عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-Jun-2022

خدعة المجتمع المحافظ*بلال حسن التل

 الراي 

«هذا غريب عن عاداتنا وتقاليدنا», هذه أكثر عبارة يتم تداولها في أحاديثنا وكتاباتنا، عندما تقع جريمة بشعة في بلدنا، رددنا هذه العبارة عندما قتلت الطالبة الجامعية نهاية الأسبوع الماضي، ورددناها عندما وقعت جريمة الزرقاء التي تم خلالها التمثيل بشاب وتشويهه، ونرددها عندما يقتل الإبن امه ويقتل آخر أباه، وردنناه عندما قتل زوج زوجته، أو الأب ابنائه، ونرددها عندما حدث العكس.
 
ما نفعله عند وقوع كل جريمة في بلدنا هو خداع للذات، وإغماض للعيون عن مستوى التدهور الأخلاقي والقيمي الذي وصل إليه مجتمعنا، وكانت نتيجته كل هذه الجرائم التي نقرأ عنها بصورة شبه يومية، والتي ترسم لها صورة مرعبة التقارير الدورية التي تصدرها مديرية الأمن العام عن عدد الجرائم التي تقع في بلدنا ونوعيتها، وكل هذا الذي نقرأه ونسمع عنه حول انتشار الجريمة في بلدنا، يؤكد أن مقولة «غريب عن تقاليدنا وعاداتنا»، هي مقولة خادعة نخدع بها أنفسنا، لا يوازيها في خداع النفس إلا مقولة أننا مجتمع محافظ، وهما عبارتان نستخدمهما لله?وب من مواجهة الحقيقة، فأي مجتمع محافظ هذا الذي تغص سجونه بالمجرمين من قتلة وبلطجية وفارضي اتوات، ولصوص ومزورين، وحشاشين ومهربي مخدرات. وأي مجتمع محافظ هذا الذي يقع فيه زنا المحارم، وتتحول به الاف النساء الى غارمات مطاردات مهددات بالسجن، لأن أزواجهن او اباؤهن دفعوا بهن للاستدانة نيابة عنهم؟
 
مقتل الطالبة الجامعية داخل حرم الجامعة، فوق أنه يؤكد أنه لم يعد للكثيرين من ابناء هذا المجتمع محارم يراعون حرمتها،فانه يشكل اكثر من جرس إنذار يقرع مسامعنا، لننهض من غفوتنا،ولنتوقف عن خداع الذات بمقولة اننا مجتمع محافظ، ولنعترف بحجم التغيرات السلبية التي دخلت على مجتعنا،وغيرته تغيرا يكاد يكون كاملا، تغير اول ضحياه التكافل والتضامن الاجتماعي الذي كان يربط بين الناس،قبل ان نعيش هذا الزمن الذي لم يعد فيه الجار يعرف جاره،ولم يعد فيه القريب يرى قريبه، فتقطعت الأرحام،وهانت على اهلها، زمن صارت فيه مأتمنا حفلات است?بال، وجلسات صفقات، أو مجالس نميمة، زمن صارت فيه اعراسنا تغص بالرياء الاجتماعي.
 
وحتى لا تتحول جريمة قتل الطالبة الجامعية داخل حرم جامعتها إلى مجرد رقم في احصائيات الأمن العام، فإن علينا مواجهة ظاهرة الجريمة وارتفاع منسوبها وتنوعها في مجتمعنا، من خلال عمل علمي جاد، وجهد مجتمعي مركز ومنظم، يقف في وجه الجريمة المنظمة التي تلوح في أفق مجتمعنا ليس فقط من خلال فارضي الأتاوات، بل من خلال ما هو أخطر.