عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-Jun-2022

تحدّي الكم والكيف*د. أحمد يعقوب المجدوبة

 الراي 

من المهام الأساسيّة لمُؤسسات التعليم العالي رفد المجتمع بالكفاءات في المجالات التي يحتاجها ليضمن قدرته التنافسية وتقدمه وازدهاره.
 
والعلاقة العددية هنا طردية، فكلما ازدادت حاجات المجتمع كلّما اضطرت المؤسسات لقبول عدد أكبر من الطلبة. والعكس صحيح.
 
ويزداد الأمر ثِقَلاً على مؤسساتنا في ظل وجود عاملين مُهمّين: أوّلهما ضعف الإقبال على التعليم التقني والمهني الذي يؤهل الطلبة تأهيلاً كافياً في المراحل المدرسية ويُجنّبهم الحاجة للالتحاق بمؤسسات التعليم العالي التي يغلب على معظمها الطابع الأكاديمي؛ وثانيهما اعتماد مؤسسات التعليم العالي عندنا، العامة منها والخاصة، على الرسوم لتغطية كُلَفِها.
 
من هنا يكون اللجوء إلى قبول أعداد أكبر.
 
وقبول أعداد أكبر يعني بالضرورة تعيين عدد أكبر من أعضاء هيئة التدريس وموظفين إداريين وتوفير أجهزة ومرافق مساندة، إضافة إلى التوسع في فتح التخصصات الجاذبة والتي تجعل الجامعات نُسَخاً مُكررة من بعضها، وتفقدها سمة التّمايز.
 
والسؤال المهم هنا، في ظل هذا البعد الكمي المتزايد على مستوييه المتعلقين بالطلبة والكادر الأكاديمي والإداري، ماذا يحدث للبعد الكيفي، أي المتعلق بجودة الأداء وهو العامل الحاسم اليوم في ظل حاجات المؤسسات المُوَظِّفة إلى كوادر تمتلك مهارات ملائمة للأعمال المتوافرة لديها؟
 
نُذكّر أنه في سنوات خلت، وبالذات في الستينات والسبعينات والثمانينات من القرن الماضي، كان العرض أقل من الطلب، فكانت المؤسسات المُوظِّفة وطنياً وإقليمياً تستوعب أعداداً كبيرة من الخريجين متنازلة أحياناً عن بعض الشروط والمواصفات.
 
أما اليوم فالأمر مختلف، لأن العرض أكثر من الطلب، ولأن الطلب مُنصبّ على أعمال ووظائف تتطلب مهارات مُحدّدة وفق معايير صارمة؛ ومعظم من يتخرج لا يملك المهارات الكافية فتكون النتيجة إما الفشل في الحصول على وظيفة ملائمة أو الحصول على وظيفة أقل من المرجو.
 
وواضح أن البعد الكمّي، في غياب الإدارة المُحترفة للبرامج الأكاديمية من قبل المعنيين بها، إداريين وأعضاء هيئة تدريس، يؤثر على جودة المخرجات سلباً.
 
وفي ظل التوسع غير المدروس في القبول والبرامج والتعيينات، وعدم وجود خطة دقيقة ومحكمة للتعامل مع هذا التوسع، يصبح التّرهّل سيد الموقف، فتكثر المشاكل ويتردى الأداء.
 
ما الحلّ؟
 
لا يوجد حل واحد يناسب جميع الحالات. لكن هنالك مجموعة من الحلول يمكن أن تأخذ بها كل مؤسسة مجتمعة أو منفردة حسب الحاجة.
 
أولاً، ضبط الأعداد ضبطاً صارماً، واللجوء إلى تقليصها بعمليات جراحية إن لزم لتصل إلى مستويات تُمكّن الجامعة من التعامل معها بكفاءة، فكلما زاد العدد زادت التحديات، والملاحظ أن معظم مؤسساتنا لم تثبت أعدادها الكلية، سواء على مستوى المؤسسة أو البرنامج أو المادة.
 
ثانياً، تجميد وإلغاء البرامج الراكدة والمُشبعة.
 
ثالثاً، التأهيل والتدريب المستمرين لأعضاء هيئة التدريس وتصفير أية إشكالات أو نقاط ضعف لديهم.
 
رابعاً، إرشاد أكاديمي ونفسي مستمر ومحترف للطلبة منذ دخولهم حرم المؤسسة في اليوم الأول ولغاية تسلّمهم الشهادة في حفل التخرج.
 
خامساً، تطبيق الأنظمة والتعليمات بدقة لضمان جودة الأداء.
 
وبعكس ذلك، فسنكون أمام إشكالات أساسية تُؤثر سلباً على جودة التعليم.