الشرق الاوسط-القاهرة: فتحية الدخاخني
أثار إعلان منصة «إكس» عن ميزة جديدة تتيح فتح الروابط داخل المنشورات تساؤلات بشأن تأثير ذلك في التفاعل مع الأخبار. إذ بينما توقع خبراء إن تساهم الميزة الجديدة في تحفيز سوق المحتوى الإخباري على المنصة، فإنهم رهنوا النجاح بعوامل عدة من بينها «الاستدامة وجودة المحتوى».
معلوم أن ناشرين يشكون من ضعف وصول المنشورات التي تحتوي على روابط إلى الجمهور، الأمر الذي يقلل الزيارات للمواقع الإخبارية، في حين تحاول منصة «إكس»، التي يملكها الملياردير إيلون ماسك، حلّ المشكلة عبر إعلانها عن «اختبار ميزة جديدة تتيح فتح الروابط دون مغادرة المنشور الأصلي»، حسب نيكيتا بير، رئيس قسم المنتجات في «إكس».
بير أفاد عبر حسابه الرسمي على منصة «إكس»، بأنه سيتم تصغير المنشورات في أسفل الصفحة ليتمكّن المستخدمون من التفاعل أثناء قراءة مضمون الرابط. وأرجع ضعف التفاعل مع المنشورات التي تحتوي على روابط إلى أن «المستخدمين ينتقلون إلى صفحات الروابط وينسون العودة للتفاعل على المنشور بالتعليق أو الإعجاب». وأضاف: «إذا كنت صحافياً أو كاتباً وغادرت المنصة في السنوات الأخيرة، فإن عودتك الآن ستكون فرصة للتحول المهني».
الدكتورة مي عبد الغني، أستاذة الإعلام بجامعة بنغازي في ليبيا، والباحثة في الإعلام الرقمي، رأت في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «التفاعل مع الأخبار يعتمد على عوامل عدة من أهمها؛ نوع المحتوى وميل الجمهور إلى التعرض للمحتوى المتسق مع أفكاره». وأردفت: «نوع المحتوى يؤثر بشكل حاسم على مستوى التفاعل الذي يحظى به المنشور... وأبحاث عدة أكّدت أن الصّوَر تولّد مستويات تفاعل (إعجابات، تعليقات، مشاركات) أعلى بكثير، مقارنة بالمنشورات التي تحتوي على روابط إخبارية خارجية، كما ينعكس ذلك في تفضيل المحتوى السلبي والمثير عاطفياً».
ولفتت مي عبد الغني في هذا الصدد إلى أن «تحليلاً لنحو 30 مليون منشور، أظهر أن المحتوى الإخباري السلبي والمثير عاطفياً، هو الذي يحرّك الانتشار بشكل أكبر وأسرع على المنصات».
وبالنسبة لميل الجمهور، قالت مي عبد الغني إن «الجمهور يميل إلى التعرض للمحتوى المنسجم معرفياً مع ما لديه من أفكار ومعتقدات مسبقة، وهو ما يُعرف بظاهرة التنافر المعرفي»، موضحة أن «ميل المستخدم للنقر على رابط منشور ما لا يرتبط فقط بجودة المحتوى الإخباري، بل بمدى توافقه مع تفضيلاته، ما يعزز فكرة الفقّاعات المرشحة في استهلاك الأخبار».
ثم أضافت أن «وضع الروابط الخارجية في منشورات منصات التواصل الاجتماعي يهدف إلى توليد زيارات خارجية للمواقع الإخبارية، ولكن النجاح في توليد نقرة لا يضمن نجاحاً في تحقيق القراءة الفعلية أو الولاء». وتابعت أن أبحاثاً رصدت فروقاً جوهرية في سلوك الزوّار، حسب مصدر الإحالة؛ حيث يظهر الزوار الذين يصلون إلى مواقع الأخبار بشكل مباشر ولاءً، ويكونون أكثر انخراطاً ويظهرون تفاعلاً أعلى بكثير مقارنة بالزوار القادمين من محركات البحث أو من منصات التواصل.
مي عبد الغني ذكرت أيضاً أن «سلوك زوّار المواقع الإخبارية والقادمين من وسائل التواصل الاجتماعي يرتبط بميلهم للمغادرة بسرعة بمجرد الوصول إلى الصفحة الخارجية»، مشيرة إلى تأثير الخوارزميات التي تقلّل فرص ظهور المحتوى الذي يتضمن روابط خارجية.
ما يستحق الإشارة إليه، أنه لسنوات قلّلت منصة «إكس» من وصول المؤشرات التي تحتوي على روابط ما تسبب في تراجع الزيارات وانسحاب عدد من المؤسسات الإعلامية من المنصة.
من جهته، قال الصحافي المصري محمد الصاوي، المتخصص في الرصد والتحليل الإعلامي، لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الخطوة محاولة استراتيجية من (إكس) لإعادة تحفيز سوق المحتوى الإخباري داخل المنصة، بما يعيد جذب المعلنين الذين يفضّلون البيئات الرقمية التي تشهد تفاعلاً نوعياً ومستقراً». وأشار إلى أن «السنوات الماضية شهدت انسحاب عدد من المؤسسات الإعلامية الكبرى من (إكس) على خلفية ضعف العائد من الزيارات الآتية من المنصّة وتراجع معدلات الوصول العضوي إلى الروابط الإخبارية، ما انعكس سلباً على القيمة الإعلانية للمحتوى الصحافي الرقمي».
وأضاف الصاوي أن «هذه الخطوة قد تمثل نقطة تحول في علاقة المنصات الاجتماعية بالإعلام، خصوصاً، إذا نجحت في إعادة بناء جسور الثقة مع الناشرين والصحافيين»، لكنه شرح أن «عودة المؤسسات الإخبارية إلى (إكس) لن تتحقّق بمجرد تحسين تقني، بل ستتطلب شفافية أكبر في آليات التوزيع، وضمانات بعدم تقليص الوصول إلى الروابط، إلى جانب بيئة رقمية تتيح تداول الأخبار والمحتوى المهني بحرية ومسؤولية».