عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    12-Jan-2020

الحزن.. هل يمكن أن يكون دافعا لمحطة جديدة تحمل النجاح؟

 

ديمة محبوبة
 
عمان–الغد-  تمر على الإنسان مراحل صعبة يختبرها على مدى حياته، وقد يتعرض لمواقف ومحطات تزرع الحزن والألم في داخله، ولا يستطيع الخروج من هذا العالم، غير أن البعض يأخذ من هذه التجربة على وجعها، وبعد مرور بعض الوقت، طريقا آخر يحمل له أملا جديدا.
الحزن يحمل مجموعة من المشاعر المختلطة التي يعيشها الفرد قد تتيح له فرصة أن يستثمر بذاته من جديد لتخطي مرحلة صعبة، وقد يبدأ التحدي بداخله لأن يكتشف إمكانيات لم يكن يعرفها من قبل.
ما حدث مع سحر محمود، وهي العروس التي تُركت قبل حفل زفافها بيوم واحد، سبب لها ألما كبيرا استقر في فؤادها، حتى ألم بها مرض نفسي من شدة الرهاب والخوف من الترك والانفصال.
تعود بذاكرتها لذلك اليوم الذي كان سببا في انفصالها عن خطيبها الذي كانت تحبه آنذاك، وتبين أنها لا تذكر السبب لشدة بساطته وعدم توقعها الوصول لنقطة الصفر ومن ثم الانفصال، وأن هذا الشخص الذي حلمت معه يمكن أن يكون سببا في مأساتها على مدى عامين.
لكنها من شدة الحزن الذي كانت تعيش به وقتها، على حد تعبيرها، ولابتعادها عن الناس وعن أقوالهم، جعلها تفكر بأمر يبعدها عما مرت به، فلجأت إلى تعلم صناعة الأعمال اليدوية البسيطة مثل الإكسسوارات وبعض القلادات، حتى أنها تعلمت أن تحفر على بعض المعادن والأخشاب التي تصنع من خلالها الإكسسوارات وجعلتها ملجأ لها.
ساعدها ذلك على أن تفرغ غضبها وحزنها ونظرات أهلها وصديقاتها التي تشير للشفقة والعتاب على أنها أيضا جزء من السبب الذي أدى لانتهاء تلك العلاقة وعدم استيعاب ما حدث معها ودخولها في حالة الحزن الشديدة.
تصف تلك المرحلة بأنها بصيص أمل غير حياتها للأفضل حتى أنها تقوم بالمشاركة بالكثير من المعارض والبازارات وتعرفت على الكثير من الصديقات، وأخيرا التقت بشخص أحبته واليوم هو زوجها ووالد طفلها إيهاب.
وتقول سحر “الحزن، رغم قسوته، إلا أنه مفتاح للفرج ويمكن استغلاله، وتغيير الحياة ونقلها من مكان إلى آخر”.
اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة، يبين أن الحزن لا يتكون من شعور واحد فقط والذي يسمى بالحزن لا، فهو يسيطر على الشخص مع مجموعة من المشاعر الأخرى كالضعف والانكسار والغضب، والاكتئاب أحيانا.
ويضيف مطارنة أن ذلك الشعور يمكن أن يخلق منه شخصا آخر، وهو الذي يقصد به الحزن المتوسط وليس الشديد المؤدي إلى الاكتئاب ومن ثم اللجوء إلى أفكار تؤدي بالإنسان للهاوية، وقد يحاول النهوض من جديد والتفكير بطريقة تخرجه من هذا العالم المظلم، والعمل المتواصل في سبيل تحقيق النجاح.
سناء تحكي عن تجربة صعبة مرت بها وهي فقدان والدها بمرض السرطان؛ إذ مرت عليها أيام لا تنسى من قسوتها وألمها ووجعها، لأنها لم تستوعب أنها فقدت أغلى إنسان على قلبها، ولكن بعد مرور الوقت، فكرت بطريقة تخفف من حزنها وفي الوقت ذاته تشعر أنها تقدم أملا جديدا للآخرين.
وبعد أن عاشت ثلاثة أشهر من الحزن، فكرت مليا أن عليها أن تنهض من جديد وأن تتعامل مع أفراد مصابين بالسرطان وتحاول أن تتطوع وتقدم الرعاية اللازمة لهم، كذلك كانت عضوة في أكثر من مبادرة إنسانية تقدم الدعم للمحتاجين، تحديدا لعائلات ليس لديها القوة والسند وتعيش ظروفا صعبة.
بيد أن مطارنة يعود ليؤكد أن الحزن لا يمر على الأشخاص بشكل متساو، فكل واحد يعيش وجعه بطريقة مختلفة؛ إذ تشير الدراسات الآن إلى أنه على الرغم من أن بعض المكلومين قد يتقدمون عبر هذه المراحل، إلا أن الكثير منهم لا يفعلون ذلك فقد يتخطون المراحل أو يكررونها، أو يقفون مكانهم لا يتقدمون خطوة، وهذا يعتمد على الشخصية إن كانت تستطيع لاحقا التفكير بإيجابية وحب للحياة قبل الاستسلام والأمل بأن القادم سيكون أفضل.
ويؤكد أن درجات الحزن تختلف لدى كل شخص، لذلك من المهم عدم إجبار النفس على أن تتشابه مع غيرها في التعبير عن الحزن، فكل شخص يختلف عن الآخر، ويعيش مشاعره كما هي.
ويذكر مطارنة أن عمل مجموعات للحديث عن مشاعر الحزن وتفريغها وكيفية التفاعل مع الآخرين وممن عاشوا ظروفا متشابهة، له فوائد كبيرة لكل أفراد المجموعة الذين يتفاوتون في استقبال الأمر.