طلال–طيب الله ثراه - لرفعة هذا الوطن وخدمة هذه الأمة.