عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Apr-2020

الكباريتي في همة وطن - رمزي الغزوي

 

 الدستور- راسلني طفلٌ في الثامنة من عمره، عبر الماسنجر يسألني أن أساعده في إيصال تبرعه إلى اللجنة، التي شكلتها الحكومة لجمع التبرعات لمجابهة كورونا. وقال بأنه يتبرع بحصالته كاملة، وهو لا يعرف مقدار ما بها من نقود، ولكنه أخبرني بأنها ثقيلة، ولم تعد (تخرخش)؛ لكثرة ما بها من دنانير. 
 
 أبهجتني الرسالة وأفرحتني الروح المعطاءة، التي يتحلّى بها طفل رفض حتى أن أذكر اسمه هنا. والرسالة تأتي في وقت سمعنا فيه أن بعض أصحاب الرواتب الثرية سجلوا لطلب معونة عبر منصة الضمان الاجتماعي. لكن هذا الطفل يخبرنا بأن بلدنا ما زال في نقاء ووفاء. ويؤكد لنا أن الثراء لا شأن له بالغنى. فكم من ثريٍّ لا دور له إلا التمرغ بخير بلده وهي في رخائها. 
 
 لن يكون عالمنا بعد كورونا كما كان قبلها. هي حرب ضربته وفتت كثيراً من علاقاته وتحالفاته وسياساته. الكورونا هي الحرب العالمية الرابعة، بعد حربين ناريتين وثالثة باردة. والأهم أنها حرب ستمتد وتتمدد، وستجبر العالم أن يعيد النظر في كل شيء حوله. وستجبر الواحد منا أن يعيد قراءة نفسه من جديد. 
 
 المحن تختبر معادن الناس وأصالتهم. والجميل أن غالبية مجتمعنا هم ذهب خالص، رغم بعض الشوائب هنا وهناك. فالشعور الكبير بالامتنان تجاه مؤسساتنا الطبية والعسكرية والامنية ينبع من وقوف الشعب مع نفسه. شعب قد يعارض حكومة بلده وينتقدها، ولكنه يقف معها بكل ما في الوقوف من معانٍ إن جدَّ الجدُّ. 
 
 فكيف ننسى بعض الشركات والبنوك والمؤسسات والشخصيات، وهي تبادر بدعم الدولة لتواجه حرب الكورونا. الناس كانت الأسبق في الالتفات لهذه الثيمة العظيمة، التي لا تتمتع بها كثير من الشعوب. ولكن الحكومة تداركت الوضع بسرعة وحكمة، وأسست صندوق (همة وطن)، برئاسة شخصية وازنة مخضرمة سياسياً ومصرفيا واجتماعياً. 
 
 فأن يكون على رأس الصندوق عبد الكريم الكباريتي، رئيس الوزراء الأسبق، العنفواني المحنك، ثاقب النظر وبعيده، المعروف بتحليلاته ونظراته الاستشرافية العميقة. فسنأمل الخير كل الخير واكثر. ليس فيما لمسناه سريعاً، من حثه كثيرا من البنوك أن تعيد النظر في حجم دعمها للصندوق، الذي نتوقع أن يسجل أرقاما مبهرة، بل الخير أيضاً في أن يمتد دور الرجل مستقبلا؛ ليشمل معالجة ذكية لجروح وقروح ما بعد كورونا وظلالها. 
 
 في مثلنا الشعبي الشهير أن الإبل تشيل (ترفع) أحماله بقوة قلوب أهلها. والأردنيون لم يكونوا يوما إلا ذوي قلوب معمورة بالهمة التي لو تعلقت بالثريا لنالتها. نأمل خيراً بالصندوق وبالقائمين عليه، وبمجتمع سيقف مع نفسه. 
 
 وسيبقى أن أقول، أن أكرم واحد فينا؛ سيظل أبا حصالة لا تخرخش. فهو قد جاد بكل ما يملك. ولربما هذا سيعلم من يكنزون أموالاً لن تعدل يوما نعيشه بعافية وخير، في وطن آمن.