عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Oct-2021

لبنان: «بروفة» فاشِلة.. لـِ«حرب أهلية» ثانية!*محمد خروب

 الراي 

مع «كمين» مثلث الطيّونة/الشيّاح/عين الرمانة الدموي/14 الجاري, دخل لبنان مرحلة جديدة وخطيرة من الاستقطاب الحاد.. أُفقياً وعامودياً, كفيلة باستيلاد تحالفات مُغايِرة تُنذِر بِطيّ معادلات/تحالفات قائمة, كما هي حال تفاهم «مار مخايل"/6شباط 2006, بين حزب الله والتيار الوطني الحر بزعامة الجنرال ميشال عون, قبل وصوله إلى رئاسة الجمهورية في مثل هذه الأيام عام 2016, ليُنهي فراغا سياسياً دام 29 شهراً, ما كان له الوصول الى قصر بعبدا لولا دعم/وإصرار حزب الله. إضافة إلى ما كان يمكن أن يتبلّور من تحالفات, خاصة قبل الانتخابات البرلمانية المُقررة أيار القريب, هذا إن جرت, بعدما أطاح كمين الطيّونة كل الفرص التي كان يمكن توّفيرها.
 
وإذ لم يعد خافياً على أحد أنّ الطرف الذي دبّر كمين مثلث الطيّونة, هو حزب القوات اللبنانية الذي يرأسه سمير جعجع أمير الحرب المدان بقتل مئات اللبنانيين وزعماء سياسيين من المسيحيّين والمسلمين، وإعلان الثنائي الشيعي حزب الله/وحركة أمل... تحميل القوات اللبنانية مسؤولية مجزرة الخميس الأسود، فإنّ كبح «الثنائي» أنصارهما ودعوتهم عدم الوقوع في فخّ الفتنة, التي أراد منها جعجع إدخال لبنان في أتون حرب أهلية ثانية، قد أسهم ضمن أمور أخرى في عدم انزلاق لبنان إلى دائرة العنف والفوضى, وسط أجواء دولية وخصوصاً إقليمية باتت ترى في لبنان وتحديداً سلاح حزب الله عقبة كَأْداء, أمام مخطط شرير واجه خيبات عديدة, ليس فقط منذ التوصل إلى اتفاق الطائف عام 1989 الذي أنهى حرباً أهلية استمرّت 15 عاماً. كان أبرز مُخرجاته تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية/المارونيّ الطائفة لصالح رئيس الحكومة/السُنيّ، ما تركَ ندوباً عديدة لدى الشريك المسيحي بطوائفه المختلفة, الذي يتقاسم نصف مقاعد مجلس النواب والمناصب العليا والوظائف مع الشريك المسلم بمذاهبه المتعددة.
 
هنا تتوجب الإضاءة على دور جعجع وحزبه الذي يحمل مدلولاً عسكرياً (بائداً/ومهزوماً) هو «القوات اللبنانية», كذراع عسكرية للحزب الفاشيّ/الكتائب بزعامة عائلة الجميّل وعلى رأسهم بيار الجميل الأب/مؤسس الحزب العنصري، الذي فجّر الحرب الأهلية في 13 نيسان 1975 بذريعة وجود المقاومة الفلسطينية. لكن الوثائق التي تكشفت فضحت حجم وطبيعة المخطط الإجرامي, الذي قام لأجله تحالف إسرائيل مع الكتائب وقيادة الجبهة اللبنانية اليمينية ثلاثية القيادة, التي ضمّت إلى جانب الجميل الأب.. الرئيس الأسبق كميل شمعون، وسليمان فرنجية الذي انتُخب لاحقاً رئيساً للجمهورية، وثلاثتهم قادة ميليشيات سلّحتها إسرائيل وهي على التوالي: ميليشيا القوات اللبنانية/الكتائب, و«النمور»/حزب الوطنيين الأحرار بزعامة شمعون، وقوات المَردة بزعامة فرنجية الأب ونجله طوني.
 
القصد من استعادة تحالفات الحرب الأهلية «الأولى» في لبنان, هو مقارنتها بتحالفات الأيام هذه، خاصةَ أنّ قوات جعجع تعيش عزلة قاتلة على الصعيد اللبناني، وتحديداً الوسط المسيحي, رغم محاولاتها التي لم تتوقّف للاستثمار فيما سمّي زوراً ثورة 17 تشرين/2019 التي تصادف ذكراها الثانية اليوم. لكن أطراف تلك الثورة المزعومة NGO,s الممولة من السفارات الأجنبية ومعظمها من منظمات المجتمع المدنيّ/ ترفض التحالف مع حزب جعجع, كون تاريخه الإجرامي معروفاً لكلّ اللبنانيين, إضافة إلى أنّه شريك أساسي للمنظومة السياسية المُتهمة لديهم بالفساد، أقلّه منذ العام 2005 وبروز معسكر 14 آذار المندثر.
 
ما صمد «حتّى الآن».. هو تحالف الجنرال عون/التيار الوطنيّ الحرّ مع حزب الله, ويبدو أنّه بات وبعد كمين مثلث الطيونة، وخصوصاً دفاع عون وحزبه عن القاضي العدلي طارق البيطار المُمسك بملف تفجير مرفأ بيروت، بات (تحالف مارمخايل) أمام امتحان صعب وخطير, إذا ما واصل الجنرال/وحزبه مُعارضة تغيير القاضي العدلي المثير للجدل والمدعوم غربياً ومن بطريرك الموارنة الكاردينال الراعي وجعجع.
 
ما أثار جدلاً آخذاً في الاتساع هو موقف قيادة الجيش التي أصدرت بيانيْن متناقضين، أولهما تحدّث عن استهداف قناصين للمُتظاهرين الِسلميّين, وتعرّضهم لنيران من بنايات مرتفعة سقط على إثره ضحايا ومصابون. ثمّ ما لبث البيان الثاني أن وصفّ ما حدثَ بأنّه «اشتباك» بين طرفين (..) عمل الجيش على وقفه. وهو موقف أثار المزيد من الأسئلة والاتهامات, بتدخّل خارجيّ وضغوط داخلية أُدرِجت في باب الاصطفاف إلى طرفٍ ضدّ آخر.
 
في السطر الأخير.. لبنان على أبواب مشهد جديد وغير مسبوق منذ خمسة عشر عاماً، خاصّة فيما يتعلّق بمستقبل العلاقة بين الحليفين الرئيسيين/حزب الله والتيار الوطنيّ الحر/ حزب رئيس الجمهورية، المُمسِك الآن بالعصا من الوسط, إذ أدان التعرّض بالسلاح للمتظاهرين في مثلث الطيّونة, فيما يواصل دعمه ومساندته للقاضي طارق البيطار, في مسعى لكسب أصوات الوسط المسيحي التي ينافسه عليها جعجع.
 
تبقى إسرائيل وحليفها الأميركي.. إذ يراهنان على «حرب اهلية مَحتومة», في ظل تأَهب المسيحيين للدفاع عن «مناطِقهم», تحسّبا لاجتياحها من قِبل حزب الله على ما زعمت قناة i24 التي «جزمت» أن المسيحيين اليوم لم يعودوا يخافون حزب الله.