عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    09-Dec-2019

عجلون : البيوت التراثية في قرية دير الصمادية الجنوبي ..إرث تاريخي وذاكرة حية

 

عجلون - علي القضاة - الدستور- تشكل المباني التراثية والاثرية في عجلون ومناطقها، تاريخا عريقا ومؤثرا في حياة الاجيال، وذاكرة حية ستبقى شاهدة على ايام مضت عانى فيها الاباء و الاجداد كثيرا لتوفير الحياه الكريمة لعائلاتهم؛ إذ كانت هذه المباني باشكالها المتعددة وطرز بنائها المستوحى احيانا من طبيعة المكان والبيئة واحتياجات الاسرة، ما يؤكد ان تلك المنازل و البيوت كانت تستخدم لاغراض متعددة.
وتعتبر البيوت التراثية والتاريخية في منطقة دير الصمادية سواء الجزء الشمالي او الجنوبي، شاهدا على عظمة وتاريخ هذه المنطقة التي تقع على بعد 10 كم الى الغرب من مدينة عجلون على طريق الهاشمية.
ويعتبر دير الصمادية من المواقع الاثرية و التراثية نظرا لما يتمتع به من خصوصيه، فما زالت ابنيته التراثية خير شاهد على العصر؛ إذ لم يطرأ اية تغييرات عليها وما زالت تحتفظ بتراث وطراز معماري يعكس التقاليد المعمارية المحلية للقرن التاسع عشر ومنتصف القرن العشرين، حيث تم ذكر هذه المواقع من العديد من الباحثين أمثال شوماخر، ونيلسون جلوك ، وميتمان.
ويقع دير الصمادية على الطريق المؤدي الى مقام عكرمة بن ابي جهل أحد شهداء معركة اليرموك، ومقام علي مشهد الذي يرجع الى العصر المملوكي، وقد قام الباحث فان بيرشم بدراسة النقش الكتابي الذي كان في الموقع و نشر مقالة عن هذا النقش في مجلة النقوش المختصة بنقوش جنوب بلاد الشام.
 كما تعتبر قرية دير الصمادية شاهدة على تاريخ وحضارة بناها الإنسان العجلوني، كما تعد دلالة أكيدة على تجذر أصول طيبة، وان من بنى طيبة حفروا الصخر وسطروا فوق كل صماء حكاية لتقرأها الأجيال القادمة وأثاروا الأرض وعمروها بفيض من قطرات جباههم وحافظوا على إرث عظيم متوارث من الأجداد، فشكلت ذرات التراب كلمات فوق كل شبر أرض هناك، كنا هنا ومازلنا وسنبقى قصة عشق ورواية جذورنا راسخة في أرض طاهرة حكاية تاريخ ورواية حضارة وشموخ إنسان قطرات جبينه ماء تروي عطش الأرض لينبت الزهر ليفوح عطره في أرجاء المعمورة. وهناك على مفترق طرق مازال عبق ذكراهم يؤجج الشوق ومدعاة للتفكير في جلدهم، فقد تركوا إرثاً وأثراً خالداً سطروا بأحرف معاناتهم فوق كل حجر بيت على كل ساقية بئر وجذع كل شجرة على أعتاب الدرب مع نسائم بيسان تاريخاً لن تمحوه غبار النسيان ولن تبدده أعمدة الضباب، كل شجرة شاهدة على شموخ إنسان ذلك المكان، كل حجر قصة عشق للتراب وكل قطرة من ماء الجبين نهر عشق وفيض حنين.
قرية دير الصماديه ما زالت تحتضن عدداً كبيراً من البيوت التراثيه التي بنيت من الحجر والطين حيث سكنها الأهل والأحبة من أبناء عشائر الصمادي لفترات طويلة جداً، وكانت بالفعل نموذجاً جميلاً ورائعاً في تلاحم الأهل وحبهم لبعضهم البعض.
قد يكون من الصعب جداً اليوم السكن في هذه البيوت بسبب طبيعتها التي تفتقر لكثير من الخدمات التي يحتاجها جيلنا الحاضر، لذلك فإن بقاء هذه البيوت ايضاً على حالها ليس هو الحل المطلوب.
لكن أحد الحلول المطروحة والتي سمعناها من بعض المهتمين والمختصين هو أن تتحول المنطقة كلها الى قرية تراثيه عجلونية تجسد واقع الحياة التي كان يعيشها الأباء والأجداد خلال القرنين الماضيين، وأن تتحول بعض هذه البيوت الى متاحف شعبية تعرض فيها كل تراثنا الزاخر بالحضارة والإبداع والتميز.
 فإننا نتمنى على كل أصحاب القرار في وطننا الغالي أن يلتفتوا جيداً الى قرية  دير الصماديه، فهذه القرية إن وجدت العناية والاهتمام اللازمان ووضعت على الخارطة السياحية لمحافظة عجلون سيكون لها بالتأكيد شأناً كبيراً لا يقل أهمية عن كل القرى التراثية التي سمعنا عنها في معظم أقطارنا العربية.
فليس من الصعب مثلاً أن يخصص جزء من موازنة مجلس محافظة عجلون أو من وزارة التخطيط أو من أي جهة مانحة أخرى لإجراء عمليات الترميم اللازمة لهذه البيوت التراثية والتفاهم مع أصحاب هذه البيوت الذين بالتأكيد لن يمانعوا في إعادة إحيائها، وقد سمعنا اليوم كلاما طيبا من أصحاب هذه البيوت وعلى رأسهم الحاج أبو محمد الصمادي والدكتور وليد الصمادي وإخوانهم كلاما طيبا، يؤكدون فيه أنهم على أتم الاستعداد للتعاون مع  أي جهة كانت لترميم هذه البيوت واستغلالها على الوجه الأمثل.
 قرية دير الصمادية هي قيمة تراثية كبيرة جداً يجب علينا جميعاً التكاتف وبذل قصارى جهدنا لإعادة الروح لها، فهذه القرية من الممكن أيضاً أن تكون وجهه مفضلة لكل أصحاب شركات الإنتاج في عالمنا العربي الباحثين والمنتجين للبرامج والمسلسلات التراثيه، كما أنها من الممكن أن تستقطب في حالة ترميمها عدداً كبيراً من الزوار من داخل وخارج الأردن، وسينعكس تأثيرها الإيجابي على كل سكان المنطقة.