الدستور- لقد كان الإنسان على اختلاف مراحله الاجتماعية يميل إلى وضع حدود وإرشادات ويبحث عمّن يوجههه ويحقق له الأمان بدءاً من الأب والأم في الطفولة؛ ويتغير مصدر التلقي تبعا للتغيرات العمرية والبيئية.
فتطورت حاجة المجتمعات الإنسانية المتسعة إلى تشريعات وقوانين تنظمها فالأمن والوفاق الإجتماعي حاجة بشرية أساسية كالحاجة الى الطعام والشراب؛فهي بمثابة خارطة و (gbs ) لتحقيق الهدف والوصول،فمن منا لا يحتاج نصيحة أو دليلا لمواصلة الحياة بما يتماشى مع الخير والفضيلة ؟
و في منظور السياسة يختلف الأمر فيمتلك التوجيه أحياناً سلطة وسيطرة تجعله مسؤولا عن التغيرات الطارئة بما يلحقها من ضرر أو نفع.
إن ما يجعل الإنسان أكثر قوة في عالمنا اليوم هو أن يكون أكثر انفتاحاً على الآخر وأكثر قدرة على التعامل مع التحديات والظروف؛غايته وهمُّه تحقيق النفع دون تبعات وأضرار بالآخرين.
فالعجز عن السيطرة يجعل الإنسان يعيش لحظات من التشاؤم كما يؤكد ذلك الفيلسوف الارجنيتي أوغست ماريو.
فما أكثر المتحكِّمين المخالفين للنموذج الإنساني السليم في هذا العالم ؛ الزوجات متحكِّمات الآباء،الأبناء،المسؤولون كلهم يتحكمون!
ليبدو العالم وكأنه تحت تأثير تنويم مغناطيسي ليتحرك بالاتجاه المطلوب دونما أدنى رفض.
نحن اليوم أمام ضعف حقيقي للإنسان بعد أن اجتاحت أزمة كورونا العالم وتحكَّمت بكل ميادين الحياة وجعلت الدول والقوى تنكفئ على نفسها، وتعود لمجتمعها الأضيق لتتمكن من التعامل مع التحديات بسن توجيهات وتشريعات جديدة لتخطي آثار هذا الضعف؛ وكأننا أمام صورة عكسية لذلك التوسع الإنساني الذي عاشته البشرية لعقود خلت.
تفاوتت الدول في إدارة الأزمة بما يتناسب مع كونها جائحة تتطلب إجراءات صحية من الطراز الأول؛ فنجح البعض وفشل الآخر ؛ ومن نماذج النجاح كانت الأردن إنموذجاً لتتحقق مقولة: الإنسان أغلى ما نملك.
فعزز ذلك المواطنة ووحد القلوب.
في مقال لها تساءلت الكاتبة الأردنية عاتكة العمري:»هل سننجح كمجتمعات في التخفيف من وطأة كورونا وآثارها ونساعد في بناء نسيج مليء بالثقة والمبادرة،وتحت ضغط الجائحة وآثارها ! «
أستطيع أن أجيب فأقول: نعم نجحنا وسننجح في ذلك على مستوى وطننا الصغير مساحة الكبير محبة في قلوبنا والأكفأ قيادة وحكمة فأصبحنا أكثر وعيا ومرونة؛ ليسجل الفايروس مغادرة سريعة.
عكس التصريحات التي كانت تبحث عن أهداف ومآرب أخرى، أو كما يقال في العامية : ( كل واحد بدير القرص على ناره ) ونار كورونا لن تخمد فتيلها إلاَّ بعد أن تخمد قوى الباطل، وبعدها ستكون سلاماً وبرداً على العالمين.
فيجب على الدول أن تأخذ على عاتقها حصر الوباء ليس فقط بمصطلحات تسويقية : كمامة،ومخالط، والتسويق عن بعد ؛ بل أيضاً بما يبحث في لبِّ الوباء بالتركيز على لقاح أو علاج.
نعم لقد غابت الحكمة عن الكثيرين وتحكَّم كورونا بالمشهد ونحن بانتظار كبسة زر واحدة لإنهاء الوباء بعد أن راوح منحنى الإصابات ثبوتا ونزولا.
ويبقى أن نقول أن السّتار بات يتكشف عن رؤية أوضح لما بعد كورونا، وليس لمن هو المسؤول عن كورونا؛ لتنهض الشعوب بالتوازي فيما بينها، ويفتح أمامها آفاقا جديدة تهيئة لبيئة عالمية ونظام إنساني جديد.