عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    12-Oct-2019

أعمی بولائه لترامب: نتنیاهو یکتشف انه یلتقي نمرا من ورق - شلیف حیمي
ھآرتس
فقط ھناك تلمیح واحد أعطي مؤخرا بأن بنیامین نتنیاھو یعترف بسقوط استراتیجي تعرضت لھ إسرائیل. ذلك ھو اختیاره للعودة إلى الشعار المعروف من الأیام السابقة. ”إسرائیل ستدافع عن نفسھا بقوتھا الذاتیة“. في خطاب القاه أمس في احتفال لتخلید ذكرى شھداء حرب یوم الغفران في جبل ھرتسل، أثنى نتنیاھو على دعم الولایات المتحدة الكبیر لإسرائیل، لكن ھذه المرة التشدید في اقوالھ انتقل من اظھار الثقة الكاملة بالتصفیة الأمیركیة للوسائل النوویة الإیرانیة الى أن العبء سیقع على الجیش الإسرائیلي في نھایة الأمر.
نتنیاھو یعرف منذ شھر حزیران بأن الولایات المتحدة القت من أیدیھا القدرة على صد إیران بالتھدید العسكري. قرار الرئیس دونالد ترامب أن یلغي في اللحظة الاخیرة عملیة انتقام أمیركیة على اسقاط الطائرة الاستخباریة بدون طیار، حولھ في نظر الإیرانیین الى نمر من ورق. بالنسبة لصدى العملیة في الشرق الأوسط فان الغاء الھجوم حقق تأثیر مشابھ للذي حققھ قرار براك اوباما في آب 2013 ،الامتناع عن مھاجمة سوریة بعد ان استخدمت السلاح الكیمیائي في ضواحي دمشق. القرار أدى في حینھ الى موت نحو 1400 مواطن سوري.
إذا بقي أي شك لدى أي أحد حول ذلك فقد تبدد في ھذا الأسبوع بعد إعلان ترامب عن انسحاب القوات الأمیركیة من شمال سوریة، وھو القرار الذي اعطى الضوء الأخضر لتركیا من اجل شن ھجوم على القوات الكردیة التي تتمركز في المنطقة. ترامب لیس فقط غرس سكین في ظھر حلفاء صدوا بأجسادھم قوات داعش، وتركھم لخطر التعرض لابادة شعب، وھو یقول ”الكردي قام بدوره، الكردي یمكنھ أن یختفي“، بل اعلن ایضا عن نیتھ ترك منطقة الشرق الاوسط.
ولكن عندما تحول ترامب الى نمر من ورق فانھ لا یوجد أي خیار امام نتنیاھو عدا عن مواصلة الركوب علیھ، مثلما یقول المثل الصیني. البدیل ھو مخیف اكثر. تفسیره ھو الاعتراف الھائل بالفشل. نتنیاھو راھن بكل اموالھ على ترامب، ووصفھ بالمسیح المخلص، وحتى استخدمھ كزینة وخلفیة مركزیة في الحملتین الانتخابیتین اللتین اجراھما ھذه السنة. واذا تحققت النبوءات ووجدت اسرائیل نفسھا في حملة انتخابیة ثالثة، فمن المشكوك فیھ اذا كانت الشوارع ومقر اللیكود سیتم تزیینھا بلافتات كبیرة لنتنیاھو وترامب معا.
فشل مزدوج
فشل نتنیاھو، الذي كان في دولة سلیمة سیؤدي إلى عزلھ، ھو فشل مزدوج ومضاعف. من الصعب التصدیق بأنھ لم یعرف مسبقا مع من یتعامل. العنوان كان مكتوبا على الجدار وفي العناوین الرئیسیة في الصحف بأحرف كبیرة واضحة، إلا أن توق نتنیاھو الى محو سجل سنواتھ السیئة مع اوباما، واستحواذه المرضي مع ایران، وتأثره من حرب ترامب ضد وسائل الاعلام وضد الجھاز القضائي، المكروھة علیھ غطت على اشارات التحذیر التي كان یجب أن تجعلھ یتبع سیاسة أكثر حذرا.
إن غطرسة نتنیاھو وشھوة الانتقام التي لا تتوقف لدیھ، شوشت كما یبدو على تقییماتھ. لقد اقنع نفسھ والرأي العام في إسرائیل بأن ھناك ترامبین، الأول ھو الرئیس الأفضل بالنسبة لإسرائیل، الذي كان لھا طوال وجودھا. والثاني ھو نموذج لشخص مصاب بجنون العظمة ومتھور وغیر متزن، یخرب علاقات الولایات المتحدة مع حلفائھا ویستخذي امام اعدائھا. في ھذا الاسبوع كشف الخداع: لقد تبین أنھ یوجد ترامب واحد فقط، وأن نتنیاھو أسس الامن القومي لاسرائیل في السنوات الاخیرة على دعامة متھاویة، على أقل تقدیر.
باستثناء بادرات حسن النیة الرمزیة بشأن الاعتراف الأمیركي بھضبة الجولان ونقل السفارة الأمیركیة الى القدس، التي یمكن التجادل بشأن قیمتھا، لم یبق أي شيء من الآمال التي علقھا نتنیاھو على حلیفھ في البیت الابیض. ورغم الضائقة الاقتصادیة، إلا أن ایران تحولت الى عدائیة أكثر، سواء في مؤامراتھا الاقلیمیة أو تحریر مشروعھا النووي من القیود التي فرضت علیھ في الاتفاق النووي الذي عارضھ نتنیاھو بكل قوتھ. ورغم أن اسرائیل تستمر في تحسین علاقاتھا الخفیة، إلا أن حلم اقامة جبھة اقلیمیة مناھضة لایران تحطم وانھار بدون ظھر امریكي، فان خیار المصالحة مع طھران والاستجابة على عدد من طلباتھا على الاقل، تبدو اكثر جاذبیة من أي وقت مضى.
إن غطرسة نتنیاھو جعلتھ یتصرف وكأن إسرائیل ھي كوكب معزول، مصیره لا یرتبط باستقرار وقوة العالم الحر. لقد عرض على الجمھور الاسرائیلي عرض عبثي على شفا التحایل – وكأن السم والدمار الذي زرعھ ترامب في التحالف التاریخي بین الولایات المتحدة وغرب اوروبا، والتشجیع الذي یقدمھ للدیكتاتوریات الظلامیة، من موسكو وحتى بیونغ یانغ، لا تضر اسرائیل. إن تماھیھ المرضي مع المیول غیر الدیمقراطیة لترامب أعمتھ عن التداعیات المحملة بالكارثة، عن استقرار وتماسك الولایات المتحدة نفسھا. إن ضعضعتھا تشكل خطرا لیس فقط على اسرائیل، بل على كل العالم.
منذ نھایة الحرب العالمیة الثانیة كانت الولایات المتحدة ھي المرساة للعالم الغربي والدیمقراطي.
زعماؤھا، الافضل والاسوأ من بینھم، عملوا بھذا القدر أو ذاك من خلال الوعي الكامل لدور امریكا الحیوي في الحفاظ على الاستقرار العالمي. ترامب في المقابل، رفع ھذه المرساة وأبحر الى مناطقھ الوھمیة. بدلا من الاستعداد لیوم قریب وتعزیز علاقات اسرائیل مع البدائل، من الحزب الدیمقراطي وحتى الدول الأوروبیة، فان نتنیاھو قام بربط سفینة اسرائیل مع رحلة ترامب واصبح من أكبر مؤیدیھ على وجھ الأرض. قریبا ربما سیجد نفسھ معزولا في الملعب وھو یصفق للرئیس الذي یقود بلاده لیس بحزن، بل بضغط وحماسة لا یمكن تخیلھما.
خیانة ترامب الصارخة للاكراد زادت عن الحد. وربما حتى بالاساس في اوساط شخصیات رفیعة في الحزب الجمھوري، التي لم تتجرأ حتى الآن على انتقاده بشكل علني. وحتى مؤیدیھ الافنغلستیین نشروا بیان ادانة ضده. جھود الرئیس للدفاع عن قراره زادت الوضع سوء: الاعلان المضحك لھ أمس بأن الاكراد ”لم یساعدونا في غزو نورماندي“ أثار الغضب والدھشة حتى في اوساط أتباعھ الاكثر ولاء لھ. ترامب بقصر نظره الاجرامي حول نفسھ الى رھینة لرئیس تركیا رجب طیب اردوغان ولضبط النفس الذي سیظھره جیشھ. إن قتل الاكراد سیسجل في غیر صالحھ.
نتنیاھو، مع مؤیدي الرئیس المتحمسین جدا، سیواصل الحفاظ على المظھر الزائد. لا خیار آخر لھ.
ولكن في واشنطن یزداد الادراك بأن ھناك شيء ما متعفن في مملكة ترامب الى درجة أنھ یشكل خطرا على الأمن القومي للولایات المتحدة.
اھتمامات غیر صحیحة
أولا، التدھور في نشر محاولة ترامب لابتزاز رئیس اوكرانیا كي یقدم لھ معلومات تدین خصمھ الدیمقراطي جون بایدن، محاولة ترامب التنصل من البینات القاطعة التي قدمھا البیت الابیض نفسھ في نشر مضمون مكالمة ترامب مع رئیس اوكراني زیلنسكي، اوضحت مدى انقطاعھ عن الواقع.
قضیة اوكرانیا زادت شدة الرد على خیانة ترامب للاكراد. قراره كان یقتضي الادانة حتى ولو استندت فقط على انقطاعھ وجھلھ ووقاحتھ، لكنھا مقرونة بشك كبیر أنھ یوجد ھنا ایضا دوافع مرفوضة أملت علیھ ذلك. توجد لترامب مصالح اقتصادیة واضحة في تركیا. اردوغان رافقھ في العام 2015 في تدشین ابراج ترامب في اسطنبول – اذا كانت ھذه قد لعبت دورا في خطواتھ الاخیرة فان ھذا الفشل سیسجل لیس كقرار متسرع لرئیس وقح، بل كجریمة لا تغتفر. إن عدم مبالاتھ بمصیر الاكراد ھو خطأ كبیر، لكن التخلي عنھم مقابل حفنة من الدولارات ھو جریمة لا تغتفر.
الآن، الرئیس الامریكي ھو كحیوان مصاب، سیفعل كل ما في استطاعتھ من اجل انقاذ نفسھ من صائدیھ. خطواتھ حتى الآن على الصعید الداخلي والخارجي، تدل على أنھ لا توجد مؤسسة، تقلید، مبدأ لا یمس بھ ترامب. سواء من اجل ارضا ”الأنا“ الجامحة خاصتھ أو ملء خزینتھ على حساب منصبھ أو كما یشك الكثیرون، لمواصلة دفع دیونھ لمشغلیھ في الكرملین. نتنیاھو أوھم الجمھور بأن ترامب جید لاسرائیل، لكن بوتین ھو الذي یمكنھ الاعلان بثقة كاملة أن ترامب جید لروسیا – مثلما أن كیم كونغ أون یمكنھ الاعلان بأنھ جید لكوریا الشمالیة، واردوغان بأنھ جید لتركیا، ولیس مستبعدا أیضا أن آیات الله سیقتنعون، ھذا اذا لم یقتنعوا بعد، بأنھ جید بشكل خاص لإیران.