عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    27-Nov-2019

من صور الإدارة السلبية - د.هايل ودعان الدعجة

 

الدستور- أخبرني شاب كان يعمل في مؤسسة خيرية، وهو ما يزال في بداية مشواره الوظيفي، عن حجم المعاناة التي كان يعاني منها من قبل موظفي الرقابة والاشراف، ومعظمهم من جيل الشباب ممن هم في عمره، حتى انه لم يكن ليستطيع الذهاب لقضاء حاجته، خوفا من ان يقع ضحية او ان يقتنصه احدهم بالجرم المشهود تاركا مكان عمله، دون مراعاة للاسباب او الظروف التي قادته لمغادرة موقع عمله للضرورة وللحظات، وذلك بعد ان تكرست لديهم القناعة بان مهمة بعضهم تكمن في تصيد الاخطاء والسلبيات وتعبئة التقارير بالملاحظات التي تدين الموظف، تمهيدا لمعاقبته ومن ثم الحكم على عدم اهليته للاستمرار بالعمل بعد ان يصبح ملفه حافلا بالمخالفات والعقوبات التي ارتكبت بحقه، والتعامل معه (الملف) كمرجعية يتم اللجوء لها للحكم على اداء الموظف ومستقبله ومصيره الوظيفي عبر الاستغناء عن خدماته او عدم تجديد عقده. اعتقادا منهم بانهم بذلك يكسبون رضا الادارة وثقتها بشكل يعزز من نجاحهم واستمرارهم بالعمل.. حتى وان كان ثمن ذلك الحاق الاذى والضرر والظلم بالموظفين الاخرين. يحدث ذلك بدلا من التفكير في كيفية تصويب اخطاء الموظف ومخالفاته وسلبياته ومعالجتها وتحويلها الى ايجابيات ونجاحات من شأنها تحسين بيئة العمل وتطويرها، بطريقة تجعلنا نتساءل.. كيف يتم اختيار هذه النوعية من المراقبين والمشرفين... وما هي الاسس التي تم اعتمادها في اختيارهم وتعيينهم؟. وهل يتم اخضاعهم لدورات تدريبة في مجال العمل الرقابي والاشرافي؟  اذن.. من المسؤول عن تكريس هذه الثقافة السلبية لديهم، بشكل مخالف لما توصل له علم الادارة والمدارس والنظريات الادارية الحديثة من نتائج وتوصيات جل اهتمامها التركيز على حفز الموظف وتشجيعه على العمل ورفع روحه المعنوية وتحسين حالته النفسية، بما ينعكس ايجابيا على بيئة العمل وزيادة الإنتاجية.. واين هم المدراء والمسؤولون في هذه المؤسسات من هذه الممارسات السلبية والخاطئة الكفيلة بتحويل هذه البيئة الى بيئة محبطة وسوداوية. منفرة وطاردة.. بدلا من تحويلها الى بيئة جاذبة ومحفزة تشجع الموظف على العطاء والتفاني بعمله.
ومن الصور السلبية الاخرى التي تستحوذ على المشهد الاداري في مؤسساتنا واداراتنا، تلك المتعلقة بالفترة التي يكون فيها (الموظف) تحت التدريب او التجربة، بطريقة تجعلك تشعر ان جهود البعض منصبة على تكسير مجاذيفه خلال هذه الفترة، واحباطه وتفشيله حتى لا يتم تثبيته عبر التركيز، مرة اخرى، على اخطائه وسلبياته، دون مراعاة لحداثة تجربته ودخوله سوق العمل، او توظيف مرحلة التدريب في تطوير مهاراته الوظيفية وتعزيز قدراته وامكاناته المعرفية لتمكينه وتحفيزه على اداء مهامه بنجاح. فاذا ما كانت موظفة بوظيفية سكرتيرة مثلا، فغالبا ما يتم اخضاعها لفترة تدريب لمدة قصيرة وبدون اجر تنتهي بالاستغناء عن خدماتها بعد ان تكون المؤسسة استفادت منها وظيفيا دون ان تدفع لها مقابلا او راتبا.. وهكذا تتكرر العملية مع موظفات او سكرتيرات اخريات من خلال العمل بدون مقابل مالي بحجة خضوعهن لفترات تدريبية وتجريبية.. وهكذا.. المؤسسة تنجز اعمالها وتستفيد منهن دون ان تعينهن.. وهن يعملن وينجزن اعمال المؤسسة بدون تعيين وبدون راتب.. في استغلال بشع للبطالة، وحاجة الناس للعمل.
 ان الموظف خلال فترة التدريب يقدم ما يمتلكه او ما عنده من مهارات وقدرات تعلمها او حصل عليها قبل دخوله سوق العمل، وبالتالي فهو بحاجة الى من يساعده ويدربه على توظيف هذه المهارات والقدرات وتطويرها وتعزيزها بما يخدم مصلحة المؤسسة التي يعمل بها.. لا ان نتركه يعمل وحيدا.. ثم نحكم على ادائه بالفشل. فاذا كان هو قد قدم ما عنده.. فلماذا لا تقدم المؤسسة له ما عندها.. وتضعه بصورة او بمسار العمل المطلوب منه.. هل لانها لا تريده اصلا ان يعمل او يستمر بها؟.