عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-Dec-2019

أشعريٌّ صوفيٌّ - د.حسان ابوعرقوب

 

الدستور- تابعتُ مجموعةً من أهل العلم الفضلاء عبر تسجيلاتهم، ولاحظت أنهم كانوا إذا سئلوا عن بعض الأشخاص أو المجموعات يجيبون بقولهم: (هذا أشعري صوفي، أو هؤلاء أشعرية صوفية) وكأنها سُبة للآخرين، وكأنهم يذمّون هؤلاء المسئول عنهم، ويُعيّرونهم بأنهم من الأشاعرة أو الصوفية؛ ولأنّ كثيرا من غير المنتسبين لأهل العلم لا يعرف ما الأشعريّ وما الصوفيّ، وكي لا تلتبس المصطلحات أبيّن باختصار معنى الأشعريّ والصوفيّ.
الأشاعرة، لبُّ أهل السنة والجماعة، وهم المنتسبون إلى أبي الحسن الأشعري (ت:324هـ) الذي حرّر العقيدة الإسلامية على الكتاب والسنّة وفهم سلف الأمّة، فأخذ بعقيدته مئات الملايين من المسلمين سلفًا وخلفًا وما عليه عامّة أتباع المذاهب الأربعة وأهل التفسير والحديث، كأبي بكر الإسماعيلي صاحب المستخرج على البخاري، والبيهقي، وابن عساكر، وإمام الحرمين الجويني، وحجة الإسلام الغزالي، والنووي، والرازي، والسبكي، وابن حجر العسقلاني، وغيرهم خلق كثير.
وملخّص العقيدة الأشعرية الإيمان بالله تعالى، وملائكته، وكتبه، ورسله، والقدر خيره وشره من الله تعالى، وأنّ الله تعالى واحد أحد، فرد صمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، وأنه تعالى حيٌّ، عليمٌ فلا يخفى عليه شيء، قديرٌ فلا يُعجزه شيء، مريدٌ ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ولا يكون في ملكه إلا ما يريد، متكلّمٌ بلا حرف ولا صوت، ليس كمثله شيءٌ، وهو السميع البصير. هذا ملخّص العقيدة الأشعرية فهل فيها ما يُعيب أو ما يخجل الإنسان منه، وهي لبّ عقيدة أهل السنة والجماعة؟
أما الصوفية، فقوم آمنوا بأنّ العلم لا ينفع وحده، بل لا بدّ له من العمل، والعمل لا بدّ له من الإخلاص، وأن الأخلاق شيء مهم في ديننا فمن زادك عليك بالأخلاق زاد عليك بالتصّوف، ويؤمنون أنّ من عَمِل بما عَلِم، أورثه الله عِلْمَ ما لم يَعْلَم، والله هو الفتاح العليم. ولذلك يُكثرون من العلم الشرعي، وذكر الله، وتذكير بعضهم بمحاسن الأخلاق ليأخذوا بأحسنها، ويخلّصوا أنفسهم من الأخلاق الرّديّة، ليصلوا لرتبة الإحسان، وهي أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، فهل في هذا سُبة، أو ما يَخجل الإنسان منه، أو يُعيّر بسببه؟
فإن قيل: المجموعة الفلانية من الأشاعرة تخالف السنة أو الفئة الفلانية من الصوفية ترتكب البدع المتفق عليها بين الفقهاء، فالجواب: أنّ الأشعرية أو الصوفية ليستا حزبا يُحسب الناس فيه بعضهم على بعض، بل هما منهجان أحدهما للاعتقاد والآخر للتربية، أما سلوك الأفراد فكلٌّ مسؤول عن سلوكه، والله تعالى أعلم.