الفلسطينيون يطالبون بتغيير آلية التوزيع وتولي الأمم المتحدة مسؤوليتها
الغد-نادية سعد الدين
يواصل الاحتلال ارتكاب المجازر الدموية بحق آلاف المدنيين الفلسطينيين الذين يتجمعون في المناطق المخصصة لتوزيع المساعدات الإنسانية، بدون أي مساءلة دولية، وسط مطالب فلسطينية متكررة لتغيير آلية التوزيع وتولي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية مسؤوليتها.
ويرى الفلسطينيون أن الآلية الصهيونية الأميركية لتوزيع المساعدات الإنسانية تحولت إلى غطاء لارتكاب المزيد من جرائم الإبادة الجماعية بحق المدنيين الفلسطينيين، ضمن إطار استخدام الاحتلال سلاح التجويع والحصار في حربه العدوانية على قطاع غزة.
ففي جريمة جديدة له؛ أطلق الاحتلال نيرانه العدوانية أمس باتجاه العديد من الفلسطينيين أثناء انتظارهم أمام نقطة "توزيع مساعدات"، في كل من وسط قطاع غزة وغرب مدينة رفح، جنوباً، مما أسفر عن ارتقاء 11 شهيداً فلسطينياً وإصابة العديد من الجرحى.
وخلال الـ48 ساعة الماضية؛ تسبب القصف الجويّ الصهيوني في استشهاد 202 شهيداً و1037 جريحاً، مما أدى لارتقاء نحو 186 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال، منذ عدوان الاحتلال ضد القطاع في 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، وفق وزارة الصحة الفلسطينية بغزة.
وقد طالبت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد"، أكثر من مرة بإلغاء آلية توزيع المساعدات الحالية، وضمان إيصال المساعدات عبر الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، وعلى رأسها وكالة "أونروا".
كما دعت المجتمع الدولي والأمم المتحدة والدول الأطراف في اتفاقيات جنيف إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية والقانونية لوقف "جريمة الإبادة الجماعية"، بالتزامن مع ضرورة اتخاذ خطوات دولية عاجلة لتوفير الحماية الدولية للمدنيين الفلسطينيين، وتفعيل آليات المقاطعة وفرض العقوبات على الاحتلال ومحاسبته.
في حين اعتبر المرصد "الأورومتوسطي" لحقوق الإنسان، ومقره جنيف، أن مراكز توزيع المساعدات تحوّلت إلى مصائد موت، إذ تُستهدف فيها التجمعات المدنية بشكل مباشر، بينما تتفاقم المجاعة، ما يرفع عدد الضحايا المدنيين.
وقال إنّ إصرار الاحتلال على الاستمرار في آلية توزيع المساعدات على هذا النحو، ووضع نقاط التوزيع في أماكن خطيرة، وإحضار كميات قليلة من المساعدات يوميًّا دون نظام للتوزيع أو المستحقين، يعني وجود سياسة متعمدة لخلق حالة فوضى متعمدة وارتكاب المزيد من الجرائم بحقهم.
وحذّر من التصعيد الحاد في جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، معتبراً أن هناك تكثيفا غير مسبوق لعمليات القتل الجماعي، في ظل غياب تام لأي شكل من أشكال المساءلة أو الردع الدولي.
وأوضح أنه وثّق خلال الأيام الأربعة الماضية فقط استشهاد أكثر من 350 فلسطينياً، وإصابة المئات، مع استمرار ارتفاع أعداد المفقودين تحت الأنقاض، نتيجة هجمات الاحتلال المكثفة التي طالت ما تبقى من المناطق السكنية والملاجئ المكتظة بالمدنيين المهجرين قسراً، ومراكز توزيع المساعدات الإنسانية التي يفترض أن تكون ملاذاً آمناً.
وأشار البيان الصادر عن المرصد إلى أن "أكثر من 70 فلسطينياً استشهدوا منذ أول أمس، نصفهم أثناء انتظارهم أو محاولتهم الوصول إلى نقاط توزيع الغذاء، بما يقدم دليلاً إضافياً على استخدام الاحتلال للمجاعة كسلاح إبادة جماعية متعمد".
وأكد أن التسلسل الممنهج والمروّع، الذي يجمع بين القتل والتجويع والحرمان المنظم من النجاة، يثبت وجود نية صهيونية واضحة لتدمير السكان الفلسطينيين في غزة جزئيًا أو كليًا، بما يحقق أركان جريمة الإبادة الجماعية بموجب القانون الدولي.
وأضاف أن استمرار هذه الجرائم يأتي في ظل عجز دولي واضح عن التدخل لوقفها، داعياً إلى "تحرك دولي فوري لإنقاذ ما تبقى من شرعية المنظومة الدولية"، وفق تعبيره.
ويأتي هذا التصعيد في جرائم القتل بالتوازي مع سياسة التهجير القسري التي ينفذها جيش الاحتلال، إذ يواصل، ولليوم السادس والثلاثين على التوالي، دفع أكثر من 300 ألف فلسطيني للنزوح غرباً داخل مدينة غزة، على وقع منالقصف العنيف والنيران التي لا تتوقف.
وبحسب المعطيات الفلسطينية الرسمية؛ فقد أدى استئناف عدوان الاحتلال ضد غزة في 18 آذار (مارس) الماضي، عقب إنهاء وقف إطلاق النار من جانبه، إلى استشهاد أكثر من 5,400 فلسطيني، غالبيتهم من المدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال.